الأحد 2018/06/03

إندبندنت: هدوء مريب يسود سوريا في الوقت الذي تقرر فيه القوى العالمية مستقبل البلاد (ترجمة )


المصدر: اندبندنت

بقلم: بيتان مكيرنان

ترجمة: مركز الجسر للدراسات


ساد هدوء مريب الخطوط الأمامية السورية هذا الأسبوع، لكن الصفقات التي أشيع أنها أبرمت بين كل من روسيا وإسرائيل بالإضافة إلى الولايات المتحدة وتركيا ستحدد المعارك القادمة.

تعتبر درعا التي تسيطر عليها المعارضة جنوب سوريا جزءاً من صفقة خفض التصعيد والتي استمرت قرابة عام. لكن في الأسبوع الماضي، قام سلاح الجو التابع للنظام بإلقاء منشورات على سكان المنطقة كتب عليها: "رجال النظام قادمون، وخذ قرارك قبل فوات الأوان".

بعد سحق آخر جيوب للمعارضة - بما في ذلك تنظيم الدولة - بضواحي دمشق الشهر الماضي، بعد سنوات من القتال، يسعى بشار الأسد إلى إعادة فرض سيطرته على جنوب البلاد، لكن قواته المنهكة والمجهدة لا تستطيع القيام بذلك دون مساعدة.

لقد لعبت القوات الإيرانية والمليشيات التي تدعمها إيران، كحزب الله اللبناني، دوراً أساسياً في مساعدة النظام على استعادة السيطرة على مدن مثل حلب والغوطة الشرقية في دمشق. كما ساهمت القوة الجوية الروسية أيضًا في قلب موازين القوى لصالح الأسد. وبعد سبع سنوات من الحرب، أصبحت سوريا الآن مقسمة إلى خمس مناطق نفوذ مختلفة.

استعاد النظام سيطرته على معظم المدن الرئيسية والطريق الرئيسي للبلاد. في الوقت الذي تسيطر الفصائل الكردية على شرق البلاد بشكل رئيسي بدعم من الولايات المتحدة. ويقع شمال البلاد الآن تحت سيطرة تركيا بعد شنها حملة عسكرية على عفرين في كانون الثاني/ يناير الماضي، في حين تسيطر جماعات المعارضة على إدلب، نجد من بين هذه الجماعات "هيئة تحرير الشام"، التي صنّفتها الولايات المتحدة مؤخراً على أنها جماعة إرهابية.

وفي الجنوب الغربي، تحافظ فصائل "الجبهة الجنوبية" الذين تدعمهم الولايات المتحدة على علاقات ودية على الحدود مع الأردن ومرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل.

إن التدخل المحيّر لكل هذه للقوى العالمية والإقليمية في مستقبل سوريا هو الذي سيحدد الفصل التالي من الحرب.

أظهرت تقارير هذا الأسبوع بأن روسيا توصلت إلى اتفاق غير مسبوق مع حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ويبدو أن موسكو وافقت على إبقاء القوات التي تدعمها إيران خارج القتال في درعا، ما يخلق منطقة عازلة بطول 19 ميلا على الحدود.

لقد بدأ صبر دمشق وموسكو بالنفاد جراء الصواريخ الإسرائيلية داخل سوريا التي تستهدف البنية التحتية لإيران وحزب الله.

يُعتبر إخراج القوات الأجنبية التي تقاتل في سوريا – على اختلاف أطيافها - قضية أساسية للمعارضة السورية، حيث صرحت بعض هذه المجموعات لصحيفة الإندبندنت هذا الأسبوع بأنها أولوية قصوى.

وقال نصر الحريري، كبير المفاوضين في مجموعة المعارضة الوطنية: "من دون دعم إيران، لا يمكن للنظام أن يحافظ على المناطق التي تقع تحت سيطرته، مضيفاً: "لا يمكن أن يكون هناك حل دبلوماسي أو تسوية في الوقت الذي لا يزال فيه آلاف المقاتلين الأجانب في سوريا يرتكبون جرائم ويثيرون النعرات الطائفية".

