الخميس 2018/05/31

صحيفة إندبندنت: هذه أهداف الأسد من قانون رقم (10)

نشرت صحيفة "إندبندنت" مقالا للصحافي روبرت فيسك، يقول فيه إن هناك أوجه شبه مؤلمة بين القانون الإسرائيلي لأملاك الغائبين عام 1950، الذي سيطرت فيه إسرائيل على أملاك الفلسطينيين، الذين شردتهم عامي 1947- 1948 وبين قانون الإسكان الذي أعلن عنه نظام بشار الأسد، مشيرا إلى أنه محاولة خفية لتشريد عشرات الآلاف من السوريين، لكنه لن يساعده على الانتصار في الحرب.

ويبدأ فيسك مقاله، الذي ترجمته "عربي 21"، بالقول: "عندما تنتهي الحروب يعيد المنتصرون رسم الخرائط، وهذا فعلته بريطانيا وفرنسا للدولة العثمانية نهاية الحرب العالمية الأولى، وهو ما فعله هتلر في شرق أوروبا عندما اعتقد أنه ينتصر، وهو ما فعلته دول الحلفاء في نهاية الحرب العالمية الثانية، وكذلك فعل الإسرائيليون أثناء نكبة الفلسطينيين، وما فعله صدام عندما غزا الكويت، والآن بانحراف دقيق في سوريا، وقبل أن يربح الأسد سوريا كلها، فإنه يقوم بإعادة رسم المناطق الواقعة تحت سيطرته، ليس الحدود الوطنية، بل المدن ".

ويقول الكاتب إن "قانون 10 يبدو كأنه عملية تهجير سكاني للمناطق التي انتفضت ضد النظام بعد عام 2011، وحتى داخل حدود المدن يقول الكثير من السوريين إنه سيتم تجريد عشرات الآلاف من بيوتهم، خاصة في المدن الكبرى التي دكت دكا، وتم تحويلها إلى صورة مصغرة عن ستالينغراد أو درسدن، بسبب سنوات القتال، ولن ينتفع من القانون إلا النظام الذي أصدره، خاصة أن الممتلكات التي لن يتقدم أحد بإثبات الملكية لها ستحول إلى ملكية النظام".

ويتساءل فيسك عما إذا كانت هذه هي الطريقة لتحقيق "المصالحة" التي يتحدث الروس، وحتى النظام وداعموه، عنها، ويذكر بما قاله بشار الأسد العام الماضي: "صحيح أن سوريا خسرت شبابها وبنيتها التحتية .. لكنها حصلت على مجتمع صحي ومتجانس".

ويتساءل الكاتب: "فهل هذا ما يريد قانون 10 تحقيقه لأنه يقوم عمليا بحرمان كل شخص عارض النظام، أو فكر في معارضته، أو كان قريبا من الذين عارضوه، من استعادة ممتلكاتهم، فالنظام لعمل هذا وآلية تطبيق القانون يحملان لمسة شريرة؟".

ويشرح فيسك الطريقة التي يعمل فيها القانون الجديد: "فالمناطق المدمرة في سوريا سيتم الاعتراف بأنها مناطق لإعادة التطوير والإعمار، وحتى تثبت ملكيتك للعقار المدمر أو المصاب بأضرار فإن عليك المثول شخصيا بإثباتات الملكية، وخلال 30 يوما، وبالتأكيد فلا أحد من الذين يعيشون خارج البلد وعارضوا الحكومة يمكنهم الحضور، ولا أحد من عشرات الآلاف ممن يعيشون خارج مناطق النظام وهربوا من الخدمة العسكرية ويواجهون أوامر بالاعتقال ".

