السبت 2020/11/07

الأمم المتحدة وأزمة الاعتراف بانتخابات 2021 في سوريا

ثمّة فرق جوهري بين انتخابات نظام الأسد عام 2014، والانتخابات القادمة المزمع إجراؤها وسط عام 2021 القادم، 2014 لم يكن مجلس الأمن قد اتخذ قراره رقم 2254 الذي هو الآن أساس العملية السياسية التفاوضية، ويحدد بدقة موقع الانتخابات في سوريا، ضمن تسلسل العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة.

ثلاث خطوات يجب أن تتم الواحدة تلو الأخرى حسب القرار 2254:

الأولى: إقامة حكم ذي مصداقية يشمل الجميع ولا يقوم على الطائفية، وهو ما تمّ التعبير عنه في ديباجة القرار بأنه "هيئة حكم انتقالية جامعة تخوَّل سلطات تنفيذية كاملة، وتعتمد في تشكيلها على الموافقة المتبادلة"

الثانية: صياغة دستور جديد للبلاد.

الثالثة: تنظيم انتخابات حرة ونزيهة تجرى، عملا بالدستور الجديد، تحت إشراف الأمم المتحدة، بما يستجيب لمتطلبات الحوكمة وأعلى المعايير الدولية من حيث الشفافية والمساءلة، وتشمل جميع السوريين الذين تحق لهم المشاركة، بمن فيهم أولئك الذين يعيشون في المهجر، على النحو المنصوص عليه في بيان الفريق الدولي المؤرخ 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2015.

إضافة إلى تدابير بناء الثقة مثل وقف دائم لإطلاق النار، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية، والإفراج عن أي محتجزين بشكل تعسفي، لا سيما النساء والأطفال، و تهيئة الظروف المواتية للعودة الآمنة والطوعية للاجئين والنازحين داخليا إلى مناطقهم الأصلية وتأهيل المناطق المتضررة.

هذا القرار مرّ على صدوره خمس سنوات، ومع أنّ النظام بقي يراوغ في إعلان التزامه ببعض بنوده مثل هيئة الحكم الانتقالية، إلا أنه يوجد فرق جوهري آخر أيضاً ما بين انتخابات 2014 و2021، فقد وافق النظام على تشكيل اللجنة الدستورية حسب رسالة الأمين العام للأمم المتحدة غوتيريش إلى رئيس مجلس الأمن تاريخ 26 أيلول/سبتمبر 2019، وفيها أعلن النظام موافقته على "صياغة دستور جديد تجرى استناداً إليه انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة".

هذه الموافقة الواضحة من نظام الأسد، يستند إليها عدد من أعضاء مجلس الأمن في إحاطاتهم للإعلان عن رفض دولهم الاعتراف بشرعية انتخابات 2021 دون وجود دستور جديد للبلاد، وما لم تكن تحت إشراف الأمم المتحدة.

في جلسة مجلس الأمن 18 أيلول/سبتمبر 2020 ، قال ممثل الولايات المتحدة "يجب على المجلس أن يبذل كل ما في وسعه لمنع ممثلي النظام من زيادة عرقلة عمل اللجنة الدستورية عن مسارها حتى عام 2021 ، عندما من المقرر إجراء الانتخابات. وشدّد على أن "سوريا غير مستعدة على الإطلاق لإجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة" من شأنها أن تشمل الشتات السوري ، داعياً الأمم المتحدة إلى الإسراع في تخطيطها لضمان مصداقية الانتخابات المقبلة".

وقال ممثل فرنسا: "لن تعترف باريس بنتائج الانتخابات التي لا تمتثل لأحكام القرار 2254 (2015). في ظل غياب أي تقدم ملموس على الصعيد السياسي" ومثله أعلن ممثل ألمانيا أنّه "لن يتم الاعتراف بالانتخابات المخطط لها ، إذا أجريت في ظل الظروف الحالية". فيما استنكر ممثل إستونيا "تكتيكات المماطلة للنظام السوري. وقال إن النظام ليس لديه إرادة سياسية للمضي قدما في اللجنة الدستورية والعملية السياسية الأوسع ، مضيفا أن السعي لإجراء انتخابات دون دستور جديد دليل واضح على افتقاره للإرادة السياسية".

