الأثنين 2020/08/03

أهمية تصنيف “حزب البعث” الحاكم في سوريا بجناحيه السياسي والعسكري “كتنظيم إرهابي”

57 دولة حول العالم تصنف "حزب الله اللبناني" كمنظمة إرهابية، على رأس الدول التي تصنف الحزب هذا التصنيف تأتي الولايات المتحدة وفرنسا بريطانيا وألمانيا وكندا، إضافة إلى جامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي.

أيضاً على رأس مبررات هذا التصنيف تأتي قضية الجناح العسكري للحزب، فيما هو حزب سياسي يشارك في مجلس النواب، وفي الحكومة اللبنانية، والمبرر الثاني يأتي من خلفية تدخل الحزب في الحرب الدائرة في سوريا، ووقوفه إلى جانب "حزب البعث" الحاكم هناك في قتل وتعذيب وتهجير ملايين السوريين.

"حزب البعث" الحاكم في سوريا اليوم يملك نفس مقومات تصنيف "حزب الله"، بعد "عسكرة الحزب" وتسليح أعضائه وانخراطهم في أعمال القتل والانتهاكات إلى جانب جيش النظام، وإدارة شبكات الجريمة المنظمة، وغسيل الأموال، وتهريب المخدرات.

 

"كتائب البعث"

هلال الهلال الأمين العام المساعد لـ "حزب البعث" السوري، الشخصية الثانية في الحزب بعد أمينه العام ورئيس النظام "بشار الأسد"، وسط عام 2012 أسس "هلال الهلال" ما سمّاه "كتائب البعث" بدءاً من مدينة حلب، لتنتشر بعدها في معظم المدن السورية، يقول الهلال عن "كتائب البعث" أنها قوة عسكرية رديفة تساعد جيش النظام، وهي تتشكل بشكل رئيس من أعضاء "حزب البعث" السوري، لا يعرف عدد أفرادها على وجه التحديد، لكنهم يتجاوزون عشرة آلاف مقاتل، يتلقون تدريبات عسكرية، ويتلقون الأوامر من ضباط جيش النظام، وشاركوا في عدد من المهام القتالية على الجبهات، إضافة لانتشارهم الكثيف وسط المدن، وعلى الحواجز، ونقاط التفتيش، وهو ما يساعد في تفرّغ الجيش والأجهزة الأمنية، لشنّ عملياتهم العسكرية في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام.

يرتدي عناصر "كتائب البعث" الزيّ العسكري، مع  رقعة على الذراع تحمل شعار "حزب البعث" - خريطة للعالم العربي مع شعلة متراكبة فوقها.

أقرّ "هلال الهلال" في مقابلة له شهر آذار/ مارس 2013  أن ""كتائب البعث فقدت عددا من عناصرها بين قتيل وجريح بسبب مشاركتهم في الأعمال العسكرية شرق مدينة حلب.

 

"كتائب البعث الجامعية"

"عمّار ساعاتي" عضو آخر في القيادة المركزية لحزب البعث، و رئيس الاتحاد الوطني لطلبة سوريا، تبنّى مشروع "هلال الهلال" وطبّقه في الجامعات السورية. وأطلق ما يُعرف باسم "كتائب البعث" التي تضم طلابًا جامعيين. وفتح مكاتب خاصة للألوية في فروع الاتحاد في المحافظات السورية، وظهر الرجلان مرات عديدة  إلى جانب "المقاتلين البعثيين" وهم يؤدون القسم اللازم للانخراط في "كتائب البعث".

قدّم "الاتحاد الوطني لطلبة سوريا" العديد من الميزات لإغراء طلاب الجامعات السورية للانضمام إلى "كتائب البعث" بما في ذلك ترقية إدارية في دراستهم الجامعية ، ومنحهم جولات امتحانات سنوية استثنائية ، والسماح لهم بحمل السلاح داخل أروقة الجامعة، إضافة للرواتب المجزية، والرعاية الطبية، والعفو عن الخدمة الاحتياطية.

