الخميس 2020/09/17

توصيات “معهد الحرب الأمريكي” حول احتواء “تمرّد محتمل” للقبائل العربية شرق سوريا

نشر "معهد دراسات الحرب الأمريكي" تقريراً بعنوان "تحذير: روسيا تصعّد في شرق سوريا" عرض فيه عدداً من الأعمال العدائية التي صعّدت فيها روسيا ومجموعات موالية لنظام الأسد من مضايقاتها للقوات الأمريكية في منطقة شمال شرق سوريا.

ويرى التقرير أن روسيا تشنّ حرباً هجينة تعمل فيه على إثارة الانقسامات داخل الشريك المحلي للولايات المتحدة، "قوات سوريا الديموقراطية (SDF)"، يرافقها عمليات معلوماتية وإعلامية مصممة لبث الشكوك حول تصرّفات "قسد" ومصداقية التزام الولايات المتحدة تجاه البقاء في سوريا، وأن الهدف المقصود لعملية المعلومات الروسية هو إحداث أزمة تتسبب في تخلي العناصر القبلية المحلية عن "قسد"، وبهدف نهائي هو إجبار صانعي السياسة الأمريكيين على إعادة النظر في التزام الولايات المتحدة تجاه سوريا.

التجربة المريرة للقوات الأمريكية مع القبائل بشكل عام مثل القبائل في أفغانستان وباكستان، أو مع القبائل العربية على وجه الخصوص كما في الصومال والعراق، تبدو حاضرة في الخوف من تمرّد قريب محتمل للقبائل العربية شرق سوريا، وبالتحديد أولاً قبائل دير الزور التي بدأت تظهر فيها ملامح هذا التمرّد من خلال عدد من البيانات الصادرة عن القبائل، ومن خلال دعواتها لتنظيم نفسها في مواجهة "الاحتلال الكردي" لمناطقها، مدفوعة بعدد من الممارسات، والقرارات التي أصدرتها قسد مثل فرض المناهج المدرسية التي تختلف جذرياً مع القيم الدينية، والعادات والتقاليد الاجتماعية السائدة بين أبناء القبائل، وظهور نوايا قسد في سرقة ثروات المنطقة بعد الكشف عن عقود التنقيب عن النفط مع شركات أمريكية، وأخيراً محاولة السطو على ممتلكات السكان الأصليين بإصدار قسد قانون "أملاك الغائبين" الذي تشرعن فيه سرقة أملاك السكان المهجّرين قسرياً، والفارّين من الحرب الوحشية الهمجية للنظام وحلفائه الروس والإيرانيين، يضاف إلى ذلك حوادث الاغتيال التي طالت عدداً من شيوخ القبائل المناهضين لوجود قسد، وتوجيه أصابع الاتهام لها في تصفيتهم.

بالطبع التقرير يتجاوز هذه الأسباب الحقيقية للتمرّد المحتمل، ولا يطلب من الولايات المتحدة أن تجبر قسد المدعومة من طرفها، على أي تغيير في سلوكها وإدارتها للمنطقة، في استخفاف واضح بمشاعر القبائل العربية تجاه الانتهاكات التي ترتكبها قسد، وفي إقرار منها لهذه الانتهاكات، وهي تعتبر المسؤول الأول عن كل هذه الانتهاكات، فهي التي فرضت قسد كسلطة أمر واقع، وحرمت القبائل العربية من حقها في إدارة مناطقها.

يذهب التقرير بتوصية للولايات المتحدة في إطلاق حملة "في الفضاء المعلوماتي" لتثبيت الانطباع عن الشراكة القبلية الجيدة مع قسد "من خلال الإعلان عن الاجتماعات ذات الدعاية العالية" مثل الاجتماعات مع بعض شيوخ القبائل المستفيدين من قسد ، "والأحداث التي يرعاها التحالف" مثل الزيارات التي بدأت تتكثف للمسؤولين والدبلوماسيين الغربيين، "والمواد الإخبارية عن التعاون بين القبائل وقسد من أجل تمكين استمرار وجود التحالف في مواجهة تنظيم الدولة في شرق سوريا" وتخويف القبائل ووضعهم في ثنائية قسد أو عودة تنظيم الدولة وانتقامها منهم، أو ثنائية قسد أو عودة نظام الأسد لحكمهم من جديد، ورصد المزيد من الاستعدادات العسكرية على الضفة الجنوبية الغربية للنهر، وتحضير الروس لتدخل عسكري وشيك "ببناء جسور إضافية عبر النهر قبل التدخل العسكري، ومن المرجح أن تحدد موقعها جنوب الجسر الحالي باتجاه البصيرة أو الشحيل، حيث ترتفع المشاعر المناهضة لـ"قوات سوريا الديمقراطية".

أيضاً الحملة الإعلامية هذه ستركّز على ما تسمّيه الأكاذيب والشائعات التي سيبثّها الروس حول "السلوك السيّئ لقسد" وتضخيم حجم الاضطرابات التي تقع في المنطقة، وخلق ذريعة لشيوخ القبائل على الضفة الجنوبية الغربية لنهر الفرات، لمطالبة الروس والنظام بالتدخّل لحماية أقاربهم على الضفة الشمالية الشرقية التي تقع تحت سيطرة قسد، وأنه "من المرجح أيضًا أن تقارن وسائل الإعلام الروسية العلاقة السلمية بين النظام والقبائل هناك، بالخلاف بين القبائل وقوات سوريا الديمقراطية للتأكيد على أن نظام الأسد هو الهيئة الحاكمة الوحيدة المستدامة في سوريا. وقد تدفع هذه الحملات الإعلامية إلى تصعيد الاحتجاجات في شرق دير الزور والمطالبة بدعم النظام بشكل مباشر. ومن المرجح أن يتسم هذا الوضع أيضًا بتصعيد التحركات القبلية لطرد قوات سوريا الديمقراطية وربما الاستيلاء على أسلحتها".

القبائل العربية قادرة بلا شكّ على تغيير الواقع الذي فرضته الولايات المتحدة بوضعهم تحت حكم المليشيات الكردية الدخيلة على المنطقة، والولايات المتحدة مطالبة بالاستجابة لمطالب القبائل، وتمكينهم بشكل حقيقي من إدارة شؤونهم، ودعمهم لمنع عودة تنظيم الدولة إلى مناطقهم، وكذلك لمنع عودة النظام إليها، إلى الوقت الذي يتم فيه الوصول إلى الحل السياسي، هذه الاستجابة إن لم تحدث من الولايات المتحدة، فالقبائل العربية ستمضي في فرض واقع جديد يحقق مصالحها، فهي تعلم جيداً أن النظام أعجز من أن يعاود السيطرة على مناطقهم بحملة عسكرية، فقط عليهم التفكير مليّاً في الوقوع -بعد طردهم قسد- في فخّ مشروع "المصالحات" الروسي، والاعتبار بما حدث في الجنوب السوري.