الأحد 2019/06/16

هل ستهدأ الحرب في سوريا بعد مؤتمر البحرين؟

تسعة أيام تفصلنا عن مؤتمر المنامة في البحرين، يحمل هذا المؤتمر أسماء عديدة من بينها "مؤتمر السلام العربي الإسرائيلي"، أو الفلسطيني الإسرائيلي، "صفقة القرن"، "صفقة العصر"، "مؤتمر الازدهار من أجل السلام"، أو "السلام من أجل الازدهار".. بالمحصلة جميعها تندرج تحت مبدأ تل أبيب الجديد مع الفلسطينيين ومع جيرانها-أعدائها سابقاً-العرب، المتمثل بمبدأ "المال مقابل السلام"، فقد انتهى عهد مبادئ "الأرض مقابل السلام" ثم لحقه نهاية مبدأ "السلام مقابل السلام" تل أبيب اليوم في موقع أفضل بكثير عن أيام ستينات وسبعينات القرن الماضي، لم يعد لديها أعداء كثر في المنطقة كما كان يظهر عليه الأمر، معظم أولئك اليوم أصدقاء سيشرّفهم المشاركة في مؤتمر المنامة القادم، كما عبّر أستاذ للعلوم السياسية بالجامعة الأردنية بقوله: "الأردن لا يملك شرف التأخّر عن المشاركة" وسيتم تسويق المؤتمر عربياً وفلسطينياً تحت وعود من قبيل أنه "فرصة للأردن لتوظيف فرص قادمة لتنمية اقتصاده" حسب أستاذ أردني آخر، فالأردن لن يفوّت فرصة من هذا النوع، وهو الذي يعيش على أزمات اللاجئين في المنطقة منذ عهد النكبة 1948وقدوم اللاجئين الفلسطينيين والأموال المقدمة للأردن مقابل إبقائهم على أراضيه، ثم الأزمات اللاحقة مثل اللاجئين العراقيين والسوريين، وسيستفيد بنفس الطريقة حين حلّ هذه الأزمات.

تل أبيب التي كانت مستعدة يوماً لدفع تكاليف عملية السلام هذه، تجد اليوم من يدفع عنها من الدول الخليجية التي يسمّيها "ترامب" الدول الغنية، ستدفع هذه الدول ثمن السلام مع تل أبيب مقابل حماية كراسيّها واستمرارها في حكم شعوبها، ومنع موجة الربيع العربي من الوصول إليها.

يواجه المؤتمر عقبات في تمرير "صفقة القرن"، والتصعيد الحاصل في المنطقة كلها هو جزء من تذليل هذه العقبات:

-ارتفاع حدة هجمات الحوثيين على أهداف صارت تطال عمق الأراضي السعودية ومنشآتها الحيوية المهمة مثل المطارات وحقول ومنشآت شركة نفط آرامكو.

-الهجوم على ناقلات النفط في ميناء الفجيرة الإماراتي، والتهديد بقصف العاصمة أبو ظبي ومطار دبي الدولي.

-تفجير ناقلتي النفط قرب مضيق هرمز واتهام إيران بمحاولة تعطيل إمدادات النفط العالمية بسبب العقوبات الأمريكية على صادراتها النفطية.

-الدعم السعودي والإماراتي والمصري والدولي لهجوم قوات اللواء حفتر على طرابلس، وفشل مساعي السلام هناك.

-تعقيد المشهد السوداني بعد دفع المحور السعودي الإماراتي المجلس العسكري في السودان لفضّ الاعتصام على غرار ما حدث في مصر في فضّ اعتصام رابعة.

-استمرار التظاهرات في الجزائر المطالبة بتغيير النظام بالكلية ورفض الحالة الانتقالية الحالية التي تكرّس رموز النظام الحاكم.

-تفنّن نظام السيسي في مصر في إغراق البلاد بالأزمات الاقتصادية الداخلية، واستخدام ذريعة "مكافحة الإرهاب" لترهيب معارضيه واعتقالهم في السجون وإعدامهم.

-افتعال التيار العوني في لبنان للمشاكل مع وجود اللاجئين السوريين، والزعم بوجود خطة لتوطينهم تهدد التركيبة الديموغرافية في لبنان، ومسؤولية اللاجئين عن الوضع الاقتصادي المتردّي للبلاد.

-ثم أخيراً هذا القصف الهمجي الروسي المُرافق لقصف واجتياح قوات النظام لمنطقة خفض التصعيد في محيط إدلب، آخر مناطق خفض التصعيد حسب اتفاق أستانا، والتسبب بأزمة نزوح يمكن أن تشكل ضغطاً على تركيا فيما لو وصل القصف إلى المناطق الحدودية التي هرب إليها السكان المدنيون.

هذه الحرائق المشتعلة في المنطقة اشتعالَ النار بمحاصيل السوريين شمال شرق البلاد التي تسيطر عليها مليشيات "ب ي د" الكردية، تساهم جميعها في تسهيل خطة "كوشنر" وإجبار الفلسطينيين على التخلّي عن حلِّ الدولتين والقبول بحلِّ "الدولة القومية اليهودية" فقط.

تل أبيب التي تضمن عدم وجود معارضة على مستوى النظام العربي الرسمي على خطّتها، لا تتوقع أيضاً أي رد فعل شعبي في الشارع العربي "والإسلامي" على "ضياع القدس، والمسجد الأقصى"، وترى أن أساليب "ياسر عرفات" في العودة إلى الشعوب العربية لتمارس ضغطاً على قادتها لم تعد صالحة ولن يكون بمقدور محمود عباس اللجوء إليها، وأنه يتعيّن على مؤتمر البحرين أن يرسل رسالة "للقيادة الفلسطينية" بأن "الجماهير العربية" لديها مشاكل أخرى، ولم تعد مهتمة بالفلسطينيين".

في مؤتمر البحرين سيرقص الحضور على ألحان الإسرائيليين فقط، فكما قال سفير تل أبيب في واشنطن رون دريمر: "لم تعد الدول العربية ترقص على لحن الفلسطينيين". أضاف دريمر موجهاً كلامه للمبعوث الأمريكي للسلام في الشرق الأوسط، جيسون غرينبلات: "يقولون إنه عندما تكون التوقعات منخفضة، يكون النجاح مرتفعا. يبدو أنك في وضع جيد".

هل سيبدأ إطفاء الحرائق في المنطقة إذا نجح المؤتمر؟

للتاريخ فإن مؤتمر المنامة يتزامن مع تاريخ انعقاد المؤتمر الفلسطيني الرابع في القدس عام 1921 الذي طالب يومها بمنح فلسطين الاستقلال عن الانتداب البريطاني، وشكّل وفداً إلى جنيف لإقناع الأمم المتحدة بذلك، فهل سيشكّل مؤتمر المنامة وفداً يذهب إلى فلسطين هذه المرة لإقناع "القيادة الفلسطينية" بالتخلّي عن مطلب الدولة الفلسطينية، والرضى بالانخراط في "الدولة القومية اليهودية"؟ أو أنّ عباس سيواجه خطر خسارة كرسيّ الحكم "العزيز"!!