الخميس 2018/04/12

إنفوجراف متفوقون في أوطان تائهة.. من الأسد للبشير نظرة متفحصة إلى نتائج فوز الرؤساء العرب

في الثاني من أبريل (نيسان) 2018، أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات في مصر فوز الرئيس عبد الفتاح السيسي بعد حصوله على نسبة تصويت بلغت 97.1٪، وهي نسبة كبيرة جدا، تعد الأعلى عربيا في كل انتخابات مباشرة شارك فيها أكثر من مرشح، فحتى في سوريا حصد بشار الأسد 88.7٪ ولم ينضم لفئة التسعينيات، وهي أرقام بعيدة عن نسب الانتخابات في الدول الديمقراطية التي تتراوح عادة النسب المئوية فيها بين الخمسينات والستينات، وهو ما حدث مع فرنسا على سبيل المثال، في ثمانية انتخابات من أصل 10 جرت خلال ستة عقود مضت.

وفي المقابل، كانت هناك تجارب انتخابية عربية أظهرت أرقامها تنافسية عالية، مثل تونس وجزر القمر، التي حصد الفائزون بها نسب مئوية تراوحت بين الخمسينات والأربعينات، في ظل مناخ حرية شهدت به المؤشرات العالمية.

1- «هادي» وحيدًا يفوز بـ99.8% في اليمن بعد التوافق عليه

في فبراير (شباط) 2012، وبعد خلع الرئيس اليمني علي عبد الله صالح عقب 33 سنة من حكم اليمن، توافقت أغلبية القوى السياسية والإقليمة في اليمن على مُرشح وحيد للانتخابات الرئاسية، في إطار المبادرة الخليجية، وهو عبد ربه منصور هادي، الذي نزل منفردًا في الانتخابات الرئاسية، وفاز بنسبة 99.8% بنسبة مشاركة بلغت 66%، بحسب ما أعلنته اللجنة الوطنية للانتخابات في اليمن.

وفي 27 فبراير 2012، سلم صالح السلطة لهادي في حفل تنصيب الأخير، في انتقال للسلطة، شهد حضور رؤساء البعثات الدبلوماسية للدول الكبرى ولدول مجلس التعاون الخليجي ومباركتهم، ولم يسلم بعد ذلك من حركات انفصالية قادها الحوثيون ضده، لا تزال مستمرة حتى الآن.

2- السيسي يفوز على «مؤيده» بـ 97.1%

مع فتح أبواب الانتخابات الرئاسية لعام 2018، ترشح أكثر من عسكري في مصر لمنافسة الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي جديا، وهما العقيد أحمد قنصوة، والفريق سامي عنان، رئيس أركان الجيش المصري السابق، ولكن مصيرهما بدا واضحا نحو السجن، ودفعا ثمنا باهظا لتلك الخطوة. ليحكم على قنصوة عسكريا بالسجن ست سنوات، ويصبح عنان رهن الاعتقال، وعلى جانب آخر كان أحمد شفيق الذي تراجع بدوره عن مشاركته في الانتخابات الرئاسية، وخالد علي الذي أعلن انسحابه من الانتخابات الرئاسية، في اليوم التالي لاعتقال عنان، «لأن أجواء الانتخابات لن تسمح بمنافسة نزيهة »بحسب بيان لانسحاب.

ليأتي في اللحظات الأخيرة من غلق باب الترشح، مرشح غير مشهور هو موسى مصطفى موسى، منافسا وحيدا للسيسي و «مؤيدا» له أيضا، وباستفراد السيسي بموسى مصطفى موسى الداعم السابق للسيسي، في الطريق نحو الاتحادية، بدت نتيجة الانتخابات واضحة ومحسومة بفوز السيسي، فلا يكاد يختلف اثنان في مصر على تلك النتيجة.

ليراهن النظام المصري ومؤيدوه ليس على فوز السيسي «المعروف سلفا» وإنما على الحشد للمشاركة، وما صاحبه من وسائل ترغيب وترهيب، بدت قوية ومتنوعة، من مكافآت مادية إلى رحلات دينية، وخصومات على تذاكر رياضية وترفيهية للمشاركين، وترهيب المقاطعين بغرامة قدرها 500 جنيه.

