الأثنين 2018/09/17

مرسوم جمهوري باستحداث “وزارة النفايات” في سوريا !


مركز الجسر للدراسات..


تبدأ قصة النفايات في سوريا مبكرة بعد اندلاع الثورة ضد حكم آل الأسد، آل الأسد طالما تبنوا العقيدة النازية في أنهم "شعب الله المختار" ورسّخوا تلك العقيدة في أذهان بعض أبناء الطوائف المستفيدين من الامتيازات التي منحها لهم آل الأسد، وكما هي حال النازية صنّفوا الشعب السوري إلى طبقات اجتماعية منها ما هو قريب منهم، فيما اضطهدوا أقليات أخرى يشككون بوطنيتها وانتمائها لسوريا مثل الأكراد، وتركوا العرب السنة في أسفل السلم الاجتماعي، بنظرة تشبه نظرة هتلر لليهود في عصره.

هؤلاء هم أكثرية الشعب السوري الذين تعرّضوا لكل أنواع التنكيل والتعذيب، والتمييز العنصري، والمعاملات السيئة، التي مارسها نظام الاستبداد ضدهم على مر عقود خلت، والنظرية النازية لآل الأسد كانت مخفية فكرياً، لكنها كانت ظاهرة واقعياً.

نظرية الجراثيم:

الظهور الأول لبشار الأسد كان بعد مضي ثلاثة أشهر من الاحتجاجات الشعبية العارمة التي تطالبه بالرحيل، على مدرج جامعة دمشق 20/6/2011 بدأت العقيدة النازية تجري على لسانه، حين وصف الاحتجاجات بأنها مؤامرات، وأن المؤامرات كالجراثيم التي تتواجد في كل مكان على الجلد وداخل الأحشاء، يومها كان التهديد واضحاً، إن لم يعد جسم الدولة إلى ما كان عليه من "مناعة" فالإبادة لهذه الجراثيم قادمة.

نظرية العزل:

في نفس هذا الخطاب شخّص بشار معنى المناعة بدقة بالغة "اليوم لدينا جيل من الأطفال تربى بهذه الأحداث! أو تعلم الفوضى! عدم احترام المؤسسات! عدم احترام القانون! كره الدولة! هذا الشيء لا نشعر بنتائجه اليوم سنشعر بنتائجه لاحقاً وسيكون الثمن غالياً" كما أوضح بنفس الدقّة العلاج الذي سيستخدمه " القوانين والقرارات وحدها لن تكون كافية لتحقيق أي تقدم بمعزل عن البيئة السليمة التي يجب أن تحيط بها! إذاً علينا أن نصلح ما تخرب ونصلح المخربين أو نعزلهم وعندها نستطيع الاستمرار بالتطوير".

نظرية التصنيف:

إذن تمّ تصنيف هؤلاء الأطفال، والآخرين المحتجين على النظام كإرهابيين حسب مفهومه، ففي لقاء رجال الدين 23/4/2014، قال بشار الأسد: "إذا انطلقنا من حقيقة واحدة بأننا أمام عشرات الآلاف من الإرهابيين السوريين، أنا لا أتحدث عن إرهابيين أتوا من الخارج، وعندما نتحدث عن عشرات آلاف الإرهابيين فهذا يعني أنه خلف هؤلاء حاضنة اجتماعية. هناك عائلة، هناك قريب وجار وصديق وأشخاص آخرون. يعني نحن نتحدث عن مئات الآلاف، وربما الملايين من السوريين".

نظرية التجانس:

في خطاب بشار 20/8/2017 أمام وزراء الخارجية العرب قال: "خسرنا خيرة شبابنا وبنية تحتية كلفتنا الكثير من المال والعرق لأجيال، صحيح؛ لكننا بالمقابل ربحنا مجتمعاً أكثر صحة وأكثر تجانساً بالمعنى الحقيقي وليس بالمعنى الإنشائي أو بالمجاملات".

آمنت النازية دائماً أنها قادرة على تحسين الجنس البشري بالقضاء على الأجناس الدنيا حسب التصنيف العنصري الذي وضعته، وكانت الدولة هي أداتها الوحيدة في سبيل تحقيق هذا الهدف.

نظرية التنظيف:

في نفس الخطاب السابق تحدث الأسد -بحماقته المعهودة- عن عملية التنظيف الواسعة التي قام بها خلال سبع سنوات من الإبادة التي شنّها على الشعب السوري حين تحدث عن المنشقين عن نظام حكمه، الذين غادروا البلاد فراراً من بطش النظام بهم.

كعادته بدأ بوصف المشكلة بالحديث عن "الأشخاص اللا وطنيين الذين يعملون لصالح جهات أخرى موجودين داخل الدولة في مفاصل مختلفة، ونحن لا نعرف عنهم شيئاً، لا نعرف من هو الوطني، ومن هو غير الوطني، لا يوجد لدينا أي مؤشر على ذلك. تخيلوا لو أن هؤلاء الأشخاص اليوم يتواجدون في قلب المؤسسات خلال هذه السنوات ويلعبون دور الطابور الخامس ويتآمرون لمصلحة تلك الدول، كيف كان سيكون الوضع، بكل تأكيد سيكون الوضع سيئاً، فكيف سنقول لهم اخرجوا من الدولة، أنتم أشخاص غير موثوقين وغير وطنيين، اتركوا الدولة لكي نعمل بشكل سليم".

