الأربعاء 2017/10/11

تخفيف القيود عن عمليات القتل الأمريكية خارج مناطق الحرب سيكون خطأً فادحا

مركز الجسر للدراسات....

تقرير نشره موقع "جست سيكيوريتي" الأمريكي تحدث فيه عن احتمال أن يلغي الرئيس "دونالد ترامب" بعض القواعد الرئيسية التي وضعتها إدارة أوباما، والتي تقيد استخدام الطائرات المسلحة بدون طيار والعمليات المميتة الأخرى خارج مناطق الحرب، وفقا لما ذكرته صحيفة "نيويورك تايمز" الشهر الماضي.

يشير التقرير إلى أن الإدارة الجديدة تريد إزالة شرط في توجهات سياسة أوباما وهو أن الولايات المتحدة سوف تستهدف فقط الأفراد الفتّاكين في ساحة المعركة إذا كانوا يشكلون "تهديداً وشيكاً مستمراً لأشخاص أمريكيين". على الرغم من أن سياسة أوباما نفسها استخدمت تعريف "وشيك" بشكل فضفاض دون أي حدود ذات مغزى، على الأقل تُجاه عقدة القانون الدولي.

حسب التقرير فإن التوجُّه الجديد يزيل شرط "وشيك" تماماً، ما يسمح للحكومة الأمريكية بقتل "الجنود الجهاديين (منخفضي المستوى) الذين ليس لديهم مهارات فريدة من نوعها أو أدوار قيادية"، وكذلك بغضّ النظر عن التهديد الذي يشكلونه -إن وجد-. وبعبارة أخرى، فإنه لا يتظاهر حتى بالامتثال للقيود القانونية الدولية، وأن هذه مشكلة حقيقية.

السياسة الجديدة المقترحة -حسب التقرير- تستحقّ المزيد من التدقيق، لعدة أسباب، فالقواعد التي تحكم الاستهداف المُميت ليست مجرد خدعة قانونية. فهي حرفياً مسألة حياة وموت. فالرئيس باراك أوباما أعلن قواعده الداخلية -على الأقل في السياسة، إن لم يكن بالضرورة التطبيق- بعد العديد من حوادث الطائرات بدون طيار اتضح فيها إبادة مجموعات كاملة من المدنيين. فمثلاً أدت هذه الهجمات إلى مقتل 14 شخصاً يحضُرون حفل زفاف وفقاً للحكومة اليمنية، والعشرات من المشاركين في جنازات في باكستان، وفقا لمكتب الصحافة الاستقصائية؛ و18 عاملا في قرية نائية في شمال وزيرستان الباكستانية، وكثير منهم تجمّع ببساطة لتبادل وجبة طعام، وفي عام 2013 وثقت منظمة العفو الدولية هذا الأمر وغيره من الأمثلة على غارات الطائرات بدون طيار في شمال وزيرستان بين كانون الثاني / يناير 2012 وآب / أغسطس 2013، استنادا إلى بحوث ميدانية مفصلة. وكانت منظمة العفو الدولية "قلقة للغاية من أن هذه الضربات وغارات أخرى أدت إلى عمليات قتل غير قانونية، قد تشكّل عمليات إعدام خارج نطاق القانون أو جرائم حرب". وقد وقعت بعض هذه الضربات بعد أن تمت الموافقة على السياسة الرئاسية في أيار / مايو 2013.

حاولت توجهات وسياسات الرئيس أوباما -على الأقل ظاهرياً- محاولة كبح جماح الضربات على المدنيين، أما خطة ترامب المقترحة فسوف تلغي حتى ذلك، كما ستلغي السياسة الجديدة قواعد أوباما التي تتطلب فحصاً رفيع المستوى قبل الموافقة على عمليات القتل خارج مناطق الحرب.

يقول التقرير إن توجيه سياسة ترامب المسرَّبة يُبقي شرط أوباما المتمثل في "شبه يقين" بأنه لن يقتل أياً من المارة المدنيين. وهذا أمر جيد، ويقترح أن القادة العسكريين يفهمون أهمية حماية المدنيين. ولكن بما أن السياسة ستمنح ترخيصاً لاستهداف الأفراد الذين يعتبرهم القانون الدولي مدنيين، فإنه ليس مطمئِناً تماماً. وهو يفعل ذلك من خلال السماح للمسؤولين الأميركيين بتصنيف مجموعة كاملة من الناس الذين يُحتمل أن يُقتلوا بسبب الضربة الصاروخية على أنهم "متشدّدون" -وهو مصطلح ليس له معنى قانوني -وبالتالي يبرّر قتلهم، وهل ستحدد السياسة بعناية أكبر ما الذي يجعل "جندياً منخفضا المستوى" مستهدفا خارج نزاع مسلح؟ استنادا إلى التقارير حتى الآن، فإنه من المستحيل أن نعرف، ولكن الكثير من الناس يحملون أسلحة في المناطق الريفية في اليمن والصومال والمناطق القبَلية في باكستان. وهذا لا يجعلهم بالضرورة "مسلّحين"، وبالتأكيد لا يجعلهم هدفاً مشروعاً للقوة المميتة تحت أي قراءة للقانون الدولي.

لقد سقطت الولايات المتحدة على هذا الطريق من قبلُ، سواءٌ عبر انتهاك القانون الدولي بتعذيب المحتجزين، أو ربما عن طريق قتل عشرات المدنيين خارج ساحات القتال، واعترف المسؤولون الأمريكيون بأن مثل هذه الأعمال زادت العداء تجاه الولايات المتحدة وتقوض الأمن الوطني الأمريكي.

في الوقت الذي يبدو فيه كل من حلفاء الولايات المتحدة وأعدائها غير متأكدين مما ستفعله الحكومة الأمريكية في المستقبل، فمن المهم لمسؤولي الإدارة والمشرّعين أن يوضحوا أنهم سيقفون من أجل سيادة القانون، ويضمنون أن القوات الأمريكية تفعل كل ما في وسعها لمنع الوفَيات غير الضرورية. وهذا ليس كما يوحي البعض، بأنه "ناعم على الإرهابيين".

يختم التقرير بالقول: إنه عندما يتعلق الأمر بقتل الناس، فالجميع يدرك وجوب أن يخضع للقانون الدولي لحقوق الإنسان، وهو أمر حاسم للحصول على الدعم اللازم للجهود الأمريكية لمكافحة الإرهاب.