على الرغم من الأخبار التي أشيعت عن الجنوب السوري، إلا أنه من غير المرجح أن يتم طرد إيران بسهولة من البلاد.

وقال توبياس شنايدر، باحث في المعهد العالمي للسياسات العامة: "ما الفرق الذي ستحققه السيطرة على 10 كيلومترات إضافية في الوقت الذي يوجد أكثر من 1000 تحت سيطرتك؟"، في إشارة إلى النفوذ الإيراني في المنطقة.

مضيفا أنه "لن يتم احتواء النفوذ الإيراني في سوريا باستعمال الحواجز على بعد 10 أو حتى 30 كيلومترًا. لنفوذها أبعاد اقتصادية وثقافية وسياسية وعسكرية كذلك".

كما صرح شنايدر قائلاً: " إن النظام لن يقطع علاقاته مع طهران على الإطلاق، إدراكا منه بأن التطرف الإيراني يوفر دعماً ضد تسوية دبلوماسية روسية محتملة".

لقد استفاد النظام وحلفاؤه أيضاً من أن عملية جنيف الرسمية للسلام غير قابلة للتطبيق لسنوات تحت رئاسة دونالد ترامب، كما إن أهداف الولايات المتحدة في سوريا قد أصبحت غير واضحة.

يشعر الأكراد في الشمال الشرقي بالقلق من حلفائهم الأميركيين، لكنهم اضطروا إلى العمل معهم بشكل متزايد في الآونة الأخير منذ أن أعطت روسيا موافقة ضمنية لتركيا على الحملة التي شنتها على عفرين في كانون الثاني/ يناير الماضي.

في مقابلة له هذا الأسبوع مع قناة روسيا اليوم، هدد الأسد بشن هجمات على المناطق الواقعة شرق نهر الفرات التي كانت تسيطر عليها قوات "قسد" بدعم أمريكي، وأكد أن وجود القوات الأمريكية هناك – والتي تقدر أعدادها بنحو 5000 مستشار عسكري – لا يمكن السكوت عليه.

قال الرئيس ترامب في أكثر من مناسبة إنه يريد سحب القوات الأمريكية من سوريا ويمنع المساعدات المالية كذلك. ولكن أظهرت تقارير هذا الأسبوع بأن واشنطن وأنقرة قد أبرمتا صفقة تتنازل "قسد" بموجبها عن مدينة منبج لصالح تركيا من أجل تجنب حدوث تصعيد أوسع.

وقال آرون لوند، عضو في مؤسسة القرن، إنه "من غير المرجّح أن يقوم النظام بشن هجوم مباشر"، مضيفاً .. "أعتقد أن الجزء الأكثر أهمية في بيان الأسد هو عندما يؤكد مغادرة الأمريكيين وأنهم سيغادرون لا محالة، ربما كان مجرد اعتقاد وربما كان هذا صحيحاً".

"يقول الأسد إنه يجب إعادة جميع المناطق في سوريا تحت سيطرة النظام، كما يقول إنه يمكن لقوات "قسد" إما العودة طوعاً إلى حضيرة النظام من خلال إبرام صفقة معه أو إعادتها بالقوة، لكن طالما ظلت اتفاقات الولايات المتحدة قائمة مع الروس بخصوص تلك المناطق فإن هناك حدوداً واضحة لا يمكن للأسد أن يتخطاها".

على الرغم من حقيقة أن الحرب قد دخلت في فصل جديد ودموي هذا العام، إلا أن الصفقات التي تم إبرامها بين روسيا وإسرائيل والولايات المتحدة وتركيا جعلت سوريا في حالة من الهدوء وهو مالم تشهده منذ سنوات في الوقت الذي تجري فيه عملية إعادة رسم خطوط المعركة والخطوط الحمراء والسياسات قبل بدء جولات جديدة من العنف. في خضم ذلك كله يبدو الحل الدبلوماسي بعيد المنال.

يقول نصر الحريري بخصوص هذا الأمر معلقاً: "لم تعد سوريا قضية محلية من الآن فصاعداً، بل هي قضية إقليمية وعالمية"، مضيفاً "سيستمر القتال على الأرض فسوريا تستحق الأفضل".