الأحد 2018/11/04

هل تفكك العقوبات الأميركية “هلال إيران الشيعي”؟

يوم غد الإثنين 5 تشرين الثاني، تدخل حيّز التنفيذ حزمة جديدة من العقوبات الأميركية ضد إيران، ومع هذه الحزمة تكون واشنطن قد أعادت جميع العقوبات المفروضة على طهران قبل التوقيع على اتفاق لوزان النووي عام 2015.  العقوبات التي تشمل النفط والمصارف وقطاع الشحن قال الأميركيون إنها "الأقسى في التاريخ" لدرجة أنها ضربت الاقتصاد الإيراني قبل تطبيقها فعلياً، ولا سيما أنها ستجعل النفط الإيراني بضاعة كاسدة لا تجد من يشتريها، باستثناء الدول الثماني الحاصلة على "إعفاءات" من قبل واشنطن.

الولايات المتحدة وضعت 12 مطلباً يجب على إيران تنفيذها كي تنجو من العقوبات، بدءاً من تفكيك برنامجها النووي والصاروخي وانتهاء بوقف هجماتها السيبرانية "المعلوماتية"، إضافة إلى مطالبة إيران بسحب جميع مليشياتها الطائفية من سوريا. وطالما كان السؤال المطروح: هل الولايات المتحدة جادة في عقوباتها هذه المرة ولا سيما فيما يتعلق بالنفوذ الإيراني في سوريا؟

في إحدى الإجابات المباشرة عن هذا السؤال قامت "شعبة الخدمات الأرضية" في الخطوط الجوية العراقية، التابعة لوزارة النقل العراقية، بإصدار قرار حول إيقاف التعامل مع "الخطوط الجوية السورية" و"شركة أجنحة الشام"، وشركات أخرى، إضافة إلى قرار تجميد الأموال المنقولة وغير المنقولة للشركتين التابعتين لنظام الأسد من قبل "لجنة تجميد أموال الإرهابيين" في العراق. وقال الكتاب المسرب إن هذا القرار جاء بسبب "تقديمها الدعم المادي واللوجستي إلى المنظمات الإرهابية". لكن ما علاقة الخطوط الجوية السورية و"أجنحة الشام" بالعقوبات على إيران

القرار العراقي جاء استجابة للعقوبات الأميركية، التي تصنف الحرس الثوري الإيراني والمليشيات التابعة لإيران في قائمة الإرهاب، ويعد اعترافاً غير مباشر فريداً من نوعه حول الدور الذي أدته هاتان الشركتان في الحرب الدائرة بسوريا ودعم النفوذ الإيراني هناك.

من المعروف أن إيران أوحت للجميع أنها تهدف لإنشاء جسر بري يربط الأراضي الإيراني بالمتوسط عبر العراق وسوريا ولبنان، لكنها في واقع الأمر استعاضت عن الجسر البري بممر جوي، أثبتت التقارير أنه ساهم بنقل آلاف الأطنان من الإمدادات والذخائر وآلاف المقاتلين نحو دمشق منذ العام  2011. مع تعرض الشركات الإيرانية مثل شركة "إيران للطيران"  و "ماهان اير" للعقوبات الأميركية منذ 2011، برز دور كبير لشركات الطيران السورية في القيام بالمهمة.

كشف تقرير لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، العام الماضي أن قيام إيران باستخدام الرحلات الجوية لنقل المقاتلين والذخائر ساعدها بنقل ما يزيد على 250 ألف شخص، معظمهم من المقاتلين الطائفيين، إضافة إلى  60 ألف طن من الإمدادات العسكرية واللوجستية. يبدو أن إدارة أوباما غضت الطرف عن كل ذلك "تماشيا مع جهودها لتأمين إبرام اتفاق نووي مع إيران"، غير أن الأمر تغير مع عزم ترامب على تغيير قواعد المواجهة.

إيران لم تعترف كعادتها باستخدام جسر جوي لدعم نظام الأسد منذ 2011، غير أن القرار الصادر عن الخطوط الجوية العراقية يعد اعترافاً نوعياً حول دور العراق كممر وسيط بين طهران ودمشق، وهو ما لم يعد متاحاً منذ الآن فصاعداً تحت سوط العقوبات الأميركية التي تجرّم مساعدة إيران في الالتفاف على العقوبات، وهذا ما جعل القرار يصف الشركات التابعة لنظام الأسد وإيران بوسم "الإرهاب".

القرار على أية حال يشكل ضربة قوية لإيران، ومن خلفها نظام الأسد، ويؤكّد بشكل أو بآخر جِدية العقوبات الأميركية التي أجبرت نائب قائد الحرس الثوري الإيراني "حسين سلامي" على التصريح اليوم الأحد للمرة الأولى بأن بلاده "ليس لها نية ببقاء طويل الأمد في سوريا".

هل تسهم هذه العقوبات فعلياً بتقليم أظافر إيران في سوريا والشرق الأوسط؟ وهل تنجح في تفكيك الحلف الطائفي الممتد من طهران إلى بيروت عبر بغداد ودمشق؟  وما انعكاس ذلك على الحل السياسي في سوريا؟. الأسابيع والشهور القادمة كفيلة بإعطاء أجوبة مباشرة عن هذه الأسئلة.