وفي الثاني من أبريل (نيسان) 2018، أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات، نسبة مشاركة بلغت 41٪ من إجمالي من لهم حق التصويت، وفوز السيسي بالانتخابات لولاية ثانية بنسبة 97.08٪، في مقابل 2.92٪ لمنافسه الأوحد موسى، فيما تفوقت نسبة الأصوات الباطلة على نسبة موسى، بوصولها إلى أكثر من 7٪، وهي «أكبر نسبة أصوات باطلة في تاريخ البلاد» بحسب ما أفادت به الإذاعة البريطانية بي بي سي، وقد شككت صحف عالمية في نزاهة الانتخابات المصرية وديمقراطيتها، تتضمن مواقع: بلومبرج، والتايمز، وكارنيجي، والجارديان، وأسوشتد برس، وسويس إنفو، وهو ما شدد عليه معارضون، شككوا أيضا في نسبة الم اركة في الانتخابات من الأساس، لافتين إلى أن نسبة المشاركة أقل بكثير من المعلن عنها رسميا.

3- «البشير» يفوز بـ94.5% في السودان.. و15 منافسًا حصوا على 5.5%!

بعد حكمه للسودان ربع قرن من الزمان، شارك الرئيس عمر البشير في انتخابات الرئاسة السودانية لعام 2015، في مواجهة 15 مرشحا معظمهم مستقلون، تمكنوا جميعا من الحصول على 5.5٪ من نسبة الأصوات الصحيحة، في مقابل 94.5٪ للبشير الذي فاز بالانتخابات بسهولة، بعد مقاطعة المعارضة.

وتشير الأرقام بوضوح إلى انعدام التنافسية في الانتخابات الأولى بعد انفصال جنوب السودان، وقد أعلنت المفوضية الانتخابية للسودان عن مشاركة 46.4٪ ممن لهم حق التصويت، إلا أن بعثة مراقبي الاتحاد الأفريقي أكدت «ضعف المشاركة»، في انتخابات أثارت انتقادات دولية، تضمنت إعراب أمريكا وبريطانيا أسفهما في بيان مشترك على «فشل حكومة السودان في تنظيم انتخابات حرة نزيهة وسط أجواء مواتية».

وتجدر الإشارة إلى استمرار حكم البشير، مع التزايد الملحوظ في نسبة الفقر في البلاد، والتي طالت أكثر من ثلث السودانيين، وفقا لآخر الإحصاءات المعلنة من الحكومة السودانية، والتي خرجت للنور في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2017، وفقا لبحث رسمي أجري في 2014 وكشف أن 36.1٪ من السودانيين يعيشون في فقر، بينهم 25٪ يعيشون تحت خط الفقر المدقع.

4- الأسد يفوز بـ88.7% من المناطق التي يسيطر عليها في سوريا

بعد مرور نحو ثلاثة أعوام، من الثورة السورية ومحاولة قمعها بحرب دموية، أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 160 ألف شخص، ثلثهم من المدنيين، وتشريد الملايين من السوريين، وتحويلهم إلى نازحين داخليا، ولاجئين خارجيا، ومع محاولة الوصول إلى حل سياسي في سوريا، والحديث عن مصير بشار الأسد بالبقاء في الحكم من عدمه، أجرى النظام انتخابات رئاسية في يونيو (حزيران) 2014 ليست لكل سوريا، وإنما للمناطق التي يسيطر عليها الأسد فقط.

وترشح للانتخابات ثلاثة مرشحين، هم بشار، واثنان مغموران، هما: حسان النوري، وماهر حجار، وكما هو متوقع فاز الأسد، بحصوله على نسبة 88.7٪ من الأصوات الصحيحة، و 4.3٪ للنوري، و 3.2٪ لحجار، بنسبة مشاركة في مراكز الاقتراع بالمساحة الجغرافية التي يسيطر عليها ، بلغت نحو 73.42٪، بحسب ما أعلن النظام، في انتخابات "مخزية" بحسب وصف الثوار، و "إهانة ومهزلة ومزورة"بحسب أمريكا، و "مزعومة ونتائجها معروفة مسبقا" بحسب فرنسا، و "بلا قيمة" بحسب بريطانيا، و "ناسفة للجهود الهادفة لحل سياسي" بحسب الأمم المتحدة.

