الجمعة 2018/01/19

الديكتاتور المفلس: الأسد لا يستطيع تسديد ديونه لبوتين (ترجمة)

المصدر: ديلي بيست

بقلم: مايكل ويس

ترجمة : مركز الجسر للدراسات


في الوقت الذي يقوم فيه بشار الأسد بزيادة ديونه لدى الكرملين وملالي إيران، يأمل أن يستطيع تسديد هذه الديون من النفط السوري، لكن موسكو تريد مستحقاتها الآن.

بالإضافة إلى التهم الموجهة إلى بشار الأسد من قتل جماعي وتطهير عرقي وجرائم حرب ضد الإنسانية، أصبح الآن يتهرب من تسديد ديونه.

وفقا لماجاء في تقرير سري لوكالة استخبارات غربية اطلعت عليه "ديلي بيست"، فإن نظام الأسد مدين للحكومة الروسية بنحو 60 مليون دولار مقابل شحنة نفط استوردها في تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي.

في الوقت الذي تصر فيه دمشق على أنها تملك المال لتسوية ديونها و يماطل النظام من أجل كسب المزيد من الوقت، ها هو يطلب شحنة أخرى وبسعر أقل هذه المرة.

وبحسب ماجاء في التقرير، فقد رفض الكرملين تسليم أي شحنة أخرى وطلب من السوريين تسديد ديونهم أولا.

في 11 من أيلول / سبتمبر الماضي، قام "دريد ضرغام"، حاكم مصرف سوريا المركزي، بزيارة سرية غير معلن عنها إلى موسكو لمناقشة مستحقات نظام الأسد وشؤون مالية أخرى بين البلدين.

وفي تشرين الأول /أكتوبر الماضي، قامت كل من موسكو وطهران بإرسال ما يعادل مليون برميل من النفط الخام إلى سوريا، وهي كمية، بحسب مراقبين، تؤكد معدل الاستهلاك الوطني منذ اندلاع الحرب هناك.

يضيف التقرير أن " شركة برومسيريمبورت هي من قامت بإتمام الصفقة من الجانب الروسي "، مضيفا "أن كلا من سوريا وروسيا تخططان للاستمرار في هذا التعاون في 2018".

تعتبر "برومسيريمبورت" مؤسسة تابعة للحكومة الروسية التي، وفقا لموقعها، تشارك في "العمليات التجارية في مجال التجارة الخارجية وغيرها من أشكال النشاط الاقتصادي الأجنبي، وتعمل من أجل المساعدة في تطوير الحديد والفحم الصلب وغيرها من الصناعات".

فالروس الذين أهانوا الأسد وأظهروه بمظهر الضعيف والمتّكل، رفضوا إعطاءه شحنة أخرى قبل تسديد ديونه.

التقى ضرغام - الذي يوجد اسمه على قوائم العقوبات الأوروبية والأمريكية خلال زيارته السرية إلى موسكو - وزير الطاقة الروسي، ألكسندر نوفاك، والعديد من ممثلي البنوك الروسية، بما في ذلك مدير بنك SBERBANK الذي يعد أكبر البنوك الروسية، وكذا مدير بنك VEB ومدير CMR ومدير شركة تصدير أسلحة تدعى Rosoboronexport.

والمثير للدهشة أن أسماء هذه البنوك والشركة توجد على قائمة العقوبات الأمريكية على إثر الدور الذي لعبته في تسهيل الغزو والاحتلال الروسي لأوكرانيا.

منذ بداية الحرب السورية سنة 2011، قام مصرف سوريا المركزي بزيادة علاقاته المالية مع عدد من المؤسسات المالية الروسية المشتبه بها.

في 2012، تضمنت تسريبات لويكيليكس رسائل إلكترونية لبشار الأسد تُظهر أن مصرف سوريا المركزي قام بتحويل مبلغ مالي قدره 2 مليار يورو–أي ما يعادل 2.4 مليار دولار- لبنك VTB، وهو بنك تابع للحكومة الروسية لبيع الأسلحة بالتجزئة حول العالم بما في ذلك الولايات المتحدة الشيء الذي أدى إلى وضع هذا البنك على قائمة المؤسسات التي تطالها عقوبات مالية سنة 2014.

