الجمعة 2021/04/23

هل يؤثّر تصويت اللاجئين السوريين في انتخابات بشار الأسد على وضعهم القانوني كلاجئين؟

 

نصّ قرار مجلس الأمن رقم 2254 على دعمه لعملية سياسية "تقيم حكماً ذا مصداقية يشمل الجميع ولا يقوم على الطائفية، وتحدد جدولاً زمنياً وعملية لصياغة دستور جديد، ويعرب كذلك عن دعمه لانتخابات حرة ونزيهة تجرى، عملا بالدستور الجديد، تحت إشراف الأمم المتحدة، بما يستجيب لمتطلبات الحوكمة وأعلى المعايير الدولية من حيث الشفافية والمساءلة، وتشمل جميع السوريين الذين تحق لهم المشاركة، بمن فيهم أولئك الذين يعيشون في المهجر، على النحو المنصوص عليه في بيان الفريق الدولي المؤرخ 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2015."

رغم أن المبعوث الدولي دي مستورا ومن بعده بدرسن تجاوزا في محاولة تطبيق القرار البدء بهيئة الحكم الانتقالي، إلى البدء باللجنة الدستورية المكلفة بصياغة دستور تجري عملاً به الانتخابات في سوريا، إلا أن تعطيل النظام حال دون اتفاق اللجنة الدستورية على جدول أعمال تعمل وفقه حتى الآن.

مفهوم القرار 2254 يربط بين الحكم الانتقالي والدستور الجديد والانتخابات بلا شك، بخلاف ما تتحدث عنه روسيا، فالدستور الحالي يضرب أساس العملية السياسية التفاوضية مع المعارضة، من حيث احتوائه على مواد تمنع ترشح جميع المعارضين لحكم الأسد للانتخابات الرئاسية، كما تمنع ملايين السوريين وخصوصاً اللاجئين من التصويت في الانتخابات، وبالتالي فإن ما سيجري في سوريا من "انتخابات رئاسية" قادمة ليس هو المعني بالقرار 2254.

إذن حق اللاجئين السوريين في التصويت في الانتخابات مكفول حسب القرار 2254، لكن في سياق الحكم الجديد والدستور الجديد، وليس في ظلّ الحكم الحالي الذي فرّ منه اللاجئون نحو دول اللجوء، تعبيراً عن رفضهم له، وخوفاً على حياتهم، وكرامتهم من الانتهاكات الواسعة التي كانت تطالهم.

لكن ماذا لو صوّت اللاجئون السوريون في الانتخابات المعلن عنها في سورية، والتي يترشح لها رأس النظام الذي تسبب بهذا الكمّ الهائل من اللجوء، مترافقاً بجرائم حرب، وجرائم إبادة جماعية غير مسبوقة في التاريخ؟

هل يؤثّر تصويت اللاجئين السوريين في انتخابات بشار الأسد على وضعهم القانوني كلاجئين، وهل يفقدون بهذا التصويت حق اللجوء، وهل يعرّضهم هذا للترحيل من دول اللجوء؟

التقرير هنا يضيء على جوانب من الإجابة على هذا الموضوع.

اللاجئ في تعريف الأمم المتحدة هو "كل شخص يوجد، بسبب خوف له ما يبرره من التعرض للاضطهاد بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلى فئة اجتماعية معينة أو آرائه السياسية، خارج بلد جنسيته، ولا يستطيع، أو لا يريد بسبب ذلك الخوف، أن يستظل بحماية ذلك البلد، أو كل شخص لا يملك جنسية ويوجد خارج بلد إقامته المعتادة السابق بنتيجة مثل تلك الأحداث ولا يستطيع، أو لا يريد بسبب ذلك الخوف، أن يعود إلى ذلك البلد".