ويقول الكاتب: "عندما طرحت الموضوع مع مسؤول بارز في غرفة التجارة السورية، أجاب: (لا مشكلة)، فيمكن لأصحاب الأملاك تفويض قريب أو محام لإثبات ملكيتهم، وهذا صحيح، فيمكن للقريب الرابع أو الخامس التقدم بإثبات الملكية، إلا أن التفويض بالوكالة يحتاج إلى إذن أمني، الذي لن يمنح لو كان الأقارب يمثلون أشخاصا على قائمة المطلوبين للدولة، وهذا كله قبل أن نواجه يأس ملايين السوريين الذين حرقت أوراق ملكيتهم في بيوتهم أو مؤسسات النظام أثناء القتال، فإن لم تكن معك أوراق فكيف ستثبت ملكيتك للأرض؟ ".

ويشير فيسك إلى أن "لبنان، الذي يدعم الكثير فيه نظام الأسد، ومنهم الرئيس، انتقدوا قانون (10)؛ لأن لدى لبنان أكثر من مليون لاجئ سوري فروا مثل الفلسطينيين في عامي 1947 و 1948 وربما لن يعودوا أبدا".

وتنقل الصحيفة عن وزير الصحة اللبناني ونائب رئيس الوزراء غسان حاصباني، قوله لقناة تلفزيونية سعودية إن الكثير من السوريين في لبنان فقدوا أوراقهم الثبوتية، وتم منع بعضهم من العودة إلى بلادهم، بسبب الخوف على حياتهم أو محاكمتهم، فيما تقول مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إن 11 مليون نسمة شردوا داخليا وفي الدول المضيفة أثناء الحرب.

ويورد الكاتب نقلا عن المجلس النرويجي للاجئين، قوله إن نسبة 70٪ من اللاجئين تنقصهم وثائق الهوية الأساسية، مشيرا إلى أن هناك موازنة مؤلمة هنا مع مأساة الفلسطنيين وعائلاتهم، الذين حرمتهم إسرائيل من العودة إلى بيوتهم، بسبب قانون أملاك الغائبين عام 1950، الذي يمنع بشكل عملي وفعلي أي فلسطيني من العودة إلى أرضه أو مزرعته، التي فر أو طرد منها بعد 27 تشرين الثاني / نوفمبر 1947.

ويلفت فيسك إلى أن وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل لم يتلق ردا على رسالته من نظيره السوري وليد المعلم، وإلى الأمين العام للأمم المتحدة، التي عبر فيها عن قلقه، وكتب فيها: "إن عدم قدرة النازحين على إثبات ملكيتهم في الفترة المحددة قد يؤدي إلى خسارتهمم ممتلكاتهم، والشعور بفقدان الإحساس بالهوية الوطنية، ما يحرمهم من أهم حوافز العودة إلى سوريا ".

ويعلق الكاتب قائلا إن "هذا لا يعني أن لبنان يريد الدفاع عن اللاجئين السوريين، بقدر ما يريد منهم مغادرة أراضيه، ويعد المسؤولون اللبنانيون قانون 10 بمثابة تثبيط لعزيمتهم، لأنه قد يجردهم من بيوتهم التي سيعودون إليها".

ويقول فيسك: "بالنسبة لحاصباني فإن الاعتراض واضح على تنفيذ القانون والإطار الزمني 30 يوما ليتقدم السوري بالأوراق الثبوتية، أما بالنسبة لمعارضي الأسد فإن الأمر بسيط، حيث يقوم النظام بتجريد معارضيه السنة من ممتلكاتهم بهدف إعادة بنائها وبيعها بأرباح مرتفعة، وهذا نوع من التطهير العرقي. لأن النظام سيسمح لحلفائه الشيعة، بمن فيهم أبناء الطائفة العلوية، بالعيش في المناطق التي سيعاد بناؤها ".

وينوه الكاتب إلى أن قانون 66 في عام 2012 سمح للنظام بتطوير المناطق العشوائية، وفي العام ذاته سمح قانون 63 لوزارة المالية بمصادرة أموال الأشخاص الذين ينطبق عليهم قانون مكافحة الإرهاب الصادر عام 2012، مستدركا بأن هذا القانون يتبنى ما يراه النظام إرهابا، الذي يشمل كل من ينتقد النظام أو يعارضه، أو المدني الذي حمل السلاح عندما تعرض بيته للهجوم.