ثم تحدّث عن العلاج النازي الذي كان ينوي فعله، (وساعدته في تنفيذه الدول الغربية المتآمرة عليه!!) "قام المسؤولون الغربيون بحماقتهم ليس فقط بإخراج هؤلاء الأشخاص من الدولة ولكن بإخراجهم من كل الوطن، أي عملية تنظيف ليس لها مثيل، لم نكن نحن قادرين على القيام بها. لذلك مهما كان هناك خلافات بين الأشخاص وبين الدول، دائما هناك نقاط تلاق، لذلك أستطيع أن اقول إن الغرب كان يدعم الانشقاقات ونحن أيضاً ندعم الانشقاقات بنفس الطريقة من جهة ثانية".

نظرية تدوير النفايات:

مع وصول الأسد الأب للحكم استنسخ التجارب الروسية والرومانية في تنشئة الأجيال على الولاء لنظام الحكم بطريقة عمياء، وأكثر من أي ولاء آخر، وأنشأ لها حواضن تربوية خاصة بها، وأجبر الناشئة على الانخراط فيها، كانت كعمليات التجنيد الإجباري، وفي معسكرات قسرية كان لا بد للطلبة من المرور عبرها في طريقهم للانتقال إلى الصفوف الأعلى، كانت شهادة معسكر الطلائع والشبيبة شرطاً في ذلك.

كانت الاتحادات الطلابية، والفرق الحزبية، والتجمعات النقابية، والمراكز الثقافية، ووسائل الإعلام كلها تؤدي نفس هذا الدور، كان الذي لا ينخرط في هذه الأنشطة يواجه عمليات التصنيف والعزل والتنظيف التي يعلمها كل من عاش في سوريا، وحين ظنّ النظام أنّه وصل إلى عملية "التجانس" التي ينشدها، جاءته صدمة الثورة عليه، وأيقن أن أدواته الماضية لم تكن كافية، فاستخدم أدوات القتل والإبادة، والتهجير، إلى الحد الذي يؤهل النظام ليعلن أنه حصل على مجتمع "أكثر صحة وأكثر تجانساً".

فجأة تعلن روسيا خطتها لإعادة اللاجئين السوريين من الدول التي فرّوا إليها، وطاش عقل النظام، كل جهوده ستذهب أدراج الرياح فيما لو عاد هؤلاء اللاجئون، وبرعاية وحماية دولية، وقد أمضوا زمناً في بلاد عرفوا فيها معنى الحرية والإنسانية والديموقراطية، فكان لا بد من تحريك أدواته الإعلامية لتخويف اللاجئين وتحذيرهم من مصير أسود ينتظرهم ما لو قرروا العودة إلى الوطن.

قناة المنار الشيعية التابعة لحزب الله اللبناني، تستضيف أحد عناصر هذا الحزب ليقول على الملأ: نحن بحاجة إلى الطلائع والشبيبة لإعادة تربية الجيل السوري الناشئ خاصة العائد حديثاً إلى سوريا، إذا كنا نتكلم عن 3.5 مليون سيعادون حسب الخطة الروسية، هؤلاء يحتاجون تربية، يجب أن نربي الأب والأم والولد، هذه هي الحقيقة". "حتى نفهم المشهد في إدلب نحتاج أن نفهم تدوير النفايات كيف يكون برامج تدوير النفايات والمسلحين تدوير النفايات يبدأ بتجميعها، شيء في عرسال شيء في أماكن أخرى، ثم يبدأ فرزهم، بلاستيك هنا وحديد هناك، النصرة إلى إدلب، داعش إلى البادية، بعد تجميعهم يبدأ طحنهم، كبسة كبيرة، يبقى مجموعة قسم يدوّر يستفاد منه، وقسم يطمر ليس له حل، نحن نقترب من مرحلة الطحن، وبعدها تبدأ عملية التدوير والدفن".

غالب الأمر أن عنصر حزب الله سمع "خطة تدوير النفايات" من قيادته، وأنها بالفعل خطة نظام الأسد في التعامل مع كارثة عودة اللاجئين، والواقع على الأرض يدعم هذا الشيء، فاللاجئون سيحجزون أولاً في مراكز الإيواء "الاعتقال" التي أنشأها الروس داخل الأراضي السورية، وفيها تبدأ عمليات الفرز، ومن ثبت ولاؤه ووطنيته، وعدم تأثره بما شاهده في بلاد الغرب، فسيخضع لبرامج التدوير وإعادة التربية والتأهيل، ليعود "مواطناً صالحاً" كما كان قبل الثورة "المؤامرة"، وإلا فمصيره إلى المطامر ليدفن فيها. فلا حل له إلا الطمر.