حسب الاتفاقية الدولية للاجئين عام 1951، فإن اللاجئ يفقد هذه الصفة في الحالات التالية:

  • إذا استأنف باختياره الاستظلال بحماية بلد جنسيته
  • إذا استعاد باختياره جنسيته بعد فقدانه لها
  • إذا اكتسب جنسية جديدة، وأصبح يتمتع بحماية هذه الجنسية الجديدة.
  • إذا عاد باختياره إلى الإقامة في البلد الذي غادره، أو الذي ظلّ مقيماً خارجه خوفاً من الاضطهاد.
  • إذا أصبح بسبب زوال الأسباب التي أدّت إلى الاعتراف له بصفة اللاجئ، غير قادر على مواصلة رفض الاستظلال بحماية بلد جنسيته.
  • إذا كان شخصاً لا يملك جنسية، وأصبح بسبب زوال الأسباب التي أدّت إلى الاعتراف له بصفة اللاجئ، قادراً على أن يعود إلى بلد إقامته المعتادة السابقة.

إضافة لهذه الحالات الواردة في الاتفاقية الدولية، فإن القوانين الوطنية في دول اللجوء تنصّ على أسباب أخرى يفقد فيها اللاجئ حقّ اللجوء، مثل:

  • أن يتصل بسفارة أو قنصلية بلده، وذلك لأن وضعية اللجوء تمنح لأن طالبها يعتبر بحاجة إلى الحماية من بلد المنشأ، وهذا هو السبب في أنه سعى للحصول على وضع اللاجئ في بلد آخر، وأنّ تواصل اللاجئ مع سفارة الدولة التي هرب منها ، يدل على أن أسباب اللجوء في نظر الكثير من دوائر الهجرة لم تعد موجودة، لأن اللاجئ يتم منحه اللجوء بسبب هروبه من بلده ، ‏و بالتالي عندما يتواصل هذا الشخص مع السلطات في بلده أو يقوم بزيارة بلده ، فهذا الأمر يعني ‏عدم وجود خطر على حياة هذا الشخص، وبالتالي تعتبر ‏الأسباب التي تم منح هذا الشخص حق اللجوء بناء عليها أسباب باطلة ، أو لم تكن موجودة من الأساس، أو أن اللاجئ كان يمتلك أسباب لجوء ، لكن هذه الأسباب لم تعد موجودة بعد زيارة دولته أو سفارتها .
  • أي مشاركة سياسية مع بلده من أي نوع، نصّ على ذلك قانون اللجوء في كندا، وهذه الحالة تسقط حاملي صفة اللجوء حقهم في البقاء في كندا، وتجرّدهم من كل حقوق اللاجئين، أو صفة الإقامة الدائمة.

تعتبر المشاركة في الانتخابات الرئاسية أو البرلمانية من أعلى أنواع المشاركة السياسية في أي بلد في العالم، وفي الحالة السورية فإن مشاركة اللاجئ السوري في الانتخابات المزمع عقدها قريباً تندرج في الأسباب التي تفقده حق اللجوء، ولو كان حاصلاً عليه، بل قد يتعدّى ذلك إلى فقدان جنسية بلد اللجوء إذا كان حاصلاً عليها، قياساً على فقدان حق الإقامة الدائمة في كندا كما سبق.

المشاركة في انتخاب بشار الأسد اعتراف ضمني من اللاجئ برضاه عن نظام حكمه، وقبوله أن يكون واحداً من المنضوين تحت ظلّ هذا الحكم، وهذا ينسف بالكلية السبب الرئيسي للجوئه المتمثل برفضه لنظام الحكم في سورية ممثلاً برئيسه، وبفراره خارج البلاد بسبب الاضطهاد الذي كان يعانيه، والخوف على حياته من جرائم الإبادة الجماعية، والأسلحة الكيماوية، والتجويع والحصار والتعذيب، وغيرها من الانتهاكات التي بسببها عبر اللاجئ الحدود، وطلب الأمان في بلد آخر.

الأمر الآخر أنّ اللاجئين الذين يفقدون حقّ اللجوء في معظم بلدان العالم، يكون لهم الحق في اختيار الوجهة التي يمكن أن يتم ترحيلهم إليها، لكن في حالة التصويت لبشار الأسد، فإن اللاجئ السوري قد يفقد هذه الميزة أيضاً، وأن يكون قرار ترحيله إلى بلده الأصل سورية، باعتباره بتصويته يؤيد استمرار نظام الحكم الحالي، ولا يرى مانعاً من عودته إليه.

الجسر للدراسات