السبت 2018/10/20

التحالف يبدأ حرب الإبادة شرق دير الزور

يبدو أن التحالف الدولي قد أطلق حرب الإبادة على آخر جيوب تنظيم الدولة في دير الزور كي يبعد عن نفسه تهمة المماطلة في إنهاء المعركة التي أعلنت انطلاقها بيادقه المتمثلة بالمليشيات الكردية الانفصالية منذ نحو شهر ونصف، دون تقدمٍ يذكر في مساحة لا يزيد طولها عن ثلاثين كيلومتراً وعرضها عن عشرة كيلومترات.

حرب الإبادة من التحالف الدولي لم تكن على جبهات القتال أو على خطوط التماس بين مليشيات "قسد" وتنظيم الدولة، بل كانت في قلب القرى التي مازال بعض المدنيين يقطنونها إما لحاجةٍ أو عجز عن مغادرتها، فالنزوح عن مناطق التنظيم يتطلب مبالغ مالية باهظة، وفيه مغامرة بحياة العوائل النازحة إذ يطلق التنظيم النار على من يريد مغادرة مناطق سيطرته، وبالمثل تطلق المليشيات الكردية الرصاص على كل من يُقبِلُ من مناطقه خشية أن يكون ملغماً أو يحمل متفجرات، ناهيك عن تهمة الانتماء إلى التنظيم والتعامل معه ومناصرته بعد وصوله بسلام، وجلسات التحقيق التي تعقد في دهاليز مخيم هجين الذي يشبهه الناشطون بسجن كبير، يخرج منه من يستطيع دفع آلاف الدولارات لقيادات وعناصر مليشيات "قسد" كي يتمَّ إخراجه من المخيم وإيصاله إلى المكان الذي يريده على مبدأ "ادفع تسلم".

قصف مقاتلات التحالف استهدف منزلاً يؤوي مدنيين في قرية "السوسة" بريف البوكمال، معظمهم نازحون، لم تساعدهم ظروفهم على الفرار، وطال القصف أيضاً مسجداً في منطقة البو بدران في القرية نفسها مخلفاً أكثر من ثلاثين قتيلاً وضِعف عددهم من المصابين، بينهم نساء وأطفال، ولم يكتفِ التحالف بهذه الحصيلة بل واصل حصد أرواح المدنيين، إذ قصف مسجداً آخر في السوسة خلال صلاة الجمعة إضافة لقصفه معهداً لتحفيظ القرآن في هجين ليرتفع عدد قتلى التحالف إلى أكثر من 60 مدنياً خلال ثلاثة أيام فقط.

غارات التحالف الدولي التي تركت دماراً واسعاً في المنطقة تأتي رداً على هجومٍ شنّه تنظيم الدولة بداية الأسبوع الماضي وصل خلاله إلى حدود القاعدة الأمريكية المؤقتة بين قرية البْحَرة ومدينة هجين، والتي أنشئت لتقديم الدعم اللوجستي والتكتيكي للمليشيات الكردية في معاركها ضد التنظيم، وهذا ما يطرح تساؤلات لدى متابعي الوضع في شرق الفرات.. لماذا يكون رد التحالف على هجمات التنظيم من خلال قصف المدنيين في القرى البعيدة عن الجبهات؟!.

مساحة آخر جيوب تنظيم الدولة في شرق الفرات قد تساوي مساحة قرية أو مدينة من المدن التي مسحها قصف التحالف عن الوجود أو دمّر معظم مساكنها ومرافقها الحيوية وبنيتها التحية بشكل كامل، فمدينة الرقة ووفق إحصائيات الأمم المتحدة تم تدمير 80% من مبانيها، فهل سيعترف التحالف بمجازره في السوسة وهجين أم إنه سيعتبرها غارات "بالخطأ" كما هي تصريحاته حول المجازر التي ارتكبت بحق مدنيي دير الزور والرقة وريف حلب خلال معارك طرد التنظيم التي انطلقت منذ نحو أربعة أعوام؟.