الأربعاء 2019/01/30

هل يعيد اجتماع البحر الميت الحياة إلى نظام الأسد؟

بعد أطول جولة شرق أوسطية يقوم بها وزير خارجية أمريكي، يبدو أن جهود مايك بومبيو آتت ثمارها سريعاً على جميع الصعد التي تم تداولها مع دول المنطقة الثماني التي كانت على جدول أعماله، فيما ألغيت زيارة الكويت بسبب ظرف طارئ ألمّ بالوزير.

اليوم الخميس 31/1/2019 تداعت ست دول من هذه الدول إلى اجتماع عاجل في البحر الميت يضم كلاً من السعودية والإمارات والبحرين والكويت من مجلس التعاون الخليجي، إضافة لمصر والدولة المضيفة المملكة الأردنية.

استثناء قطر والعراق وعمان من اجتماع البحر الميت له دلالات يمكن استنباطها من المواضيع الساخنة المتوقعة التي يريد الاجتماع التوصل لاتفاق حولها حسب بعض المصادر:

بدء ترتيبات المصالحة الخليجية، وفك الحصار عن قطر، وعودة العلاقات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية إلى سابق عهدها، وقد يبعث الاجتماع برسائل عبر وساطة كويتية أردنية يحملها كل من أمير الكويت، وملك الأردن إلى أمير قطر، الأعراف الدولية تتيح لأمير قطر حضور مباراة نهائي كأس آسيا لكرة القدم التي وصل إليها المنتخب القطري، لكن مع ضيق الوقت قد نشهد حضوراً رسمياً قطرياً على مستوى ما، لكنه سيكون مؤشراً مهماً على أولى خطوات هذه المصالحة.

إيجاد حل لخروج السعودية والإمارات من حرب اليمن، وتثبيت اتفاقات السويد بين الحكومة اليمنية والحوثيين، الأمر الذي يحتاج إلى موافقة إيران على ذلك، الشيء الذي يمكن أن تقوم به العراق وعمان لعلاقتهما الجيدة مع النظام الإيراني. تجميد الحرب في اليمن سيعطي الفرصة لتفاهمات أوسع داخلية وإقليمية.

بحث عودة نظام الأسد إلى جامعة الدول العربية، ودعوته لحضور قمة تونس نهاية شهر مارس/آذار القادم، بذريعة معلنة هي المساعدة في فك ارتباط نظام الأسد بإيران وتقليل اعتماده عليه، وبالتالي تحجيم نفوذها في المنطقة، وسيتم هنا عرض حزمة مساعدات ضخمة لإعادة إعمار البلاد المدمرة بعد سنوات الحرب الطويلة الماضية، يرافقها القبول بعودة تدريجية للاجئين السوريين لتخفيف الضغط عن دول مثل لبنان والأردن والعراق ومصر بسبب أزمة اللاجئين، وقبول النظام بإجراء بعض الإصلاحات السياسية والدستورية لاستعادة الاستقرار في البلاد.

هذه الذريعة المعلنة هي مشروع على المدى الطويل، لكن سيتم معه الحصول على تأكيدات من النظام في الموافقة على أهم بند في مقررات جدول أعمال قمة تونس، وهو التالي:

الاتفاق على إدراج مبادرة السلام العربية مع تل أبيب لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي، المبادرة التي تمت الموافقة عليها سابقاً في قمة بيروت 2002 والتي ستمهّد الطريق للرئيس الأمريكي ترامب للإعلان عن "صفقة القرن" في شهر أبريل/نيسان القادم. "صفقة القرن" ستدرج على جدول أعمال قمة تونس بسبب عجز وليّ السعودي "محمد بن سلمان" عن تمرير الصفقة بعد سلسلة الأخطاء الكارثية التي ارتكبها بعد تسلّمه مقاليد السلطة في بلاده.

لأول مرة في تاريخ الجامعة العربية سيكون في أدبياتها أعداء غير "العدو الإسرائيلي" الذي قطعت بعض الدول العربية شوطاً في التطبيع معه، فيما ستلحق بها أخرى قريباً، وهذه الدول تدفع الجامعة العربية اليوم لتضع نفسها في مواجهة تركيا وإيران كعدوّين: بدل أو قبل "العدو الإسرائيلي"، وبتعبير أدقّ فإنّ أنظمة مثل السعودية والإمارات والبحرين ومصر وعُمان والعراق، وأنظمة ملحقة بها مثل يمن الحوثيين، وليبيا حفتر، ولبنان حزب الله، ونظام الأسد، كلها تضع عداوة تركيا قبل عداوة إيران، ومع أن الأنظمة الخليجية خصوصاً تتحدث عن تحجيم النفوذ الإيراني بالطريقة التي تتحدث بها تل أبيب وواشنطن، لكنها ترى طريقة حكم الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" عاملاً مساعداً لصعود ما تسمّيه "الإسلام السياسي" والذي تتهمه بثورات الربيع العربي التي أطاحت بعدد من الأنظمة العربية مثل مصر وتونس وليبيا، وتريد أن تكون سوريا آخر محطاته.

قد لا يصدر عن الاجتماع السداسي في البحر الميت بيان ختامي، لكن الأحداث التالية له ستبيّن حقيقة ما انعقد لأجله، وحجم الاتفاقات التي تمّت فيه.