كما قامت وكالة رويترز سنة 2013، بعرض تقرير يفيد بأنه في محاولة لمواصلة التهرب من العقوبات الدولية، بدأت البنوك المركزية والتجارية السورية بفتح حسابات مع نظرائها الروس مثل البنك Tempbank في موسكو، من خلال "اقتراح فتح حساب للمقايضة يسمح لدمشق للمتاجرة بالسلع أو النفط مقابل المواد الغذائية التي سيتم شحنها من أوكرانيا ".

لكن هناك مشكلة رئيسية لا تزال تُضعف نظام الأسد، الذي بدأ اقتصاده في التحسن العام الماضي خصوصا بعد موجة الحرب التي تدور الآن في البلاد على نطاق واسع، وهي أن حقول النفط التي استعادها النظام من تنظيم الدولة لا يمكن استغلالها بعد. وعليه، سيتحتم على النظام الاعتماد اعتمادا كليا على واردات النفط والمنتجات النفطية من الباعة الأجانب، ولا سيما إيران وروسيا.

وفي يوليو / تموزعام 2013، قام الإيرانيون بإعطاء قرض لفائدة السوريين تصل قيمته إلى 3.6 مليار دولار ، استخدمت أمواله لاستيراد ما متوسطه 60 ألف برميل من النفط الخام يوميا، أي ما يقارب مليون برميل شهريا. واستمر هذا الاتفاق لبضع سنوات، ثم توقف في كانون الثاني / يناير من العام الماضي، إذ كان من المفترض أن يعاد العمل على أساسه في آذار/ مايو الماضي.

في المجمل، يُعتقد أن الأسد مدين لملالي إيران بنحو 6 مليار دولار، الشيء الذي أدى إلى استياء الكبير في الشارع إيراني، وخروج الإيرانيين في مظاهرات مطالبين فيها بتغيير النظام.

ووفقا للخبير في الاقتصاد السوري ديفيد بوتر، فإن النظام قد يطلب المزيد من القروض من الروس لأن "ضرغام حالفه الحظ مؤخرا"، إذ بدأت أموال المغتربين السوريين بالتدفق إلى البلاد، ما سمح لحاكم مصرف سوريا المركزي بإعادة تقييم الليرة السورية إلى 434 مقابل الدولار بعد ماكانت تصل قيمتها 515 دولارا أمريكيا في تشرين الأول /أكتوبر الماضي، وهو نفس الشهر الذي تم فيه نقل أول شحنة من النفط الخام الروسي إلى سوريا.

وأضاف بوتر أن "ضرغام قد خفف أيضا من قواعد تحويل الأموال، التي نجحت حتى الساعة في تحويلها من خلال النظام التبادل المصرفي الرسمي على حساب السوق السوداء". يضيف بوتر قائلا "لقد ارتفعت سوق الأسهم السورية بنسبة 257 في المئة العام الماضي".

مضيفا أنه لا توجد أية أدلة تشير إلى أن الروس قد باعوا النظام أي نفط خام، لكن من المعقول أن يكون هنالك تقرير لمخابرات سرية ، خاصة بالنظر إلى توقيت أول شحنة تم الإبلاغ عنها في تشرين الأول /أكتوبر من العام الماضي، والذي تزامن معها انتعاش في الاقتصاد السوري.

وفي الوقت نفسه، فإن الأسد ليس في وضع يسمح له بالبدء في نقل النفط الخام من شرق سوريا إلى مصفاة التكرير الرئيسية في بانياس.

كما إن حقول النفط التي استعادتها قواته، وخاصة على الجهة الغربية من نهر الفرات قديمة ومهدمة، خصوصا الآن، بعد الحرب الطاحنة التي دارت ضد تنظيم الدولة لاستعادتها. ولا تزال الحقول الأخرى، والتي يوجد أكبرها في محافظة الحسكة، تحت سيطرة الميلشيات الكردية وفي منطقة تخضع للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة.

وإذا كان لا يستطيع الوصول إليها اليوم، لا يعني أن الأسد لا يقدم تعهدات. يقول بوتر بهذا الصدد "إن شراء النفط من الروس وإعطاء ضمانات بأن يتم تغطية تكاليف هذا النفط من ثروات البلاد النفطية في المستقبل القريب، أمر غير مستبعد".