الأثنين 2018/11/05

السعودية تتجاهل إدارة ترامب بخصوص اليمن

بقلم: بروس ريدل

المصدر: المونيتور

ترجمة: مركز الجسر للدراسات


ردت السعودية على دعوة إدارة ترامب بإنهاء الأعمال العدائية في اليمن بتصعيد الحرب. إن الحرب التي تدور رحاها بين كل من التحالف الذي تقوده السعودية والتي تدعم الرئيس عبد ربه منصور هادي، والحوثيين الشيعة الذين يدعمهم الإيرانيون، كارثة بالنسبة لليمن والولايات المتحدة والمنطقة ككل، لكن قادة الرياض لا يريدون أن يظهروا بمظهر المنهزمين.

دعا وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو الأسبوع الماضي، الحوثيين إلى وقف إطلاق الصواريخ الباليستية على السعودية، كما دعا الإمارات والتحالف الذي تقوده السعودية إلى وقف الهجمات الجوية على الأراضي اليمنية المأهولة بالسكان والجلوس إلى طاولة المفاوضات التي تدعمها الأمم المتحدة. وقال وزير الدفاع الأمريكي، جيمس ماتيس، إن الوقت قد حان لإنهاء الحرب. من المفترض أن تبدأ المحادثات حول التوصل إلى حل سياسي في غضون شهر.

وكانت الإدارة الأمريكية وعدت بتقديم دعمها لمفاوضات الأمم المتحدة، وأن تولي هذه القضية المزيد من الاهتمام أكثر من أي وقت مضى. فقد وضعت قضية قتل السعودية لجمال خاشقجي، الإدارة الأمريكية تحت ضغوط غير مسبوقة من أجل كبح تصرفات ولي العهد محمد بن سلمان المتهورة والخطيرة. تعتبر الحرب على اليمن مبادرة سياسية لمحمد بن سلمان، ويبدو أن الكونغرس مستعد لاتخاذ إجراءات للحد من تورط أمريكا في هذه الحرب بعد الانتخابات النصفية. من المرجح أن تعقد الأغلبية الديمقراطية في مجلس النواب جلسات استماع حول جرائم الحرب التي ارتكبتها السعودية في اليمن وقضية مقتل خاشقجي؛ ومن المؤكد أن سمعة ولي العهد الملطخة ستكون على قائمة المواضيع التي سيتم التطرق إليها.

لكن السعوديين قاموا بتكثيف غاراتهم الجوية على كل من صنعاء والحديدة بدلا من وقف الحرب. وقد تعرضت العاصمة والميناء الرئيسي لقصف شديد من قبل التحالف الذي تقوده السعودية منذ الدعوات التي وجهها كل من بومبيو وماتيس بوقف الحرب.

الإيرانيون من جانبهم، أشادوا بـ"مقاومة الحوثيين"، وأثنوا على صواريخهم المتطورة. يرى الإيرانيون أن خطة إدارة ترامب الجديدة بخصوص اليمن هي نصر للمتمردين.

قلّت شعبية محمد بشكل كبير بسبب مقتل خاشقجي، الشيء الذي جعله متردداً في الاعتراف بهزيمته في اليمن. لقد كلّفت حربه، التي دامت ثلاث سنوات ونصفاً، السعودية أموالاً ضخمة. كما تعتبر الأزمة الإنسانية في اليمن كارثة للعلاقات السعودية العامة بالنسبة لآل سعود، وورقة رابحة بالنسبة لإيران.

بدلا من لعب دور قيادي في العالم العربي، بدت السعودية وحلفاؤها متواطئين في التجويع الجماعي لأفقر دولة في العالم العربي خلال الحرب اليمنية.

تعتبر حكومة هادي التي تدعمها السعودية ضعيفة، كما يعاني هادي من مشاكل صحية خطيرة وأمضى وقتاً طويلاً في الولايات المتحدة لتلقي العلاج. لديه القليل من الدعم في عدن على الرغم من كونه جنوبياً. ويصور الحوثيون أنفسهم على أنهم وطنيون يقاتلون العدو التقليدي للبلاد، فقد غطت الجرائم التي ارتكبتها السعودية على السياسة الوحشية التي يتبناها الحوثيون، في الوقت الذي تُرِك فيه الشعب اليمني ليواجه مصيره ويعيش في الجحيم.

كان من المفترض أن تكون الحرب في اليمن سريعة وحاسمة وأن تجعل من ابن سلمان بطلاً عسكرياً، وتعزز زعمه بأنه المُدافع عن المملكة ضد إيران. فلم يخضع لأي تدريب عسكري كما إنه لا يملك خبرة عسكرية، ولم يعتمد استراتيجية محددة خلال حربه على اليمن، كما أبعد حلفاءه المحتملين الرئيسيين كباكستان وعُمان. يدرك محمد بن سلمان اليوم جيدا أنه لم يحقق أياً من أهدافه بل وأثبت عدم كفاءته.

انقسمت آراء أفراد العائلة المالكة حول الحرب التي تشنها بلادهم على اليمن؛ فقد ألقى شقيق الملك سلمان بن عبد العزيز، الأمير أحمد، باللوم علناً على الملك وولي العهد خلال وجوده في لندن، قائلاً إن العائلة المالكة لا ناقة لها ولا جمل فيما يحدث. عاد الأمير أحمد إلى السعودية الأسبوع الماضي وسط تكهنات بأن يحظى بتأييد الجميع على انتقاده. يدرك ولي العهد تماما أنه لن يبقى في السلطة إذا ما فشلت حربه على اليمن.

يعتمد محمد بن سلمان على إدارة ترامب لضمان بقائه في السلطة بالنظر إلى أموال الصفقات التي أجرتها السعودية مع الولايات المتحدة في العامين الماضيين. ستُنسى قضية خاشقجي، ولن يتخذ ترامب أي إجراء جدي بشأن الحرب في اليمن.

خلال الأسبوع الماضي، كانت رسالة الإدارة الأمريكية واضحة ومباشرة بشأن الحرب التي تشنها السعودية في اليمن وضرورة إنهائها. لدى الولايات المتحدة نفوذ هائل على الجيش السعودي وذلك من خلال السيطرة على قدراته اللوجستية وقطع الغيار اللازمة لشن عملياته. فلا تستطيع السعودية الحصول على قطع غيار طائرات (إف-15) من موسكو أو بكين. لدى الإدارة الأمريكية النفوذ اللازم لإنقاذ ملايين اليمنيين، وقد حان وقت لاستخدامه.