الأثنين 2018/10/29

قمة إسطنبول.. وتحقيق السلام في سوريا

بقلم: كريم شاهين

المصدر: الناشيونال

ترجمة: مركز الجسر للدراسات

غابت كل من دمشق وواشنطن عن المحادثات التي تهدف إلى إنهاء الحرب التي تدخل عامها الثامن.

"وقف كامل لإطلاق النار"، "عملية سياسية شاملة يقودها السوريون " و "عودة آمنة وطوعية للاجئين"..

كانت بعضاً من العبارات التي استخدمها الأتراك والأوروبيون خلال قمة إسطنبول يوم السبت الماضي، والتي تهدف إلى تمهيد الطريق لعملية سلام للحرب السورية التي تدخل عامها الثامن.

لكن نتائج قمة إسطنبول، التي ترأسها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تركيا وشارك فيها كل من فلاديمير بوتين، وأنجيلا ميركل، وإيمانويل ماكرون، لم تقدم الكثير من الحلول العملية لإنهاء الصراع الدموي، ولم تنجح إلا في تسليط الضوء على غياب واشنطن، والمشاركة الأوروبية الكبيرة في محادثات السلام.

جاءت هذه المحادثات بعد شهر من نجاح الدبلوماسية التركية في إيقاف مؤقت لهجوم كبير من قبل نظام بشار الأسد بدعم من موسكو لاستعادة محافظة إدلب، التي تعتبر آخر معاقل المعارضة في سوريا.

أدت المخاوف من وقوع كارثة إنسانية جديدة وتدفق موجات جديدة من اللاجئين باتجاه تركيا وأوروبا إلى بذل المزيد من الجهود لتجنب معركة إدلب.

كما دفعت هذه المخاوف إلى مشاركة برلين وباريس بشكل ملحوظ في محادثات السلام، في الوقت الذي تسعى فيه هذه الدول إلى تفادي الضغوط السياسية التي تواجهها من قِبل اليمين المتطرف المعادي للمهاجرين في جميع أنحاء القارة الأوروبية.

تستضيف تركيا أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ، بينما يعيش في ألمانيا أكثر من نصف مليون آخرين.

وقد وُصفت هذه المحادثات بأنها تُكمل محادثات السلام في أستانا، بقيادة روسيا وتركيا وإيران، التي حجبت عملية السلام التي كانت تقودها الأمم المتحدة. لكن أستانا أيضا فشلت في محاولاتها لوقف العنف، على الرغم من مشاركة قوى ذات نفوذ أكبر على الأراضي السورية.

بدعم من القوات الجوية الروسية والمليشيات التي تدعمها إيران، سيطرت قوات النظام على العديد من المناطق والمعاقل التابعة للمعارضة في كل من حلب وضواحي دمشق وجنوب سوريا، ودفعت المعارضين من المدنيين والمقاتلين على حد سواء باتجاه إدلب لتتم محاصرتهم هناك بعد ذلك من أجل القضاء عليهم واسترجاع المنطقة.

يعتبر تأثير أوروبا ضئيلا على النتيجة النهائية للحرب، بدءا بالتعهدات بتقديم مساعدات لإعادة إعمار البلاد، وصولاً إلى عملية سياسية ذات مصداقية. غير أن القادة الأوروبيين حريصون على التوصل إلى اتفاق يسمح بعودة اللاجئين، على الرغم من الاضطهاد الذي يحتمل أن يواجهوه في وطنهم.

خلال القمة، أصر الرئيس الروسي بوتين على أن اتفاق إدلب لوقف إطلاق النار، الذي أدى إلى إنشاء منطقة منزوعة السلاح على حدود المحافظة، ليس سوى تدبير "مؤقت"، ما زاد من فرضية دعم موسكو للحملة العسكرية التي سيقودها النظام لاستعادة المنطقة في نهاية المطاف وتسليط الضوء على هشاشة الصفقة التي تفاوضت عليها أنقرة.

هذا بالإضافة إلى أن عملية إنشاء لجنة دستورية لصياغة دستور سوري جديد لفترة ما بعد الحرب، باءت بالفشل. وكان مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، قد وصف اللجنة بأنها تنازل رئيسي من النظام، وتعهد بإحراز تقدم في تعيين أعضائها، الذين من المفترض أن يضموا ممثلين عن النظام والمعارضة بالإضافة إلى أعضاء من الأمم المتحدة، وذلك قبل ترك منصبه في تشرين الثاني /نوفمبر القادم.

لكن نظام الأسد رفض إتمام هذا المشروع في وقت سابق من هذا الشهر، في خطوة أظهرت أن الأسد لم يشعر بالحاجة للمساومة مع المعارضة أو المجتمع الدولي في ظل تحقيقه انتصارات عسكرية على الأرض.

من المفترض أن تمهد صياغة الدستور الطريق لإجراء انتخابات، وهي خطوات يصر القادة الأوروبيون عليها في الوقت الراهن.

وكان الرئيس ماكرون صرح قائلاً "لن تكون هناك عودة حقيقية ومستدامة وذات مصداقية للاجئين ما لم تكن هناك عملية سياسية".

هذه العملية السياسية الآن في يد روسيا، الداعم الرئيسي لنظام الأسد، والتي أدى تدخلها في الحرب السورية قبل ثلاث سنوات إلى قلب موازين الحرب في لحظة حاسمة، عندما بدا وكأن النظام آيل إلى السقوط. فبدون دعم عسكري وغطاء سياسي من روسيا، كان حينها مصير الأسد غير معروف.

دون دعم روسيا، لا يرى النظام بُداً من تقديم تنازلات بخصوص الركائز الأساسية لعملية السلام التي تروج لها القوى الثلاث الأخرى في إسطنبول. وبدلا من تشديد الأطراف الساعية إلى تحقيق السلام في سوريا، عمل الاجتماع على إبراز الدور الاستراتيجي الذي تلعبه روسيا في المنطقة.

وكان الرئيس ماكرون قال إن القوى الثلاث تعتمد على روسيا في استخدام نفوذها على النظام.

وبدلا من أن يعرب الرئيس بوتين، عن نيته الضغط على النظام من أجل التوصل إلى اتفاق مع المعارضة، قال إن موسكو تحتفظ بحقها في مساعدة جهود الأسد بنشاط من أجل "القضاء على التهديدات الإرهابية".