الأثنين 2020/12/07

سياسة بايدن القادمة في سوريا: تشديد العقوبات، تثبيت مناطق النفوذ، عملية سياسية تزيل الأسد

ثمانية أعوام قضاها "جو بايدن" كنائب رئيس للولايات المتحدة، خمسة أعوام منها عاصر خلالها  الحرب السورية، وكان شريكاً في صياغة سياسات الرئيس "أوباما" تجاهها، لذا من الطبيعي أن لا يتحدث مباشرة عن نجاحها أو فشلها، فقط يبدو أنه اعترف في حديثه لمجلس العلاقات الخارجية في 2018 بأن "جهود أوباما لحشد دعم الكرملين لانتقال السلطة بعيداً عن الأسد قد أثمرت القليل".

لكن "أنتوني بلينكن" المرشح لمنصب وزير الخارجية في عهد بايدن، وكان قد شغل قبل ذلك منصب نائب وزير الخارجية في عهد أوباما بين عامي 2015-2017، يصرّح بالقول في أن "سياسة إدارة أوباما تجاه سوريا فشلت"، كان هذا قبل عدة أشهر في مقابلة أجريت معه، تابع فيها " لقد فشلنا في منع وقوع خسارة مروّعة في الأرواح. لقد فشلنا في منع النزوح الجماعي للأشخاص داخليًا في سوريا ، وبالطبع خارجيًا كلاجئين . وهو شيء سآخذه معي لبقية أيامي. إنه شيء أشعر به بقوة ".

من الطبيعي تركيز الأنظار على "زعيم" الدبلوماسية الأمريكية القادم خلفاً لأربعة وزراء خارجية سبقوه: كلينتون، وكيري، وتيلرسون، وبومبيو، مقابل وزير خارجية روسي وحيد هو لافروف، وهل يمكن لبلينكن أن يفعل شيئاً بشكل مختلف عنهم؟

العنوان الرئيسي لاستراتيجية الإدارة القادمة فيما يراه بلينكن ستحافظ على سياسة كلٍّ من إدارة أوباما وترامب في " زيادة الضغط الدولي والعسكري للتفاوض على إزاحة  بشار الأسد من السلطة" وأنّ روسيا ستتحمّل جزءاً من هذه الضغوط باعتبارها صاحبة النفوذ الأول على نظام الأسد.

في التفاصيل هذه الاستراتيجية لها عدة محاور:

الأول: : "يجب على الإدارة الأمريكية الجديدة أن توضح لموسكو أنها ستحاسبها على تصرفات الأسد في المستقبل ، وحشد الآخرين للقيام بذلك بنفس الأمر وشن المزيد من الضربات إذا لزم الأمر "، كذلك "يجب  فرض تكاليف على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لدعمه العسكري والسياسي المستمر لحكومة الأسد".

قرار تحميل بوتين المسؤولية عن الجرائم التي يرتكبها الجيش الروسي، وعن دعم بوتين للنظام، ورقة موضوعة على طاولة مجلس الأمن منذ مدة، كانت المندوبة البريطانية السيدة بيرس قد سجّلت في جلسة مجلس الأمن 19/2/2020 "أن الجيشين الروسي والسوري، اللذين ينتهكان القانون الدولي الإنساني ويقصفان، أو يسمحان بقصف المستشفيات والمرافق الطبية والمدنيين، سيخصّان بالمساءلة يوماً ما أمام القانون عن تلك الأعمال، تلك نقطة هامة جداً، إنهما لن يُحمّلا المسؤولية مجتمعين فقط، بل في يوم من الأيام سيتحملان المسؤولية بالتخصيص".

الثاني: يرى بلينكن أن ترامب ولتفادي مواجهة روسيا في سوريامال إلى "ترتيب مناطق نفوذ مع موسكو"، يقول بلينكن": يمكننا متابعة العمل على تثبيت مناطق النفوذ هذه، و " سيكون ذلك بلدًا مقسّمًا لفترة طويلة" ومع رأي بايدن أنه "ليس هناك قاعدة موحدة للعمل في سوريل" فإن بلينكن يرى أن "هناك طرق يمكن من خلالها ، في الواقع ، العمل مع روسيا لأخذ أجزاء من البلد بشكل أساسي  . يتابع "وهكذا يمكنني أن أرى أين يمكنك العمل في مكان يوجد فيه ملاذ آمن بشكل أساسي لأجزاء معينة من ذلك البلد ، ويمكن أن تقلل بشكل كبير من عدد الأشخاص الذين يتم تهجيرهم وقتلهم. لقد حاولنا ذلك سابقاً أيضًا ، ولم يعملوا بشكل نزيه هناك ".

الثالث: عدد من الإجراءات التي ستتخذها الإدارة في تنفيذ الضغط الأقصى على نظام الأسد لدفعه للدخول في عملية تفاوضية سياسية جدّيّة حسب قرارات مجلس الأمن بما يفضي إلى انتقال حقيقي للسلطة في سوريا، من هذه الإجراءات منع أي تطبيع للعلاقات مع نظام الأسد، أو المشاركة في عملية إعادة إعمار قبل التوصل للحل السياسي، واستخدام نفوذ الولايات المتحدة على روسيا لتطبيق وقف إطلاق نار فعّال وشامل، و"الحفاظ على وجود عسكري نشط في سوريا لدعم الأكراد كإسفين دائم ضد كل من الأسد والكرملين"، ودعم المعارضة السياسية السورية وتقوية أدوارها ضمن المجتمع المحلي، وليكون صوتها مسموعاً في المحافل الدولية.

هذه الاستراتيجية تبدو "طويلة الأمد" وعليه فإن المطلوب من المعارضة السورية ترتيب أوراقها لإدارة المناطق التابعة لها بما يتناسب مع إنشاء حكم محلي قادر على تلبية احتياجات السكان المدنيين، وتوفير الأمن والاستقرار، وفرضه كأمر واقع يجب على المجتمع الدولي أن يتعامل معه على قدم المساواة كما يتعامل مع الحكم المحلي الآخر الذي يُدار من دمشق.