الجمعة 2019/11/08

المجلس الوطني الكردي.. هل هو وطني حقا ؟؟


الجسر للدراسات...


نشر المجلس الوطني الكردي على موقعه الرسمي بتاريخ 6/11/2019 رسالة كانت قد وجّهتها الأمانة العامة للمجلس قبيل انعقاد قمة سوتشي يين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان

الرسالة الموجّهة للرئيس الروسي، تتعلّق بالأوضاع شمال شرق سورياـ التي يصرّ المجلس الكردي على إطلاق اسم "كوردستان سوريا" عليها، وهو ما يعتبره السوريون الخطوة الأولى في اقتطاع هذه المنطقة من البلاد، وإقامة حكم محلي "كردي" عليها، ومع أن المجلس الكردي يتحدث في رسالته عن "حلّ ديمقراطي لقضيته القومية في إطار سوريا موحّدة" إلاّ أنّ هذا لا يزيل هواجس السوريين من محاولة انفصال الأكراد في دولة خاصة بهم، على الأراضي السورية على غرار محاولتهم الفاشلة في العراق بالاستفتاء على استقلال الإقليم وانفصاله عن الدولة العراقية.

الأمر الأبرز في رسالة المجلس الكردي كانت الأوصاف والاتهامات التي ألصقها بالجيش الوطني السوري، الذي تدخّل في المنطقة لمكافحة إرهاب ميليشيات ب ي د التابعة لقوات ب ك ك حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي المصنّفة على لوائح الإرهاب في كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي وبريطانيا وتركيا.

تحدّثت الرسالة عمّا وصفته بـ "الجيش الوطني المعروف بسجلّه الأسود المليء بالجرائم والانتهاكات" وزعم المجلس الكردي أن قتال ميليشيات ب ي د، ما هو إلا ذريعة لاجتياح هذه المنطقة، ومن ثَمَّ طالب الرئيس الروسي "بالتدخّل لتثبيت وقف إطلاق النار، وإنهاء العمليات العسكرية، ومنع تمدّدها إلى المناطق الحدودية الأخرى".

اللافت للنظر أن المجلس الكردي تخلّى عن تسمية "تل أبيض" بالاسم الكردي الذي كان يطلقه عليها سابقاً، ويبدو أنه بهذا يعترف أن منطقة تل أبيض منطقة عربية، وأنّ وجود الأكراد فيها لا يتجاوز نسبة 3%، وأن المنطقة الممتدة إلى رأس العين هي الأخرى لا تكاد تحتوي وجوداً كرديّاً يُذكر، لكنها وبقوة سلاح ميليشيات ب ي د المدعومة أمريكياً، ادّعت أنها مناطق ذات غالبية كردية، وضمّتها إلى ما تسمّيه "كردستان سوريا".

كان المتوقّع أو المفترض على الأقل أن يؤيّد المجلس الكردي دخول الجيش الوطني السوري لتحرير شمال شرق سوريا بكامله من قبضة ميليشيات ب ي د التي يقولون إنهم في حالة خلاف معها، وأن يطلبوا المشاركة في هذه المعركة عبر نقل قوات البشمركة التابعة لهم في العراق، والبالغ عددها حسب قولهم بين 7.000 إلى 10.000 مقاتل، لتكون إلى جانب الجيش الوطني السوري في طرد ب ي د، لكنهم عوضاً عن ذلك بدأوا يكيلون الاتهامات للجيش الوطني السوري، ويطالبون بخروجه من المنطقة في موقف متطابق مع موقف ب ي د، التي ذهبت أبعد من ذلك بمطالبة جيش النظام بإعادة استلام المدن والقرى التي أجبروا على الموافقة على الانسحاب منها وفق الاتفاقيات التركية الأمريكية الروسية.

وليس خافياً على أحد المحاولات المتكررة والمستميتة من المجلس الكردي لعقد اتفاق مع ب ي د، تسمح لهم هذه الأخيرة بمشاركتها في "احتلال" شمال شرق سوريا، وإقامة حكم محلّي كردي فيها، فعلوا ذلك أكثر من مرة في العراق لتفعيل اتفاقية "دهوك" بينهما، وأخيراً في لقاءات "باريس" للتوصّل إلى اتفاق حول تقاسم السلطة في شمال شرق سوريا.

المجلس الكردي اعتقد أنه يمكن أن يستفيد من سلطة الأمر الواقع التي فرضتها ب ي د، وعملت فيها تهجير العرب من مناطقهم، وتجريف قراهم وحرق منازلهم ومحاصيلهم، ونهب أموالهم، وفرض تدريس اللغة الكردية في المدارس، ونشر أيديولوجية أوجلان، وفرض التجنيد الإجباري، والذي كان في محصّلته ينحو نحو تغيير التركيبة الديموغرافية شمال شرق سوريا التي لا تساعد في وضعها الأصلي ادعاءات الأكراد بوجود مناطق لهم غالبية فيها، وكانت الخطة تقتضي في مرحلة قادمة طلب إجراء عمليات إحصائية للسكان بإشراف جهات دولية، يظهر منها وجود أغلبية كردية، وبالتالي منحهم حق تقرير المصير في الانفصال بدولة جديدة مستقلة.

دخول الجيش الوطني الذي رافقه عودة عدد كبير من سكان المنطقة الأصليين الذين هجّرتهم ب ي د بطريقة قسرية، أوقف هذا كلّه، والقلق لدى المجلس الكردي يزداد مع إمكانية الوصول إلى تفاهم دولي حول إعادة إعمار المنطقة لتسهيل عودة اللاجئين السوريين الموجودين في تركيا إليها.

هذه هي النقطة المهمة التي يرتكز عليها طلب المجلس الكردي، وهي منع عودة سكان المنطقة الأصليين المهجّرين، أو اللاجئين من محافظات أخرى مثل ريف دمشق وحمص وغيرها، مع أنّ أيّ دستور في العالم يكفل المواطن في حرية التنقل والسكن في المكان الذي يختاره، ولا يضع عليه قيوداً في ذلك.

المجلس الكردي يهمه فقط كيف ينشئ لنفسه سلطة يحكمها، لا يهمه تخفيف معاناة المواطنين السوريين، وتحسين ظروف معيشتهم، بانتقالهم إلى المنطقة الآمنة التي يجري إقامتها شمال شرق سوريا، فقط لأنهم ليسوا أكراداً

فكيف يقول عن نفسه أنه مجلس وطني؟