الأربعاء 2018/12/05

الكونغرس الأميركي يطالب بانتهاج سياسة أكثر حزماً مع السعودية

بقلم: السيناتور ليندسي غراهام

المصدر: وول ستريت جورنال

ترجمة: مركز الجسر للدراسات


تعتمد قوة الولايات المتحدة على سيادة القانون الذي يقف عقبة أمام أهواء ذوي السلطة.

صوّت مجلس الشيوخ الأسبوع الماضي لصالح تقديم مشروع قرار يُنهي الدعم الأمريكي للحملة العسكرية السعودية في اليمن. وكان وزير الخارجية الأمريك مايك بومبيو حذّر من هذا الإجراء قائلاً إن الولايات المتحدة يجب ألا تقوم بمعاقبة الحكومة السعودية لأن ذلك من شأنه أن يهدد تحالفنا معها ويقوي شوكة الإيرانيين، الشيء الذي أدى إلى تأجيل القيام بتصويت في الوقت الحالي.

لا يريد نحو 63 عضوا في مجلس الشيوخ التزام الصمت، في الوقت الذي تتعرّض فيه المصالح الأمريكية والقيم التي تدافع عنها للخطر. بغض النظر عن تمرير هذا القرار أم لا، فمن المهم أن يُظهر الكونغرس أنه لا مبرر للسلوك السعودي الأخير.

من الخطأ القول بأن الحفاظ على التحالفات الأمريكية يتطلب الاختيار بين السلطة والمبادئ. على المدى البعيد تعتمد قوة أميركا ومبادئها على نظام دولي لا يستطيع فيه ذوو السلطة التصرف طبقا لأهوائهم، وتمكّن سيادة القانون من تحقيق الاستقرار والتدفق الحر للتجارة.

إن قتل النظام السعودي لجمال خاشقجي، وحملته العسكرية الطائشة في اليمن، والحصار الذي يفرضه على قطر، بالإضافة إلى محاولته إقالة رئيس الوزراء اللبناني؛ كلها أفعال تُظهر غطرسة مثيرة للدهشة وعدم اكتراث بالأعراف الدولية من الجانب السعودي.

إذا كانت هذه الأفعال تجعل من محمد بن سلمان "مصدرا للاستقرار" في الشرق الأوسط، فلا أريد أن أرى ما الذي سيؤدي إلى زعزعة الاستقرار.

إن قول هذا لا يبعث على السرور بكل تأكيد. فقد قدمتُ الدعم للنظام السعودي لسنوات، وأنا أتفق مع الرئيس ترامب في أن السعودية لا تزال حليفاً استراتيجياً. ومع ذلك، فلا نطلب الكثير عندما نطالب أحد حلفائنا بعدم إساءة استخدام المعايير المدنية، إن أقل ما يقال عن قتل صحفي خارج إطار القانون داخل منشأة دبلوماسية أنه فعل غير متحضر.

كما إنني لا أتفق مع بومبيو الذي اعتبر الانتقادات التي تتعرض لها السعودية أصداءً لسياسات أوباما والمواقف الداعمة للصفقة النووية الإيرانية المروّعة.

لم أؤيد يوما الاتفاق النووي، ولم أقم بحماية النظام الإيراني. لقد أوضحت في مناسبات عديدة أن خامنئي وأتباعه أشبه بالنازيين المتدينين. يعتبر النظام إيراني مدمرا، ومزعزعا للاستقرار ومعاديا للمصالح الأمريكية ومصالح حلفائنا. كما تشكل الصواريخ التي توفرها إيران للحوثيين في اليمن تهديدا حقيقيا على المدن السعودية وحرية الملاحة والاستقرار الإقليمي. لكن الجميع ساهم في المعاناة التي يعيشها الشعب اليمني، وبالأخص إيران.

لكن إذا تركت السعودية دون مراقبة، فإن سلوكها الأخير سيعزز موقف إيران بإحداث فجوة بين الولايات المتحدة وحلفائنا الآخرين في الشرق الأوسط. كما تحتاج كل من لبنان والأردن وغيرها من الدول إلى معرفة بأن أميركا لن تخضع لنزوات محمد بن سلمان، بالنظر إلى أثره المدمر على العلاقات الأمريكية-السعودية.

نظرا للأدلة التي جمعتها الاستخبارات الأمريكية حول مقتل خاشقجي، فإن إنكار الولايات المتحدة تورّط محمد بن سلمان هو تعامٍ بشكل مقصود. كما إن الفشل في لومه من شأنه أن يعطي الأنظمة الاستبدادية الأخرى الضوء الأخضر لقتل منتقديها. بالإضافة إلى أن تقاعس هذه الأخيرة عن التحرك قد يعطي الانطباع بأن لصمتها سعرا.

يمكن للولايات المتحدة التعامل مع السعودية بحزم أكبر، كما إن لديها النفوذ الكافي لتطالبها بالتحسن. لقد ألزمت هذه الإدارة الولايات المتحدة بإبرام أكبر صفقة مبيعات أسلحة على الإطلاق للسعوديين. كما تلعب أمريكا دور الحامي لأمن السعودية في حالة دخولها بحرب أوسع نطاقا مع إيران وتحمي مدنها وتوفر التدريب لقواتها المسلحة. يتمتع المسؤولون الأمريكيون بالقدرة والمسؤولية الكافية للتمييز بين الدعم المحدود للسعوديين الذي يحمي مصالح البلدين والمساعدة التي تعزز من السلوك السعودي المدمر.

إن الخوف من احتمال عدم تعاون السعودية مع الولايات المتحدة فيما يتعلق بالإرهاب أو إيران ليس أمرا عقلانيا. إذ تشكل هذه التهديدات خطرا كبيرا على السعودية بالقدر نفسه، كما إن مطالبة حلفائنا بالأفضل لن يقلل من شأن العلاقات التي تجمعنا بهم؛ إنها إشارة على أننا نأخذ مبادئنا على محمل الجِد، ولن نسمح لأحد بأن يستغلها سواء أكان صديقا أو عدوا.

يجب على التصويت الأخير أن يُظهر لكل من السعودية وإدارة ترامب أن الكونغرس لا يسعى لجذب الأضواء ا أو "إحداث جلبة"، كما صرح وزير الخارجية. نحن جزء لا يتجزأ من الحكومة، هدفنا حماية مصالح البلد وقيمه وسمعته على المدى البعيد. فعلى أحدهم القيام بذلك في نهاية المطاف.