من جانب آخر ماذا يعني إشراف الأمم المتحدة على الانتخابات في سوريا؟

تقدّم الأمم المتحدة عبر شعبة المساعدة الانتخابية (UNEAD) تشكيلة واسعة من المساعدة الانتخابية، مثل مراجعة القوانين والتشريعات الانتخابية ، تسوية النزاعات الانتخابية ، ترسيم الدوائر الانتخابية ، تسجيل الناخبين ، عمليات الاقتراع وعدّ الأصوات ، وأمن الانتخابات ، وفي حالات نادرة قد تكون الأمم المتحدة مسؤولة تماما عن تنظيم وتطبيق الانتخابات في الدول الأعضاء ، كما حصل في كمبوديا (1992-1993) وتيمور الشرقية (2001-2002)، وفي حالات تكون المسؤولية مشتركة بين الأمم المتحدة والدول الأعضاء . كما حدث في أفغانستان في 2004-2005 وفي العراق في 2005.

تقدّم هذه المساعدات الانتخابية إمّا بطلب من الدول الأعضاء، أو بتكليف من قبل إحدى الهيئات الحاكمة في الأمم المتحدة كمجلس الأمن أو الجمعية العمومية . وتكون في حالات مثل تشكيل بعثات حفظ السلام وبناء السلام .

يتراوح دور الأمم المتحدة في الانتخابات بين أربعة أنواع حسب موقع شعبة المساعدات الانتخابية:

تنظيم العملية الانتخابية وإجراؤها: إذا كُلفت الأمم المتحدة بتنظيم وإجراء انتخابات أو استفتاء، فإن المنظمة تتحمل الدور الذي تقوم به عادة السلطات الانتخابية الوطنية. في مثل هذه الحالات، تملك الأمم المتحدة السلطة الكاملة على العملية.

التصديق : يطلب إلى الأمم المتحدة توثيق صدقية جميع أو بعض جوانب العملية الانتخابية التي تجريها السلطة الانتخابية الوطنية. ويتعين على الأمم المتحدة أن تصدر بيانا ختاميا يشهد على صحة الانتخابات.

مراقبة

الانتخابات: تستلزم مراقبة الانتخابات في الأمم المتحدة نشر بعثة لمراقبة كل مرحلة من مراحل العملية الانتخابية وتقديم تقرير إلى الأمين العام، الذي سيصدر بيانًا علنيًا بشأن إجراء الانتخابات.

الإشراف على الانتخابات: يتطلب الإشراف على الانتخابات موافقة الأمم المتحدة على كل مرحلة من مراحل العملية الانتخابية بما عليها من أجل إثبات مصداقية الانتخابات عموما. ويمكن أن تتطلب المشاركة المباشرة في إنشاء آليات الانتخابات، مثل التاريخ، وإصدار اللوائح، وصياغة الاقتراع، ورصد مراكز الاقتراع، وإحصاء بطاقات الاقتراع، والمساعدة في حل المنازعات. وعندما لا تكون الأمم المتحدة راضية عن الإجراءات الانتخابية أو تنفيذها في مرحلة معينة، يتعين على هيئة إدارة الانتخابات التي تجري هذه العملية، العمل بناء على توصيات الأمم المتحدة وإجراء أي تعديلات ضرورية. ويتوقف تقدم الانتخابات على موافقة الأمم المتحدة على كل مرحلة.

الأمم المتحدة حسب القرار 2254 تملك حق الإشراف على الانتخابات القادمة في سوريا، وبالتالي تملك حقّ الموافقة على كل مرحلة من مراحلها، أي تملك حقّ إيقافها في أول مرحلة ما لم تكن متوافقة مع قرار الأمم المتحدة 2254، وبالتالي عدم الاعتراف بشرعية هذه الانتخابات فيما لو أصرّ النظام على المضيّ فيها بعيداً عن هذا القرار.

أجواء الأمم المتحدة تقول إنها تتحضّر لهذه المعركة مع النظام، وبشار الأسد سيجد نفسه رئيساً غير معترف به قانونياً هذه المرة، ولذا قد يميل تهرّباً من هذا المأزق إلى تعطيل الانتخابات بذريعة حالة الطوارئ التي تمر البلاد، وبالتالي يستخدم المادة 87 من الدستور الحالي التي تنصّ على أنّه "إذا انتهت ولاية رئيس الجمهورية، ولم يتم انتخاب رئيس جديد، يستمر رئيس الجمهورية القائم بممارسة مهامّه حتى انتخاب الرئيس الجديد"