الأثنين 2019/03/04

واشنطن تحذر حلفاءها العرب: إياكم والتطبيع مع الأسد

بقلم: ليز سلاي

المصدر: واشنطن بوست

ترجمة: مركز الجسر للدراسات


توقفت جهود الدول العربية لإعادة علاقاتها مع بشار الأسد، الذي فاز بالحرب، بعد أن قامت الولايات المتحدة بمنع حلفائها من تجديد العلاقات مع نظامه.

أدى قرار الإمارات، الذي أعلنت عنه أواخر العام الماضي، بإعادة فتح سفارتها في دمشق والمبادرات التي تُقدَّم إلى الأسد من قبل الدول العربية الأخرى، إلى رفع تطلعات النظام بأن يتم الترحيب به قريبا في الحظيرة العربية، بعد ثماني سنوات من التمرد ضد حكمه، وعزله من قبل معظم الدول العربية.

لكن إدارة ترامب ضغطت على حلفائها للتراجع، محذرة من أن أي خطوات للمشاركة في إعادة بناء سوريا من شأنها أن تؤدي إلى فرض عقوبات أمريكية، وذلك للضغط على الأسد من أجل القيام بإصلاحات سياسية، على حد قول مسؤولين أمريكيين.

وفي الوقت نفسه، لا تزال العديد من الدول العربية مترددة بشأن إعادة تأهيل زعيم مرتبط بإيران من خلال تحالف طويل ووثيق، وفقا لدبلوماسيين في المنطقة. لقد اكتسبت إيران نفوذا كبيرا في سوريا من خلال مساعدة الأسد على كسب الحرب.

أما فيما يتعلق بدور إيران فترى الولايات المتحدة "أن العزلة السياسية والضغط السياسي هما المقاربة المناسبة"، كما جاء على لسان أحد كبار المسؤولين الأمريكيين، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته. وتهدف هذه المقاربة إلى إخراج "جميع القوات التابعة لإيران" من سوريا على حد قوله.

تضغط روسيا في الاتجاه المعاكس وتحث الحكومات العربية على بناء جسور مع دمشق كما جاء على لسان دبلوماسيين مطّلعين. يرى العديد من الدبلوماسيين أن موسكو تحاول إقناع الحكومات العربية بإعادة ربط علاقاتها مع الأسد للحد من نفوذ إيران.

إن مسألة كيفية التعامل مع القضايا التي تترتب على بقاء الأسد في السلطة بعد ثماني سنوات من الحرب أمر حاسم بالنسبة لسوريا وجيرانها العرب. فقد دعمت العديد من تلك الدول الثورة ضد الأسد، وهي اليوم أمام احتمالية بقائه في السلطة في المستقبل المنظور.

تأمل سوريا في الحصول على تمويل لإعادة إعمارها، التي تقدر تكلفتها بنحو 400 مليار دولار، من الدول العربية. يتباهى مؤيدو النظام بأن الدول العربية تصطف من أجل المشاركة في جهود إعادة الإعمار، الأمر الذي يضع الأسد في موقف يسمح له باختيار العروض التي أمامه، على حد قول سالم زهران (محلل سياسي تربطه علاقات وثيقة بدمشق).

لقد راقبت الحكومات العربية باستياء كبير ما يفعله منافسوها غير العرب، تركيا وإيران، في سوريا في ظل غياب الحضور العربي، الأمر الذي جعل هذه الدول دون نفوذ في بلد يقع في قلب العالم العربي. طُردت سوريا من الجامعة العربية في العام الأول من الثورة، ويتم النظر اليوم في مستقبلها من خلال عملية السلام التي تقودها روسيا وتشارك فيها كل من تركيا وإيران.

يقول أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتية في مقابلة له يشرح فيها قرار بلاده إعادة فتح العلاقات الدبلوماسية مع سوريا: "لا وجود لنفوذ عربي في دمشق، لا شيء"، موضحاً: "إن قطعنا لجميع السبل التي كانت لدينا عام 2011، سمح للاعبين إقليميين كتركيا وإيران بأن تكون لهم الكلمة الفصل وفجأة أصبح تأثير العرب منعدما".

ومن المتوقع أن تتم مناقشة هذا الأمر خلال قمة الجامعة العربية التي ستقام في تونس هذا الشهر، مع العديد من الحكومات العربية، بما في ذلك تونس والعراق، اللتان أعربتا عن دعمها لإعادة سوريا إلى الجامعة. غير أن مسؤولين عرباً ينكرون وجود اتفاق بخصوص هذه الخطوة. قال الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط، للصحفيين في بيروت الشهر الماضي: "لكي تعود سوريا إلى جامعة الدول العربية يجب أن يكون هناك إجماع"، مضيفا بالقول: "لم أرَ بعدُ أي مؤشرات على وجود إجماع بخصوص هذا الأمر".

يرى دبلوماسيون أن السعودية ومصر تسعيان إلى منع الجهود الرامية إلى إحياء عضوية سوريا في جامعة الدول العربية. وقال دبلوماسي غربي تحدث إلى "واشنطن بوست" شريطة عدم الكشف عن هويته: "من الواضح أن مصر والسعودية حاسمتان بخصوص هذا الأمر، وطالما ظلتا على هذا الموقف، فإن تحركات دول الخليج الأخرى لن تكون حاسمة لمساعدة الأسد في استعادة مكانته".

وقال قرقاش إن الإمارات لن تشارك في جهود إعادة الإعمار إلى أن يتم التوصل إلى حل سياسي، مضيفاً: "نحن نؤمن بأن الاستثمار في إعادة الإعمار يجب أن يكون مرتبطا بإحراز تقدم على الساحة السياسية".

وقال حسن حسن عضو في معهد التحرير، الذي يتخذ من واشنطن مقرا له، إن زيارة الأسد إلى طهران الأسبوع الماضي، وهي أول زيارة له منذ بدء الحرب السورية، من المرجح أن تقلل من صحة الحجة القائلة بأنه يمكن إبعاد الأسد عن الحضن الإيراني، وبالتالي إبطاء الجهود العربية نحو التطبيع معه، مضيفاً: "لقد كان هناك تردُّد بالفعل في ظل عدم إظهار الولايات المتحدة رغبتها في التوصل إلى تسوية مع الأسد، وستضع زيارة الأسد لطهران حدا لتلك الجهود". إلا أن حكومة الإمارات تعتقد أنه من الأهمية الانخراط أكثر من الوقوف متفرجة، حسب قول قرقاش: "لسنا سُذّجاً لنعتقد بأنه في الأسبوع الأول أو الشهر الأول أو السنة الأولى من فتح سفارتنا، سنكون بديلاً لإيران. لكننا نعتقد أنه من الضروري أن يكون لدى دمشق بعض الجسور العربية التي يمكن أن تعتمد عليها"، مضيفاً: "لا نعتقد أن الإمارات ستُحدث فرقاً، لكننا نعتقد أن هذا سيكون جزءا لا يتجزأ من قرار عربي جماعي أكثر حول سوريا، ونحن على يقين من أن هذا سيحدث".