الأحد 2017/08/06

الخارجية السعودية تؤكد “تسريبات الجسر” من حيث أرادت نفيها !

بعد رسالة "الهيئة العليا للمفاوضات" التي سربتها قناة الجسر للإعلام مساء يوم السبت حول حديث وزير الخارجية السعودية عادل الجبير عن "بقاء الأسد" في المرحلة الانتقالية، أصدرت وزارة الخارجية السعودية عن مصدر مسؤول فيها بياناً أوضحت فيه "عدم دقة ما نسبته بعض وسائل الإعلام لوزير الخارجية عادل الجبير".

ونقل البيان المقتضب عن "المصدر" تأكيده "موقف المملكة الثابت من الأزمة السورية، وعلى الحل القائم على مبادئ إعلان "جنيف 1 " وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 "، وأوضح البيان السعودي أن القرارات التي تلتزم المملكة بها تنص على "تشكيل هيئة انتقالية للحكم تتولى إدارة شؤون البلاد، وصياغة دستور جديد لسوريا، والتحضير للانتخابات لوضع مستقبل جديد لسوريا لا مكان فيه لبشار الأسد".

والحقيقة أن بيان الخارجية السعودية جاء ليؤكد صحة الرسالة التي نقلتها الجسر بدل أن ينفيها، وذلك للأسباب التالية :

1- يحيل بيان لخارجية السعودية رؤية المملكة للحل في سوريا إلى بيان "جنيف 1"، وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، وهذا يعني الحل على طريقة "التغميض المقصود"؛ فمن المعروف أن كلاً من واشنطن وموسكو رغم إقرارهما مضمون هذه البيانات إلا أنهما اختلفا في التفسير ، لأن هذه القرارات لا تشير صراحة إلى مصير "بشار الأسد" ، ما جعل الولايات المتحدة تقول إن الأسد يجب أن يرحل "قبل بدء المرحلة الانتقالية"، بينما تمسكت روسيا بالقول إنه مشمول بتلك المرحلة بل ويحق له أن يشارك في انتخابات ما بعد المرحلة الانتقالية، عبر الاعتماد على البند الذي ينص على أن "الشعب السوري هو من يقرر مصيره"، وفي مؤتمر صحفي بتاريخ 19 نيسان 2017، قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إن "خطة التسوية جاهزة بالنسبة لدينا، وتمت الموافقة عليها في مجلس الأمن بموجب القرار 2254، لا في واشنطن" وفق المفهوم الروسي طبعاً.

2- بالعودة إلى تصريحات وزير الخارجية السعودي عادل الجبير فإنها كانت تنص بمجملها وبشكل صريح " أن على بشار الأسد الرحيل فور تشكيل السلطة الانتقالية ، ولا إمكانية لبقائه في السلطة "، وهذا ما لم يتطرق إليه بيان الخارجية السعودية الأخير، الذي استخدم "التعمية" الأميركية الروسية ذاتها قائلاً إن الأسد لا مكان له في مستقبل سوريا، وهذا يعني فقط أنه لا يمكن أن يشارك بانتخابات عقب المرحلة الانتقالية ( التي ربما تطول سنوات إن تحققت) ، ولم ينص بشكل صريح على عدم إمكانية وجوده في المرحلة الانتقالية.

3- بالإضافة إلى ما سبق فإن بيان الهيئة العليا للمفاوضات ( الذي استبقت به التسريبات) لم يتحدث أصلاً عن قضية مناقشة "مصير الأسد" بل تحدث عن الاجتماع الموسع للمعارضة السورية في "الرياض 2"، وبالتالي فالبيان أكد النقطة غير الجوهرية في الموضوع ، ولم ينفِ صراحة لُب الموضوع، وكل ما تداوله الإعلام حتى الآن من تصريحات لأعضاء في الهيئة لا يخرج عن كونه "دوران حول الذات"، فبدل أن يكون النفي منصباً على قضية "مصير الأسد" قام بعض أعضاء الهيئة بالحديث عن لقاء "ودي" بين الجبير والهيئة، وكأن التسريبات تحدثت عن شيء يخالف قضية "اللقاء الودي"!

تجدر الإشارة إلى أن ثمة أسباباً كثيرة تشير إلى صحة "الرسالة المسربة"، لكن الحديث هنا اقتصر على ما يتعلق بالبيانات الصادرة من الطرف السعودي ومن طرف الهيئة العليا للمفاوضات.