السبت 2020/03/28

دبي تتأهب لضربة مالية

تمتد شواطئ دبي المُشمسة خاوية، بينما ترتفع الأعلام الحمراء محذرة الزائرين من الاقتراب لحماية أهم مركز للسياحة في الشرق الأوسط من وباءو فيروس «كورونا».

فقد بدأ الوباء يوجه ضربة مؤلمة لدبي، إحدى أكثر مدن العالم جذبا للزائرين، إذ تغلق بعض الفنادق أبوابها وتهبط معدلات الإشغال إلى أقل من عشرة في المئة في فنادق أخرى.

وتعكف الفنادق على حماية من تبقى من الموظفين والنزلاء عبر قياس درجات حرارتهم وتوزيع مطهرات الأيدي عليهم. كما تعيد توزيع الموائد في المطاعم للمباعدة بينها.

لكن العاملين في الفنادق يخشون من أن يكون هذا التباطؤ مجرد بداية لشيء أكثر وطأة. وبينما تقول السلطات أن الشواطئ والمسابح ستُغلق لأسبوعين فقط، يشير مسؤولون إلى أن تلك القيود قد تتجدد.

وجدد التفشي أيضا المخاوف حيال المالية العامة للإمارة عالية الاستدانة. ويقول محللون ومصادر في القطاع المالي أنه قد يجبر الحكومة على السعي إلى صفقة إنقاذ مماثلة لتلك التي قدمتها لها أبوظبي الغنية بالنفط بعد أزمة مالية في 2009.

وقال مدير في أحد أشهر فنادق دبي اشترط عدم الإفصاح عن اسم المنشأة «نتوقع استمرار الأوقات العصيبة لشهور، على الأرجح لعام 2020 بأكمله.»

وكان يتفقد أسرة بريطانية من ثلاثة أشخاص يجلسون بجانب المسبح ضمن عدد قليل من النزلاء الذين مازالوا في الفندق المكون من 500 غرفة. وأعطى الفندق 300 من العاملين إجازات غير مدفوعة، وأغلق المشرب (البار) المقام على المسبح ونادي الأنشطة الترفيهية على الشاطئ، بعد أن أضرت جائحة «كورونا» بحركة السفر العالمي ودفعت الإمارات إلى إغلاق أغلب الأماكن العامة.

هذا الفندق الذي قلص عدد العاملين فيه بنسبة 20% هو واحد من بين مئات المنشآت المماثلة التي تواجه نفس الضغوط في دبي، حيث تشكل السياحة أكثر من 11 في المئة من إجمالي الناتج المحلي وتدعم قطاعات التجزئة والنقل والتشييد.

وقال «المجلس العالمي للسفر والسياحة» أن دبي كانت ثالث أكثر مدن العالم جذبا للإنفاق السياحي الدولي المباشر بواقع 28 مليار دولار في 2019. وقالت الحكومة أن أكثر من 16 مليون سائح زاروا المدينة العام الماضي.

وعلقت «طيران الإمارات» المملوكة لحكومة الإمارة، والتي حققت أرباحا بلغت 862 مليون درهم (234.70 دولار) في النصف الأول من 2019، رحلات الركاب حتى قبل أن تقرر الدولة يوم الثلاثاء الماضي تعليقها باستثناء رحلات الإجلاء.

وقال جيمس سوانستون، الاقتصادي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لدى «كابيتال إيكونوميكس» الاستشارية في لندن «في حالة استمرار تلك الإجراءات (الرامية لمكافحة الفيروس) لنحو ثلاثة أشهر أو أربعة … فستقتطع من خمسة في المئة إلى ستة في المئة تقريبا من إجمالي الناتج المحلي لدبي.» وقال أيضاً أن دبي هي الاقتصاد الأكثر حساسية في الشرق الأوسط لقيود السفر الناجمة عن فيروس «كورونا»، وأن الشركات الحكومية قد تضطر إلى اللجوء إلى إعادة هيكلة للديون أو طلب مساعدة من العاصمة الإماراتية أبوظبي.

وتشير تقديرات «كابيتال إيكونوميكس» إلى أن عبء ديون دبي يبلغ نحو 135 مليار دولار (125 في المئة من إجمالي ناتجها المحلي) تحل مواعيد استحقاق نصفها تقريبا قبل نهاية 2024. ومددت أبوظبي العام الماضي للمرة الثانية أجل سداد قرض بعشرة مليارات دولار قدمته لدبي خلال أزمة الإئتمان العالمية عام2007/2008 التي شهدت انهيار سوق العقارات في الإمارة.

وكان النمو الاقتصادي في دبي قد تباطأ نتيجة انخفاض أسعار النفط والتراجع في سوق العقارات حتى قبل بدء تفشي الفيروس.

وقالت «الحبتور سيتي»، وهي مجموعة تضم ثلاثة فنادق في دبي، أنها قامت بتحويل حجوزات جميع النزلاء إلى فندق «الحبتور بالاس» الأعلى مرتبة، وأن فندقيها الآخرين خاويان الآن لكنهما «ليسا مغلقين تماما.»

وتفيد أرقام أولية من «إس.تي.آر» لتحليل البيانات أن معدلات إشغال الفنادق في الإمارات العربية المتحدة، انخفضت في الأسبوع الأول من مارس/آذار بنسبة 28.2 في المئة على أساس سنوي، في حين تراجعت إيرادات الغرفة المتاحة 43 في المئة.

وقال فريدريك راينيش، المدير العام في «الحبتور سيتي»، أنه على يقين «من أن مزيدا من العون قادم لقطاع الفندقة. سيساعدنا هذا في الحفاظ على الوظائف»، في إشارة إلى حزم تحفيز أعلنت عنها حكومة دبي ومصرف الإمارات المركزي.

من جهة ثانية يعرض انتشار المرض للخطر أيضا معرض «إكسبو2000» العالمي، الذي تستعد دبي لاستضافته بدءا من أكتوبر/تشرين الأول. ويستهدف المعرض جذب 20 مليون سائح. وقالت «ماريوت إنترناشونال» الأمريكية العالمية للفنادق في بيان «يمكننا تأكيد أن بعض منشآتنا في الشرق الأوسط تقرر إغلاقها مؤقتا.»