5- «بو تفليقة» يفوز بـ81.5% في الجزائر مع اتهامات بـ«التزوير الشامل»

في انتخابات الرئاسة الجزائرية في أبريل 2014 شارك الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، في منافسة خمسة مرشحين آخرين، لم تتجاوز نسبة الأصوات التي حصلوا عليها، ربع ما حصده بوتفليقة، إذ فاز بوتفليقة بالانتخابات بنسبة 81.53٪، متفوقا على أقرب منافسيه علي بن فليس، الذي حصد 12: 18٪ من أصوات الناخبين، فيما بلغت نسبة التصويت 51.7٪، بحسب ما أعلنه وزير الداخلية، بتراجع كبير عن انتخابات 2009، التي تجاوزت نسبة التصويت فيها 74٪.

ليفوز بذلك بوتفليقة بولاية رئاسية رابعة، ليمتد حكمه على الجزائر نحو عقدين من الزمان من 1999- 2019، ومنذ إعلان النتائج شككت المعارضة في نزاهة الانتخابات، سواء في حجم مشاركة الناخبين، أو النسبة التي حصدها بوتفلقية، وأكدت المعارضة ضعف المشاركة في الانتخابات، وعزوف المواطنين عن المشاركة فيها.

«أندد بقوة اللجوء إلى التزوير الشامل، ومحاولة الإبقاء على نظام نبذه الشعب، ولن يقبل بأي شكل وتحت أي ظرف بهذه النتائج» هكذا صرح بن فليس بعد الإعلان عن نتيجة الانتخابات، ليس هذا وحسب، ولكن أصدر في عام الانتخابات نفسه كتابا يوثق فيه مع اعتبره تزويرا للانتخابات، جاء تحت عنوان «كتاب أبيض حول التزوير».

وتقلصت الانتقادات الدولية للانتخابات الجزائرية، وهو ما فسره صحافي جزائري تواصلت معه «ساسة بوست»، أكد تزوير الانتخابات وإغفال الجهات الدولية لذلك، قائلا: «الصحافة الدولية مغيبة في مسألة التزوير، فالحكومة الجزائرية تمنعهم من التحرك في المراكز التي تشهد تزويرا ملحوظا في الانتخابات» .

6- «السبسي» يفوز بـ55.7% في تونس.. والمرزوقي يُهنئه

تونس، حيث اندلعت شرارة الربيع العربي الأولى في عام 2011، ومر عليها سنوات طويلة دون أي تدخلات عسكرية في السياسة، شهدت انتخابات شديدة التنافسية، ربما هي الأقوى في أحدث الانتخابات العربية، وهي انتخابات 2014 التي تنافس فيها الباجي قائد السبسي المحسوب على النظام القديم، مع محمد المنصف المرزوقي المرشح الأقرب ارتباطا بالثورة التونسية.

وتمكن السبسي من الفوز بعد منافسة شديدة مع المرزوقي، إذ حصل السبسي على 55.7٪ من أصوات الناخبين، مقابل 44.3٪ للمرزوقي، ولم يشكك المرزوقي في نزاهة الانتخابات، وبادر بتهنئة السبسي على فوزه بالانتخابات الرئاسية، التي شارك فيها 60،1٪ من الناخبين المسجلين ، بحسب الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التونسية.