حرص النظام منذ انتخابات "مجلس الشعب" عام 2016على إدخال  عدد من قادة ميليشيات "كتائب البعث" في عضوية المجلس مثل: عمر العاروب، رئيس فرع اتحاد الطلبة بحلب، ونائب القائد العام لميلشيا الكتائب، وباسم سودان من اللاذقية، والقائد العام لميليشيا "كتائب البعث"، وعشرات غيرهم من قيادات وعناصر الميليشيات، وعدد من ضباط وعناصر سابقين في الجيش والأجهزة الأمنية، وهو ما لوحظ بزيادة أكبر في انتخابات 2020 الأخيرة.

تاريخياً فإن الحركات المسلحة هي التي تتجه نحو إنشاء حزب سياسي تمهيداً لوضع السلاح، والقبول بتسوية سياسية، والمشاركة في أنظمة الحكم، وهو ما فعله "حزب الله"، حيث كان بالأصل مجموعات مسلحة شيعية لبنانية تابعة لإيران، ثم عمل على تأسيس الحزب السياسي، وشارك في نظام حكم الدولة اللبنانية، لكنه اشترط الاحتفاظ بسلاحه، بذريعة أنه "سلاح المقاومة".

"حزب البعث" السوري يمشي بعكس هذا السياق التاريخي، فهو بالأصل حزب سياسي، ووصل إلى سدّة الحكم، وكان يكفيه وجود الجيش النظامي كقوة عسكرية خضعت له بشكل مطلق، لكنه ويبدو بسبب تغلغل العقيدة الإيرانية الخمينية في صفوفه أبى إلا أن يتصرف بعقلية العصابات، وينشئ ميليشيا مسلحة تابعة له، على غرار الحرس الثوري الإيراني.

الدلالة الرئيسية لهذا التصرف هي أن "حزب البعث" لا يؤمن بالحل السياسي، ولا يريد أن يخطو باتجاهه ولو خطوة واحدة، بل هو على العكس يذهب في الطريق المغاير تماماً.

إن بدء دولة أو مجموعة من الدول في تصنيف "حزب البعث" كتنظيم إرهابي، سيخفف أو سيزيل الكثير من العوائق أمام العقوبات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية وحتى العسكرية، التي يُراد فرضها على النظام، بذريعة أن "حزب البعث" يحكم "دولة ذات سيادة" ولها حقوقها حسب ميثاق الأمم المتحدة.

هذا أيضاً سيعيد حسابات الموالين له حين يرون جميع قيادات الحزب مدرجين على قوائم الإرهاب، ومحاصرين دولياً، وما يتبع ذلك من آثار كارثية على كامل منظومة الدولة السورية.

وهو كذلك سيدفع جيش النظام لفك الارتباط مع الحزب الحاكم، والعودة لممارسة دوره الرئيس في الدفاع عن البلاد، وليس عن حزب حاكم مصنف على قوائم الإرهاب.

يتطلّب الأمر أيضاً من عناصر "حزب البعث" إعلان انفصالهم تنظيمياً عن الحزب، لضمان عدم المساءلة والمحاسبة عن الانتهاكات التي ارتكبها الحزب خلال الأعوام التي خلت، وضمان عدم ملاحقتهم، ووضع القيود عليهم في دول اللجوء خارج سوريا، حال اتخاذ هذه الدول قرار تصنيف الحزب.

لبنان يدفع الآن ثمن وجود منظمة إرهابية داخل إطار المؤسسات الرسمية البرلمانية والسياسية والخدمية في الدولة، ولا بدّ له من طرد الحزب من هذه المؤسسات كي يستعيد علاقاته الدولية السليمة، وهو نفس الوضع الذي ستجد الدولة السورية نفسها فيه ما لم تبدأ بطرد "حزب البعث" الحاكم من مؤسسات الدولة الرسمية على خلاف أنواعها.