السبت 2017/08/12

قطر تحصد أولى ثمار معركتها الدبلوماسية والقانونية ودول الحصار تراهن على الزمن للخروج من مأزقها

بدأت دول الحصار (السعودية والبحرين والإمارات ومصر) بعد أزيد من شهرين من بدء الحصار، "تذعن" لمطالب قطر ونداءات المجتمع الدولي بضرورة رفع الحصار الإنساني؛ عبر اتخاذ خطوات رمزية لتخفيف الخناق المفروض على الشعب القطري ومواطني الدول المحاصرة. خطوات، لم تتضمن قراراً سياسيا بحل الأزمة، بقدر ما تعكس محاولة الدول الأربع كسب المزيد من الوقت، وإطالة أمد الحصار، على أمل فرض مزيد من الضغوط على قطر، وإنهاك اقتصادها القوي، قبل إجبارها على الاستسلام لإملاءات المحاصرين. في حين، تواصل قطر معركتها الدبلوماسية والقانونية لفك الحصار، متوعدة أن أي حل للأزمة، ينبغي أن يضمن عدم تعرضها لضغوط وابتزاز سياسي واقتصادي مماثل مستقبلاً.

وعلى الرغم من استمرار إعلام دول الحصار في ترديد أكاذيب، ونشر تقارير مزيفة، تحاول من خلالها إيهام الرأي العام الدولي بانتصار مطالبها، وقرب استسلام قطر تارة؛ أو الادعاء أن الحصار موجه للنظام، مقابل حرصها على الشعب القطري تارة أخرى.

مقابل الحرب النفسية تلك؛ بدأت قطر تحصد أولى ثمار معركتها الدبلوماسية والقانونية التي تقودها منذ بداية الأزمة لقهر الحصار، متسلحة بدعم دولي يزداد يوما بعد يوم، وجبهة داخلية موحدة، قوامها مواطنون قطريون ومقيمون أكدوا منذ اليوم الأول دعمهم للقيادة القطرية في نزاعها مع دول الحصار، واستعدادهم لتحمل تبعاته إلى أن يفك الخناق نهائياً.

وقد أثبتت الأيام الأخيرة قوة الحجة لدى دولة قطر، ونجاحها في انتزاع تنازلات من خصومها، تحت ضغط القانون الدولي، ودعم عالمي جارف، يتزايد يوما بعد يوم، وتتعالى الأصوات المنددة بالحصار الذي فشل أصحابه في إقناع العالم بقانونيته، رغم كل الخطابات التي يرددونها، والضغوطات التي تمارس، بقوة المال، على منظمات وحكومات مختلفة لمحاولة حشد التأييد ضد قطر!

وجاء قرار منظمة الطيران المدني في مونتريال الكندية، كأولى بشائر كسر الحصار، حينما نجحت قطر في إقناع الدول الأعضاء في المنظمة بعدم قانونية الإجراءات الظالمة التي تتعرض لها منذ الخامس من حزيران/يونيو الماضي. واستجابت دول الحصار مرغمة لقرار المنظمة، معلنة عن فتح مسارات جديدة فوق أجوائها أمام طيران الخطوط الجوية القطرية.

وعلى الرغم من محاولة دول الحصار الادعاء أنها من بادرت بالخطوة، إلا أن الرد القطري جاء سريعا، معلنة أن ما تحقق ليس إلا خطوة أولى، وأن لا تنازل عن رفع كامل للحظر الجوي والبري والبحري المفروض على قطر، في انتظار تأكيد المنظمات الدولية لأحقية وقانونية المطالب القطرية.

كما توّجت التحركات القانونية لدول قطر، بإعلان المملكة العربية السعودية السماح للمواطنين القطريين والسعوديين المقيمين على أرض قطر بالبقاء فيها، مع السماح للطلاب القطريين بمزاولة دراستهم في الجامعات السعودية، مقابل استمرار الإمارات العربية في إحكام الخناق الإنساني على الشعب القطري، متجاهلة معاناة الأسر القطرية والإماراتية التي تشتّتت وانقطعت بها السبل منذ بدء الحصار!

في المقابل، ما تزال السلطات السعودية تراهن على عامل الزمن، وترفض رفع القيود على حجّ المواطنين القطريين والمقيمين في الدوحة، على بعد أيام قليلة فقط من بدء موسم الحج، ما يهدّد بسابقة تاريخية، قد تحرم مواطني دولة مسلمة من أداء الركن الخامس للإسلام!

العلاقات القطرية الإماراتية الأشد تعقيداً

وعلى الجانب الآخر، عادت الجهود الدبلوماسية الدولية لتلقي بظلالها بقوة في الأيام والساعات الأخيرة، مع ايفاد أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح خلال الفترة من 7 إلى 9 آب/ أغسطس الحالي، مبعوثين برسائل خطية لقادة السعودية ومصر وسلطنة عمان والإمارات والبحرين وقطر، رجح مراقبون أنها تتضمن مبادرة جديدة لحل الأزمة الخليجية.

وبالتزامن مع رسائل أمير الكويت يقوم وفد أمريكي يتكون من، نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، تيم لندركنغ، والجنرال المتقاعد، أنطوني زيني، بجولة تشمل مصر ودول الخليج لدعم الوساطة الكويتية.

ولئن كانت بعض القراءات الإعلامية والسياسية تتوقع حلحلة للأزمة، فإن رأيا آخر يبدو أقل تفاؤلاً، في ظل استمرار التصعيد الإعلامي المتبادل، وغياب أي قرارات نوعية توحي برغبة الدول الأربع في التراجع عن حصارها ضد قطر.

وتزداد نبرة التشاؤم حينما يتعلق الأمر بدولة الإمارات العربية المتحدة التي لا يتوانى مسؤولوها وإعلامها في متابعة تصعيدهم ضد قطر، حتىّ باتت قناعة الكثير من القطريين بأن الأزمة وإن حلّت مع المملكة العربية السعودية، فإنها ستحتاج وقتا أطول لاستعادة الثقة التي ضربت في الصميم مع الإمارات العربية المتحدة، وتحديداً أبو ظبي.