الخميس 2018/07/12

درعا.. نقطة انتهى

"حمزة الخطيب" والآلاف من شهداء الثورة السورية في درعا.. اصطفوا اليوم أمام أعين من قدموهم قرباناً على مذبح الحرية والكرامة، يتساءلون عن أسباب ما حصل ويحصل في سوريا عموماً وفي حوران على وجه الخصوص، ويرددون هتافات الثورة الأولى.. "حرية للأبد.. غصبٍ عنّك يا اسد" "الموت ولا المذلة"، ليردّ عليهم ثرى درعا.. أكملوا موتكم.. ما عادت الحرية مطلباً فالجوع غيّر المفاهيم وقلَبَ حروف الحرية، واختزلها وغيّرها فأصبحت خبزاً، أما المذلة يا شهداء درعا.. فاسألوا عنها السلك الشائك على حدود بلاد يحكمها عبد الله بن الحسين، ستخبركم بمعنى الذل الحقيقي الذي تعرّضت له نساء حوران مؤخراً.

غادر الشهداء المكان محمّلين بدموعهم وبقايا دماء لاتزال تنزف.. فبكت الأرض على حالهم وأخذت تردّد بأعلى صوت.. " سكابا يا دموع العين سكابا ... على شهداء سوريّا وشبابا".

مهد الثورة.. حيث خطّت أيادي أطفالها عبارات الحرية والتخلص من العبودية.. وانتزع الطاغوت قبل ثمانية أعوام من الآن أظافرهم.. كي لا يتكرر المشهد على جدار آخر في بلاد عمل الأسد على تركيب آذان لجدرانها كي يهابها الشعب السوري.

درعا.. "قطعة.. قطعة.." تعود إلى حضن الأسد بمباركة دولية ودعم من الاحتلال الروسي، ونفرٍ من الضفادع التي ما انفكت تطعن الثورة والثوار في الظهر، مع أن طعناتها ليست جديدة إلا أنها كانت قاسية وموجعة في حوران، إذ كانت على العيان.

"تسقط موسكو.. ولا تسقط درعا" أمل أو حلم على هيئة #هاشتاغ أطلقه ناشطون بعد أن سمعوا تصريحات القادة الذين وعدوا بأن تروي دماؤهم ثرى الجنوب السوري، ولكنّ الخيانة أبرزت أنيابها وعضّت ذلك الحلم، وبترت ساقيهِ، ليعيش مقعداً دون أمل بالنهوض، ولعلَّ مأساوية المشهد تفرض هذه السوداوية على القلم الذي يخط وقائعَ تجري اليوم في درعا، كمشهد ممل مكرر حدث في حلب والغوطة وريف حمص، دون أن يكون لتلك الدروس أي أثر في نفوس ثوار درعا إلا من رحم ربي.

درعا.. التي لقّنت العالم درساً ذات ربيع.. تحوّل حلم أطفالها كابوساً بسبب التخاذل وتنفيذ الأجندات، وبلعِ الوعود المعسولة التي أثمرت تنصُّلاً ونكْثاً للعهود، تعيش اليوم آلامَ أرذل العمر التي هي أقرب ما تكون إلى آلام المخاض العسير الذي عاشته قبل سنوات ثمانٍ يصفها البعض بأنها أفضل سني العمر، وينعتها البعض الآخر بالعجاف.. فهل يتلوهن "عامٌ فيه يغاث الناس وفيه يعصرون"؟.