الثلاثاء 2017/12/12

الأسد.. حيوان لدى ترامب.. وذنب لدى بوتين

 

لم يكن الذل جديدا على بشار الأسد، الذي تلقى صفعة في عقر داره بقاعدة حميميم التي وقع صكّاً ببيعها لروسيا لمساعدته في البقاء على كرسي يدعونه اصطلاحا "كرسي الرئاسة"

فقد منعه أحد الضباط الروس من التقدم بإمساكه من يده وجرّه كما يفعل المعلم بتلميذ أراد إساءة التصرف أمام الملأ، وأمام عدسات الكاميرات التي أظهرت الموقف مبررة إياه بأنه خطأ بروتوكولي، رغم أن بوتين لم يتبع أي برتوكول في زيارته الأخيرة، فهو لم يعلم بشار الأسد بزيارته، ولم يأت بدعوة منه، بل على العكس تماما، فبعد وصوله قام باستدعاء بقايا أسد بالإسم فقط إلى القاعدة العسكرية، وبدا واضحاً عليه أنه يتصرف كضيف أو كموظف لدى بوتين، ويحق لأي عنصر أن يوقفه أو حتى يمسكه ويمنعه من التقدم، على أرض سورية بيعت بصفقة لروسيا لمدة خمسين عاما، والبائع خانع، أما الشعب السوري فلم ولن يرضى على مثل هكذا صفقات وقعها بشار مع روسيا وإيران، فالأرض السورية لم ولن تكون ملكا له أو لأبيه كي يبيع ويتنازل وهو في اضعف موقف له كرئيس فاقد للشرعية قتل وشرد واعتقل ملايين المواطنين السوريين كي يوقف ثورة لم يشهد العالم أطول وأقوى منها.

إهانة بشار واستدعاؤه إلى حميميم اليوم سبقه استدعاء آخر ولكن إلى روسيا، منذ نحو شهر، وكانت رحلته بناء على ماتناقلته وسائل الإعلام على متن طائرة شحن روسية، مثله مثل أي بضاعة رخيصة تشحن لمن يدفع الثمن، وشهد الأسد هناك أيضاً ذلاً حين اصطف كطفل يسمع نقاشات معلميه واجماً، ولم يسمح له باصطحاب وفد مرافق كما يفعل رئيس الصومال أو جزر الواق واق في زياراته، بل ولم يوضع خلفه علم الجمهورية السورية الذي يعرف عنه، وكان ذلك مدروسا ومخططا له من قبل الروس، الذين أرادوا حينها إرسال رسالة لإيران مفادها أن الأسد موظف لدينا، فإن كنتم تعولون عليه أحلاما تجنون من خلفها مكاسب على الأرض فأنتم حالمون، فالأسد ليس سوى شيء نحمله بطائرة شحن متى أردنا

وإذا أردنا حصر مواقف الذل التي ظهرت على الملأ وماخفي منها، سنحتاج إلى دفاتر ومفكرات كثيرة، فترامب رئيس الولايات المتحدة، لم يجد له وصفا سوى "حيوان" ورأى كثير من المتابعين في هذا الوصف ظلما للحيوان الذي يقتل ليأكل، ولايقتل كي يبقى على كرسي تقف أركانه على جماجم المدنيين الذين قتلوا في زنازين الأسد لأنهم قالوا ذات يوم: "الموت ولا المذلة"

وهذه الجملة التي صدحت بها حناجر ملايين السوريين، كم هي بعيدة وعسيرة الفهم عن عبد ذليل كبشار الأسد، رضي الذل وقتل شعبه وتدمير سوريا وتهجير أهلها كي يبقى دمية تحركها أيادي المدافعين عن سيادته التي تمرغت على أرض مطار حميميم اليوم، ولطالما مرغها أطفال سوريا في كل الشوارع التي شهدت مظاهرات أخذت من عبارة "الموت ولا المذلة" عنوانا لها.