وتأتي تلك التنافسية الانتخابية، في ظل تميز تونسي، في مؤشر الحرية العالمي عام 2018، الصادر عن مؤسسة فريدوم هاوس في يناير (كانون الثاني) عام 2018، بتصدرها للمؤشر، الذي تضمن 22 دولة عربية، وقاس الحرية في البلاد محل الدراسة وفقا لمعيارين أساسيين، هما: الحقوق السياسية والحريات المدنية، ويضع المؤشر درجة من صفر إلى سبع لكل معيار منهما، ثم يحسب درجة إجمالية من صفر إلى 100 لكل دولة محل الدراسة، على أن يعبر الصفر عن الدولة الأقل حرية، فيما تعبر 100 عن الدولة الأكثر حرية.

وقد احتفظت تونس بصدارتها للترتيب العربي للمؤشر لما لا يقل عن عامين على التوالي 2017 و 2018، وقد حصلت في عام 2018، على 70 نقطة، وهو ما يوازي 10 أضعاف دولة بحجم السعودية التي حصلت على سبع نقاط فقط.

7- مرحبًا بكم في جنة الديمقراطية بأفريقيا.. «عثماني» يفوز بـ41.43% في جزر القمر

بعيدا عن أنظار منطقة الشرق الأوسط، تقع في المحيط الهندي أربع جزر، لا يتعدى سكانها المليون نسمة، يتدين أغلبيتهم بدين الإسلام، ويتخذون من اللغة العربية إحدى لغاتهم الرسمية، وهي دولة جزر القمر العربية، التي يجهل الكثيرون عروبتها، مع أنها تضرب نموذجا مميزا في التنافسية الانتخابية، تعكس مستويات مرتفعة في المؤشرات العالمية للحرية.

ففي آخر انتخابات رئاسية جرت في مايو (أيار) عام 2016، فاز الرئيس غزالي عثماني برئاسة البلاد، بعد تقارب كبير في نسبة المصوتين بين عثماني، وأقرب منافسيه محمد صواليحي، لم يتخط 2٪، إذ حصل عثماني على 41.43٪ من أصوات الناخبين، فيما حل صواليحي ثانيا بنسبة٪ 39.68، وجاء مويني بركة، في المركز الثالث ب 18.91٪ من جملة الأصوات، بحسب ما أعلنته المحكمة الدستورية في جزر القمر.

وتأتي تلك التنافسية الانتخابية في جزر القمر، في وقت تشهد فيه مؤشرات عالمية مرتبطة بالحرية بتميز جزر القمر عربيا، إذ تصدرت ترتيب الدول العربية في مؤشر حرية الصحافة عام 2017، بحلولها في المركز رقم 44 عالميا بحصولها على 24.33 نقطة، متفوقة ب 11 مركزا على أقرب منافسيها موريتانيا التي حلت في المركز رقم 55 عالميا، فيما تذيلت سوريا ترتيب الدول العربية بحلولها في المركز رقم 177 عالميا.

تفوق جزر القمر لم يكن عربيا فقط، وإنما تفوقت جزر القمر بترتيبها على كافة دول الشرق الأوسط، ونافست ديمقرطيات غربية كبرى؛ كالولايات المُتحدة الأمريكية (مركز 43)، والمملكة المتحدة (مركز 40)، وفرنسا (مركز 39).

وامتد التميز العربي لجزر القمر أيضا في مؤشر الحرية العالمي عام 2018، الصادر عن مؤسسة فريدوم هاوس في يناير (كانون الثاني) عام 2018، وتضمن المؤشر 22 دولة عربية، ويقيس المؤشر الحرية في البلاد محل الدراسة وفقا لمعيارين أساسيين، هما: الحقوق السياسية والحريات المدنية، ويضع المؤشر درجة من صفر إلى سبع لكل معيار منهما، ثم يحسب درجة إجمالية من صفر إلى 100 لكل دولة محل الدراسة، على أن يعبر الصفر عن الدولة الأقل حرية، فيما تعبر 100 عن الدولة الأكثر حرية.

ولم يتفوق على جزر القمر من الدول العربية سوى تونس التي تصدرت ترتيب الدول العربية بحصولها على نقطة، فيما احتفظت جزر القمر بالمركز الثاني عربيا، للعام التالي على التوالي بحصولها على رصيد النقاط نفسه في عامي 2017، و 2018، وهو 55 نقطة.