السبت 2020/08/01

صيف قيصر الساخن.. هل يأتي بخريف العملية السياسية في سوريا؟

في مؤتمره الصحفي حول قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا، 29 تمّوز/يوليو 2020 ، قال جويل د. رايبرن، نائب مساعد وزير الخارجية والمبعوث الخاص لسوريا، عن حزم العقوبات المتتالية على نظام الأسد: " إن هذه حملة ستستمر. وهذا الصيف سيكون صيف قيصر. سنواصل هذه الأنواع من العقوبات في الأسابيع والأشهر المقبلة، ولن تكون هناك نهاية لها حتى ينضمّ النظام السوري وحلفاؤه إلى تنفيذ قرار مجلس الأمن 2254، ويوقفون هجماتهم ضد الشعب السوري".

كان المؤتمر بمناسبة إعلان وزارتي الخارجية والخزانة الأمريكيتين " الإفراج عن 14 تصنيفاً جديداً بموجب قانون قيصر" والإعلان عن حزمة من التصنيفات باسم “عقوبات حماة ومعرة النعمان”، وتهدف هذه التسمية إلى إحياء ذكرى ضحايا جريمتين من أبشع فظائع نظام الأسد، وقعت كلتاهما في مثل هذا الأسبوع من عامي 2011 و2019 على التوالي" حسب ما جاء في المؤتمر.

قياساً على عدد الفظائع التي قام بها النظام، وتوزّعها على مدار الأعوام العشرة الماضية، فلن يخلو أسبوع، أو شهر على أبعد تقدير من حزمة أو حزمات عقوبات، تأخذ اسم واحدة من عشرات، أو مئات المجازر التي ارتكبها النظام، وستكون حقيقة كالسيل المستمر حسب وصف رايبرن وأنه "سوف يستمرّ هذا السيل المستمرّ من العقوبات على الأشخاص أو الكيانات الذين يدعمون نظام الأسد إلى أن يتوقّف بشار الأسد ونظامه عن عرقلة الوصول إلى حلّ سياسي سلمي للصراع".

لكن هل ينجح هذا في صيف واحد، كما هو مفهوم من كلام مساعد وزير الخارجية الأمريكي؟

وهل سيجلس النظام بشكل جدّيٍّ في الخريف التالي على طاولة المفاوضات، لتنفيذ القرار 2254؟

تدرك الولايات المتحدة ومعها الاتحاد الأوربي استحالة ذلك، مهما كانت العقوبات على مستوى كبير من الذكاء والدقّة، الأنظمة الشمولية لا تستجيب عادة بمثل هذه الإجراءات، استطاع النظام العراقي الاستمرار ما يزيد عن عشر سنوات ضمن ظروف تشبه قانون قيصر، لنتذكّر أن صور صدّام حسين وُضعت على قطع نقدية من فئة عشرة آلاف دينار، هذه الأنظمة تستطيع تفادي تأثير العقوبات على بنيتها الأساسية الصلبة، وتحوّلها إلى الأجزاء الهشّة منها، وهي تعني أفراد الشعب السوري الذين لا زالوا يعيشون في مناطق سيطرة النظام.

هذا الدرس قد يبدو جليّاً في الاستراتيجية الأمريكية التي اتخذت مبكراً منحى غير متوقع، تصنيف نجل بشار الأسد الذي بلغ سن الثامنة عشرة قبل بضعة أشهر، هو رسالة سياسية بامتياز أنّ العقوبات تركّز على البنية الأساسية للنظام عندما تضرب أفراد عائلة الأسد شخصياً، لكن على الولايات المتحدة أن تمنع النظام من تحويل تأثير العقوبات إلى الشعب السوري، هذه الجزئية أهم من قانون قيصر نفسه.

مع أن النظام وافق على إرسال وفده إلى اللجنة الدستورية قبيل نهاية هذا الشهر، إلا أنه لا يُتوقع تغيير في سلوك المماطلة والتعطيل، والاستمرار في عرقلة أي عملية تتعلق بالحل السياسي، والنظام حرص على إنهاء انتخابات "مجلس الشعب" قبل أيام، تمهيداً لإقامة الانتخابات الرئاسية وسط عام 2021بمعزل عن القرار 2254، وبمعزل عن أي إشراف للأمم المتحدة عليها.

إضافة للعقوبات التي يفرضها قانون قيصر، والتي يبدو أنها ستطول، فإن إقامة منطقة آمنة في المساحات الخارجة عن سيطرة النظام، وفصلها اقتصادياً حتى من ناحية العملة عنه، وإرساء حكم محلي جيد فيها، سيكون هو أقرب الحلول القابلة للتطبيق، ريثما يتم التوصل لاتفاق لتنفيذ القرار 2254.