الأثنين 2017/10/16

الحرب في سوريا ستستمر أطول مما يعتقد البعض

دخلت الحرب في سوريا عامها السابع، وعلى مر السنين، مرَّ الصراع بعدة مراحل متميزة، والآن تدخل واحدة جديدة، ومع ذلك فإن الوضع الراهن، يثير مجموعة من الاستنتاجات الخاطئة غير الواقعية.

أول فكرة خاطئة هي أن بشار الأسد قد فاز، وتظهر الخريطة العسكرية أن الأسد استعاد السيطرة على مساحات واسعة من سوريا، وذلك بفضل القوات الجوية الروسية والميليشيات المدعومة من إيران، غير أن أكثر من 40 في المائة من البلاد ما زالت خارج سيطرة النظام، بما في ذلك المناطق التي تقع فيها معظم حقول النفط، وتشمل المناطق الواقعة خارج سيطرة الأسد معظم شمال سوريا، فضلاً عن مقاطعة دير الزور في الشرق ودرعا في الجنوب.

من الناحية العسكرية، لم يفز الأسد بعد، ما فعله هو منع أي شخص آخر من الفوز، هذه الفروق الدقيقة مهمة، لأن الفوز يعطي الانطباع بأن الصراع قد انتهى وأن أحد الطرفين هزم تماماً جميع خصومه، وترك المجتمع الدولي دون مزيد من العمل، ولكن هذا خطأ، ليس هناك منتصر في سوريا حتى يومنا هذا.

الفكرة الثانية الخاطئة هي أن سوريا يمكن أن تستقر في ظل قيادة الأسد، والواقع أن مؤسسات نظام الأسد أضعف من أي وقت مضى.

وتقلص جيش الأسد إلى ثلث حجمه، والدولة مفلسة، والاقتصاد مدمر.

قد تكون الحرب قد هدأت نوعاً ما، ولكن كل الأسباب الجذرية للكارثة لا تزال موجودة، الوقت لم يزد النظام إلا إجراماً، وإذا تركت هذه المشاكل دون معالجة، فإن الصراع سيندلع مرة أخرى.

وهذا يقود إلى التصور الخاطئ الثالث: الفكرة القائلة بأن إرسال أموال إعادة الإعمار من خلال نظام الأسد سيفيد الشعب السوري، وقد تم تهميش معظم المناطق التي يسيطر عليها المعارضون من قبل النظام لعقود قبل الثورة.

هذه المناطق هي الأكثر تدميراً من قبل النظام، وهي التي خرج منها أكثر اللاجئين ومن غير العقلاني أن نتوقع من الأسد أن يرسل أي مساعدات أو أموال إلى المناطق التي قصفها أو حاصرها أو جوعها على مدى السنوات الست الماضية، وسيستخدم الأسد أي أموال يتم إرسالها إلى نظامه لتعزيز مقاتليه وأمراء الحرب، وإطعام ميليشياته شبه العسكرية، والإبقاء على معاقبة المجتمعات الخالية، وهذه الأولويات كانت دائماً أولوياته، وليس هناك ما يدعو المجتمع الدولي إلى افتراض أنها تغيرت.

وبالإضافة إلى ذلك، يأتي معظم اللاجئين من مناطق لا تزال خارجة عن سيطرة النظام، وتحسين الظروف في تلك المناطق هو السبيل الوحيد لتسهيل عودتهم، ومكافأة الأسد بمنحه أموال إعادة الإعمار لن تحقق ذلك، وسوف تمول فقط أدواته القمعية.

يجب ألا يحصل الأسد على أي شيء إلى أن يقدم إصلاحات ملموسة في المقابل، وإذا حكمنا بالنظر إلى التاريخ فهذا أمر مستبعد جداً، فالاعتماد فقط على حسن نية الأسد لم تكن أبداً استراتيجية ناجحة.

الفكرة الخاطئة الأخيرة هي أن الحملة العسكرية تكفي لهزيمة تنظيم الدولة، وبينما تستطيع الولايات المتحدة قصف مقاتلي الدولة، فإنها لا تستطيع أن تفجر أيديولوجيتها، وبدون معالجة الأسباب الجذرية التي أدت إلى نشوء الحركة "الإرهابية" ، فإن أي "هزيمة" ليست سوى فترة قصيرة الأجل.

وقد ارتكب الأسد مجموعة متنوعة من جرائم الحرب لتحقيق مكاسبه العسكرية، والفظائع التي يرتكبها تنظيم الدولة تتجاوز الخيال، ولا يزال مستقبل سوريا قاتماً، ولا تزال المرحلة المقبلة من الحرب غير واضحة، ولكن كل شيء لم ينته بعد.

يجب على الولايات المتحدة والدول الأوروبية مساعدة السوريين على البدء في إعادة بناء مجتمعاتهم بعد تنظيم الدولة، مع منع الأسد من أن ينفق على انتصاره الوهمي.