الثلاثاء 2017/12/05

رعب سوتشي سيعيد النظام إلى جنيف 8

النظام يكره جنيف، هذه حقيقة بلا شك، فجنيف فيها استحقاق الحكم الانتقالي، والدستور الجديد، والانتخابات الرئاسية التي يرى النظام أنها بمجموعها ستطيح به من السلطة حال قبل التفاوض عليها، هو يريد فقط من جنيف فتح ملف مكافحة الإرهاب، والوصول إلى شراكة دولية معه، واعتباره ولو مؤقتاً ضرورة مرحلية ريثما يتم القضاء على الإرهاب في سوريا، وخلال هذه الفترة يكون قد التقط أنفاسه، ولملم أوراقه العسكرية والسياسية، فيما يكون أعداؤه قد وصلوا إلى الحضيض، وفقدوا الأمل في تحقيق أي انتصار عسكري أو سياسي عليه.

لكن النظام اليوم ليس هو الوحيد الذي يكافح الإرهاب، فالتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة له اليد الطولى في هذه المعركة، ومليشيات "قسد" حققت انتصارات كبيرة، وتسيطر على مناطق واسعة شمال وشرق الفرات، والروس يحكمون قبضتهم على مدينة دير الزور، وجنوب الفرات، مروراً بالبادية، ووصولاً إلى مشارف دمشق، والأتراك طهّروا مناطق درع الفرات من التنظيمات الإرهابية، ويعدّون العدّة لمعركة عفرين، وما هو أبعد من عفرين في المناطق التي تخضع لسيطرة حزب العمال الكردستاني المصنّف على القوائم الإرهابية في تركيا.

إذن في هذا الجانب فقد النظام ورقة مكافحة الإرهاب التي سوّقته في مرحلة سابقة، وجعلت العديد من الدول تفكّر بإعادة تأهيله، لكن ضعفه الشديد وفشل فلول قواته في النجاح في معظم المعارك التي خاضها، والتي عرّضته لانتقادات شديدة بل وللسخرية من الروس والإيرانيين وحتى من حزب الله، هذا الضعف والفشل جعل النظام والمعارضة على قدم المساواة مرة ثانية في الحضور الدولي، خصوصاً بعد اجتماع منصات المعارضة في الرياض 2، والتي تشارك الآن في وفد موّحد في جنيف8، صحيح أن النظام غادر الجزء الأول من جنيف 8، لكن الجميع يعلم أن النظام ليس في الوضع الذي يتيح له مثل هذا التصرّف، وهي حركة غبية منه إن كان يريد تحسين موقعه التفاوضي وفرض بعض شروطه على الجولة، فات الأوان على ذلك، وهو سيعود صاغراً، لهذه المعطيات، ولرعب قادم ينتظره في سوتشي إن هو ضرب مسار جنيف، فالروس بعد استدعائهم لرأس النظام منذ أيام قلائل، وحسب التسريبات عن الاجتماع أنهم أسمعوه كلاماً لم يكن يتوقعه، وفهم منه في ثناياه أنّ أوان نقل السلطة في دمشق قد اقترب، وأن سوتشي ستكون محطة مناقشة الدستور الجديد، وقانون الانتخابات الرئاسية وليس البرلمانية فقط التي ستجري وفقه، بما يعني حكما جديدا للبلاد بديلاً عن الحكم الحالي.

في جنيف قدرة النظام على المراوغة والمماطلة كبيرة، فنظم عمل الأمم المتحدة ضعيفة اتجاه السيادة الوطنية للدول، وليس لديها وسائل إكراه قوية كالتي ستمارسها روسيا على النظام لتنفيذ نتائج سوتشي، النظام سيُضطر منصاعاً للالتزام بها بغضّ النظر عن طبيعة الحاضرين ومقدار قربهم من النظام، فالنتائج مكتوبة سلفاً بأيادٍ روسيّة.

إيران تعلم بشكل جيد وضع النظام الصعب في سوتشي، وهي تعتبر روسيا منافساً شرساً لها في سوريا، إن لم نقل تعتبرها عدوة ستزاحمها في الإطباق على عاصمة عربية رابعة بعد بغداد وبيروت وصنعاء، وإيران هي من سيدفع النظام هذه المرّة للعودة إلى جنيف فإلى جانب روسيا في سوتشي هناك تركيا التي هي أيضاً لا ترتاح إيران لحضورها بقوة في الملف السوري فتركيا أقرب للسوريين بكل المقاييس من إيران التي تعمل على طمس هوية الشام السنّية وتحويلها إلى محافظة إيرانية شيعيّة.

اليوم أو غداّ سيعلن النظام عن موقفه النهائي من جنيف 8، سننتظر!!