الأربعاء 2018/06/06

تركيا افتهمنا …إيران ليش ؟!

سيكون الفيديو الذي تباهى به الرئيس صدام حسين بلياقته البدنية أثناء عبوره لنهر دجلة سباحة رغم عمقه وقوة التيار فيه لأكثر من مرة من عجائب التاريخ بالنسبة لأولادنا أو أحفادنا في السنوات المقبلة , إذ إن هذا التباهي اليوم لم يعد دليل قوة ولا مؤشرا على عظمة هذا النهر بعد أن انتشر مؤخراً فيديو لأحد العراقيين مشمراً عن ركبتيه ينتقل ماشيا عبر دجلة من ضفة إلى أخرى تقابلها ؟! الأمر الذي شغل الرأي العام العراقي واستنفر الحكومة والبرلمان والإعلام التي راحت تحذر من أخطار هذه الكارثة وتوجه اللوم إلى تركيا مسببها .

- تركيا التي أنجزت سابقاً على نهر الفرات قرب مدينة حران عام 1992 سد أتاتورك  (أحد أكبر السدود الركامية في العالم ) , والذي تسبب في نفس مشكلة دجلة اليوم وقامت له وقتها الدنيا العربية التي سرعان ماقعدت ؟! انتهت مؤخرا من بناء سد اليسوا (ثاني أكبر سد ) على نهر دجلة بالقرب من الحدود العراقية التركية ,وباشرت فعلا قبل أيام في حجز مياه نهر دجلة لملئ البحيرة خلف هذا السد , مما سبب نقصا حادا في كمية المياه المتدفقة باتجاه العراق وتسبب في انخفاض منسوب سرير النهر فيه أسوة بشقيقه الفرات قبل سنوات .

- ترد تركيا على اتهامات الحكومة العراقية لها بأنها كانت قد أبلغتها قبل خمس سنوات عزمها على إنشاء هذا السد , وأنها أيضا شرحت النتائج المترتبة عن تشغيله , كما نصحت الحكومة العراقية بإنشاء سد آخر في العراق يحتفظ بالكم الكبير من الفائض من المياه العذبة عبر أراضيها قبل دخولها إلى البحر عبر شط العرب , ورغم أن هذا لم يجد آذاناً صاغية لدى الحكومة العراقية إلا أنه لم يمنعها وصحف عربية أخرى تساندها من الاستمرار بإلقاء كل تبعة تجاهلها على تركيا التي ترى أن من حقها أن تستثمر هذا الكم من المياه العذبة النابع من أرضها لمصلحة شعبها .

- في ذات الوقت عمدت إيران قبل أيام إلى قطع تدفق مياه نهر الزاب أكبر روافد دجلة عبر سدها في مدينة سردشت , مما أدى أيضاً الى انخفاضٍ حاد في منسوب المياه الجارية إلى الشمال العراقي , الذي كان قد باشر مؤخرا استثمارهذه المياه في مناطقه من جهة وإمداد مناطق وسط وجنوب العراق بالفائض عن حاجته من جهة أخرى , وهو مادفع أهالي محافظة السليمانية للخروج بتظاهرات غاضبة ضد استخدام إيران للمياه كوسيلة للضغط على العراق .

- مشكلة المياه بين كل من تركيا من جهة وسوريا والعراق من جهة أخرى في ما يتعلق بنهري دجلة والفرات ليست جديدة وقد أثرت دوماًعلى العلاقات السياسية بينهم فاتخذت طابع التهديد حينا والاتفاق أحيانا أخرى , وكوننا نحن عامة الشعب في المنطقة العربية لاعلم لنا بما يدور في أروقة قصور الحكم من هذه الاتفاقات أو مايتبعها من إجراءات وسياسات ندفع ثمن سوءها أو نقصها وحدنا دوماً, فانه يصبح من الصعب تحديد الجهة المتجاوزة من الجهة المتجاوز عليها إلا من ما نستنتجه من تصريحات كل طرف منهم , أميل أنا شخصيا فيها اليوم الى الموقف التركي لما فيه من عقلانية وشفافية ومنطقية في مقابل ما أعلمه وخبرته من عنجهية وفساد العصابة الأسدية في سوريا والسفاهة الإيرانية وتبعية الحكومة العراقية لها , والتي صار القاصي والداني يعلم حجم الفضائح المالية فيها ,إذ أن كل واحدة من هذه الفضائح كانت كافية لبناء أكثر من سد تنهي به هذه المشكلة أوعلى الأقل تخفف منها , هذه الحكومة التي بتنفيذها للأجندة الايرانية في العراق وبما تعبئ به اليوم الشعب العراقي من شعارات معادية لتركيا , في الوقت الذي تتغافل فيه عن تقصيرها وفسادها وتصمت وتنبطح لإيران ,أوقعت شعبها (المتضرر الوحيد) في حيرة من أمره وأخرجته عن صمته المعهود أمام كذبها وإيران التي تدعي نصرتها لمظلومية الشيعة في العراق ليصرخ هذا الشعب اليوم على لسان أحدهم متسائلا :

يابا افتهمنا تركيا ...إيران ليش ؟!!!!!.