الجمعة 2018/12/07

الولايات المتحدة تطفئ أضواء أستانا وسوتشي.. لماذا؟

إحاطة جيمس جيفري، الممثل الخاص لسوريا، في واشنطن 3 كانون أول / ديسمبر 2018، بعد انتهاء اجتماع المجموعة المصغرة للدول السبع: الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والسعودية والأردن ومصر، كان لافتاً استخدام ذلك المصطلح الفج عن عملية أستانا وسوتشي التي ترعاها روسيا وتركيا وإيران: "سوف نسحب المقابس".

لم يجد جيفري تعبيراً سياسياً أفضل منه ليعبّر عن موقف الدول السبع من المسار الروسي الإيراني، "سحب المقابس" يعني إطفاء أضواء أستانا بشكل نهائي وإدخالها في الظلمة التي تتيح لها أن تخطو ولو خطوة واحدة في أي اتجاه.

جيفري اعتبر جولة أستانا 11 الفرصة الأخيرة لحلحلة الاستعصاء السياسي والموافقة على تشكيل اللجنة الدستورية بأسماء أعضائها الخمسين الذين سمّتهم الأمم المتحدة عبر القائمة التي قدّمها السيد دي ميستورا، اللجنة الدستورية كانت انبثقت عن مؤتمر سوتشي نهاية الشهر الأول من عام 2018 الجاري، عشرة أشهر كانت كافية لتشكيلها، لكن كما قال جيفري: "كنا نأمل -متابعةً لمؤتمر اسطنبول -أن يتمكن الروس والإيرانيون والأتراك من وضع اللمسات الأخيرة على القائمة الثالثة من الأعضاء لهذه اللجنة الدستورية، وكان ذلك هدفاً أساسياً لاجتماع أستانا الأخير الخميس.

غير أنهم لم ينجحوا في ذلك"، كانت الولايات المتحدة في موقف رسمي عقب أستانا 11 قد أصدرت بياناً تلته المتحدثة باسمها قالت فيه: " إن هذه ليست عملية!! نحن نعتقد أنها وصلت إلى نهايتها".

جيفري لإزالة اللبس الحاصل عن عدم خروج بيان ختامي لمجموعة الدول السبع، وأن ذلك يمكن أن يشير إلى خلاف حاصل بينهم، أكّد أنه لا يتحدث فقط باسم المجموعة المصغّرة، بل كما قال: "أعتقد أنني سأعبر عن وجهات نظر الكثير من الدول الأخرى الرئيسية في الأمم المتحدة المعنية والمهتمة بسوريا، هو ألا نستمر في هذه المبادرة الغريبة ألا وهي سوتشي / أستانا، وألا ندعها تتولى مهمة تشكيل لجنة دستورية وتقديمها على طبق للسيد ديمستورا.

لقد حاولوا وفشلوا، أو على الأقل حتى هذه النقطة فشلوا. وإن استمر فشلهم حتى 14 كانون أول / ديسمبر، فإن وجهة نظر الولايات المتحدة، كما ورد في تعليقات هيذر أو في البيان الصحفي الذي أصدرته يوم الخميس، هو دعونا نسحب المقابس عن أستانا".

لماذا فعل جيفري ذلك؟

أولاً: أراد جيفري إرسال رسالة دعم واضحة للموقف التركي في رفض تغيير قائمة الأمم المتحدة في اللجنة الدستورية بأستانا، "فإن الحكومة التركية قد احتفظت بموقفها ولم تستسلم للضغوط من جانب الدولتين الأخريين للتوقيع على قائمة ثالثة من شأنها أن تكون مؤيدة للنظام، وهذا مهم جداً" هذه الرسالة من جهة أخرى تعكس التقارب الأمريكي التركي حول جملة من القضايا على الأرض في إدلب ومنبج ومنطقة شمال شرق الفرات، وسينعكس هذا التقارب أيضاً في ملفات إقليمية ودولية عديدة منها الأزمة الخليجية مع قطر، ومقتل خاشقجي، والعقوبات الاقتصادية على إيران.

ثانياً: يريد جيفري أن يبدأ "بيدرسون" المبعوث النرويجي الجديد مهمته دون تحمّل تبعات حقبة سلفه "دي ميستورا" ليكون أمامه خيارات مفتوحة يتحرك من خلالها عقب الانسداد الذي وصلت إليه العملية السياسية على يد دي ميستورا.

هل لدى الأمريكيين خطة "ب"؟

تملّص جيفري-كعادته-من الإجابة على هذا السؤال، فقط قال: "سنعود إلى الأمم المتحدة"!! لم يكن الجواب مقنعاً، فالعملية في الأمم المتحدة منذ سبع سنوات تدور في حلقة مفرغة فلا بيان جنيف 30حزيران/يونيو 2012، ولا القرار 2254 الذي مضى على صدوره ثلاث سنوات، في وارد قابلية التطبيق.

هل يقصد جيفري إمكانية صدور قرار جديد في مجلس الأمن؟

ذلك مستبعد تقريباً فالخلاف الروسي الأمريكي في مستويات أعلى مما سبق، والفيتو الروسي سيحضر في حال الذهاب نحو حل يفضي إلى انتقال سياسي.

بالمقابل سينتقم الروس من مسار المجموعة المصغرة، ولن يقبلوا بأي مبادرة تأتي عن طريقها، ولذا فالمشهد السياسي الآن يقول: جميع المسارات الثلاثة معطلة، الأمم المتحدة في جنيف، والدول الثلاث الضامنة في أستانا وسوتشي، وكذلك مجموعة الدول السبع.

إذن ما هي الخطوة التالية؟

على المسارات الثلاثة لا يوجد رؤية، لكن أقرب الأمور أن يعود الملف للأمم المتحدة مع المبعوث النرويجي الجديد، الذي يبدو أنه قد يمسح إرث دي ميستورا بالكامل ويبدأ من جديد.