السبت 2019/05/11

الولايات المتحدة: الأسد أحد أذرع إيران الطويلة التي يجب قصّها


الجسر للدراسات..


حديث السفير الأمريكي جيمس جيفري لصحيفة الشرق الأوسط تضمّن هجوماً كاسحاً على نظام الأسد، وحمّله المسؤولية الكاملة عمّا سماه "الكارثة الحقيقية" الناتجة عن "تمسّكه بالحل العسكري" ورفضه لكل الحلول السياسية التي طرحت عليه إن كان عبر مسار جنيف بتعطيله لقرارات مجلس الأمن وعلى رأسها القرار 2254، أو عبر مسار أستانا وسوتشي وخرقه لوقف اتفاقات وقف إطلاق النار، واجتياحه لمناطق خفض التصعيد وآخرها إدلب التي يجري اجتياحها الآن، وتعطيله تشكيل اللجنة الدستورية المنبثقة عن هذا المسار.

ما تحدّث عنه جيفري من "أدوات سياسية واقتصادية وعسكرية" يعدّ بمثابة حكم بالإعدام على نظام الأسد، من استمرار الحضور العسكري شمال شرقي سوريا لمنع ملء الفراغ هناك من النظام وحلفائه، ودعم الضربات الإسرائيلية ضد المواقع الإيرانية في سوريا. إلى حرمان النظام من الوصول إلى أموال إعادة الإعمار. ووقف جهود النظام وروسيا لإعادة اللاجئين، وعرقلة الاعتراف بالنظام في الجامعة العربية أو ثنائياً. وفرض برنامج عقوبات منسق مع الأوروبيين.

اللافت في حديث جيفري هو أن الولايات المتحدة لم تعد تنظر لنظام الأسد باعتباره "دولة ذات سيادة" بل باعتباره واحداً من وكلاء إيران وأذرعها في المنطقة، كالحوثيين في اليمن، و"الحشد الشعبي" في العراق، و"حزب الله" في لبنان، وأن الولايات المتحدة " تنظر إلى كل هذه المناطق كمسرح واحد للعمليات الإيرانية"، وعلى هذا الأساس دخل جيفري في الجواب عن الجزئية التقليدية في موقف الولايات المتحدة من الأسد شخصياً، سياسة الولايات المتحدة تجاوزت الحديث عن هذه الجزئية الصغيرة، الأسد اليوم يشبه الحوثي في اليمن، وحسن نصر الله في لبنان، وقائد أي مليشيا أخرى تابعة لإيران، والولايات المتحدة لم تعد تنظر إليه هو الآخر كرئيس دولة، ولذلك ذهب جيفري مباشرة إلى لغة القرار 2254 حسب تعبيره، والتي وافقت عليها روسيا، وحظيت بإجماع مجلس الأمن والمجتمع الدولي عليها، والتي تطلب بشكل رئيسي حسب جيفري "تغييرات في الحكم.

استعملت كلمة «الحكم» مرات عدة لأن «الحكم» الحالي غير مقبول ومجرم ووحشي. نريد التغيير، ومتمسكون بالتغيير. وسياستنا القائمة على الضغط لن تتغير إلى أن تتصرف دولة سوريا بطريقة مختلفة مع شعبها وجوارها. هذه هي السياسة وليس تغيير شخص معين".

إذن التغيير يجب أن يشمل كلا الطرفين: الحكم الحالي (النظام) ورئيسه، وأن هذه سياسة الولايات المتحدة اليوم، ويبدو أن الأمور ستسير نحو التصعيد ضد الأسد كما هو الحال ضد نظام طهران الذي بدأ يترنّح بتأثير العقوبات الاقتصادية الأمريكية المشددة عليه، وخصوصاً بعد اقتراب موقف الاتحاد الأوروبي كثيراً من الموقف الأمريكي إثر تهديد إيران بالتخلي عن بعض التزاماتها في الاتفاق النووي المبرم معها، وتهديدها بعرقلة إمدادات النفط العالمية عبر مضيق هرمز، وهو ما سينعكس خلال فترة قصيرة على انكفاء إيران على نفسها، وعجزها عن دعم وتمويل أذرعها العسكرية التي تنشر الفوضى في المنطقة، وتخلّيها عن الأسد في محاولة منها لإنقاذ نظام الولي الفقيه، واستمرار سيطرة مؤسسات الحرس الثوري على مقاليد السلطة في البلاد.

إفشال روسيا للجلسة المغلقة لمجلس الأمن أمس حول إدلب، لوقف الهجوم عليها، ومنع وقوع المزيد من الضحايا المدنيين، واستهداف المنشآت الطبية والخدمية، وما رافقه من نزوح 300 ألف من السكان نحو الشمال باتجاه الحدود التركية، والذي سيتسبب فيما لو استمر القصف بموجة لجوء ضخمة تصل إلى أوروبا على غرار ما حدث عام 2015، وهو ما سيجعل الموقف الأوروبي متحداً مع سياسة الولايات المتحدة في وجوب إيجاد تغيير حقيقي في سوريا ينتهي بإقامة حكم جديد ذي سلوك مغاير تماماً لما عليه الوضع الآن.