الأربعاء 2017/11/22

البوكمال..فتات الكعكة السورية و جوهرة “الهلال الشيعي”

لاتزال معركة البوكمال قيد شدٍّ وجذب بين قوات النظام وميليشياتها الموالية بدعم جويٍّ روسي من جهة، وتنظيم الدولة من جهةٍ أخرى، بينما تقف الولايات المتحدة قائدة التحالف الدولي موقف المتفرج والمبارك لتقدم قوات النظام إلى الحدود السورية العراقية تارةً، والفاعل تارةً أخرى بعرقلته ورفضه لتقدم قوات النظام والمليشيات طائفية الموالية لإيران باتجاه مدينة البوكمال وحسم معركتها، وذلك وفقاً لضغوط ومخاوف تل أبيب، وخاصةً بعد أن تمكّنت مليشيات طائفية من إكمال الهلال الشيعي ووصْلِ طهران ببيروت.

ولعلَّ أهم المعطيات التي تفرزها التصريحات الأمريكية الروسية الأخيرة المتضاربة حول تبادل الاتهامات بدعم التحالف لتنظيم الدولة وتغطية تحركاته جوياً من جهة والاتفاق على أن الحل في سوريا لن يكون عسكرياً من جهةٍ أخرى ، إسهامُها في إطالة عمر تنظيم الدولة وإبقائه على خارطة السيطرة السورية، والمتابع لمجريات الأحداث في معركة "مدينة البوكمال" أبرز المعاقل التي تبقت لتنظيم الدولة والريف القريب منها، يعرف تماماً أنَّ هناك تباطؤاً في المعركة التي كان الجميع يظنها ستنتهي بأقصر من وقت سابقاتها، وذلك إذا قارنا به وضع التنظيم بعد الهزائم التي لحقت به مؤخراً سواء في الرقة أو في ريف ديرالزور الشمالي والغربي بمنطقة الجزيرة، على يد المليشيات الكردية ومن خلفها التحالف الدولي، أو في أحياء مدينة ديرالزور التي سيطرت عليها قوات النظام بدعم جوي روسي مؤخراً، وريفها الغربي في منطقة الشامية الذي انسحب منه التنظيم دون قتال، على عكس مايجري الآن في مدينة البوكمال التي تشهد شللاً جزئياً في المعارك والاكتفاء بالقصف الجوي الذي لم يعد يذكر في مدينة البوكمال والاكتفاء باستهداف المدنيين على المعابر المائية أو المخيمات التي لجؤوا إليها على ضفاف الفرات، إضافة إلى ما يبديه التنظيم من شراسة في التصدي لمحاولات تقدم قوات النظام، ما جعل روسيا تشنُّ حرب تصريحات ضدّ التحالف الدولي حيثُ اتَّهمته بالتشويش على طائراتها الحربية في سماء البوكمال من خلال تحليقه على بعد خمسة عشر كيلومتراً عن الحدود العراقية السورية، وذلك رغم سكوته (التحالف) عن عبور المليشيات الطائفية المتمثلة بحركة النجباء الحدود السورية العراقية والالتقاء بمليشيات "حزب الله العراقي" التابعة للحشد الطائفي العراقي الخاضع لسيطرة الحرس الثوري الإيراني، ماجعل الهلال الشيعي أمراً واقعاً.

ولعلَّ مايفسر التردد الأمريكي في حسم موقفه من الوجود الإيراني على الحدود السورية العراقية، هو القلق على مصير إسرائيل من التمدد الإيراني، والسيطرة على الحدود العراقية السورية.

أما عن الغاية من تأجيل الحسم أو عدم الإصرار عليه، فيكمن فيما يدور في دهاليز السياسة الأمريكية الروسية التي عملت على تقاسم الكعكة المعجونة بالدم السوري، فنحو مليون وثلاثمئة ألف مواطن من محافظة ديرالزور تمَّ تهجيرهم قسراً بفعل القصف المشترك من طيران النظام وروسيا والتحالف الدولي.