الأربعاء 2019/04/17

واشنطن بوست: هل تسير السياسة الأوروبية تجاه إيران على خطا واشنطن؟

بقلم: جيسون رضيان

المصدر: واشنطن بوست

ترجمة: مركز الجسر للدراسات


تحذر إدارة ترامب باستمرار حلفاءها الأوروبيين من التعاون مع النظام الإيراني. لذا فاحتدام الخطاب بين طهران وبروكسل في الآونة الأخيرة ليس أمرا مفاجئا، على الرغم من عدم وجود علاقة بين ما حدث وبين السياسة الأمريكية.

في الوقت الذي لم تُظهر فيه أوروبا أي علامات للتخلي عن الحوار مع الجمهورية الإيرانية كما تفعل واشنطن، تتزايد حدة التوترات. وعلى الرغم من ذلك، تستطيع أوروبا الضغط اقتصاديا على إيران ويبدو أنها مستعدة لفعل ذلك كوسيلة لكبح السلوك الإيراني السيئ؛ وهو ما فشلت السياسة الأمريكية في فعله حتى الآن.

تتعاون أوروبا مع طهران بشأن الصفقة النووية وتساعد الإيرانيين على التهرب من العقوبات الأمريكية. ومع ذلك، فإن العلاقة بين إيران وأوروبا ليست مستقرة، الأمر الذي يشعر قادة إيران بالقلق.

قال وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، يوم الأحد الماضي "لا ينبغي أن يعتقد الأوروبيون أن جمهورية إيران ستنتظر طويلا"، متذمرا من تأخير أوروبا في تنفيذ آلية تجارية لا تعتمد على الدولار تهدف إلى تخفيف وطأة عقوبات الولايات المتحدة على إيران.

لا يزال الاتحاد الأوروبي ملتزما بالاتفاق النووي، لكن الزعماء الأوروبيين غاضبون من أعمال طهران العدوانية على الأراضي الأوروبية وسوء معاملة النظام الإيراني لرعاياه داخل طهران. في الوقت نفسه، بدأت السلطات الإيرانية بفقدان صبرها بسبب عدم قدرة أوروبا على الوفاء بوعدها في توفير المساعدة الاقتصادية المتوقعة من الصفقة النووية.

في الآونة الأخيرة، حاول ظريف إبعاد نفسه عن أوروبا والجماهير الإيرانية المحلية، مع تذكير القادة الأوروبيين في الوقت نفسه بالتزاماتهم تجاه الصفقة النووية.

وكان ظريف كتب يوم الإثنين على حسابه في تويتر:" قد يكون من المفيد للشركاء الأوروبيين قراءة الوثيقة التي وقعوا عليها بالفعل، وتعهدوا بالدفاع عنها". لكن لا أحد يصدق لهجته الحادة.

بدون مشاركة أوروبا، لا توجد صفقة نووية. والأكثر من ذلك، يمكن القول إن انسحاب القارة هي الأخرى من الاتفاق سوف يجرد إيران من رغبتها في الالتزام بالقيود المفروضة على أنشطتها النووية.

الحقيقة هي أن طهران تحتاج إلى أوروبا – تحتاج إلى أموالها وتعاونها – للحصول على الشرعية والبقاء. الأمر الذي يجعل الانتهاكات الإيرانية المستمرة على الأراضي الأوروبية مثيرة للحيرة وغير مقبولة بالنسبة لبروكسل.

في فرنسا، أدت تداعيات مؤامرة تفجير فاشلة عام 2018 إلى تعقيد العلاقات الفرنسية الإيرانية. وكانت إيران عينت مؤخرا متحدثا سابقا باسم وزارة الخارجية الإيرانية سفيرا لها في فرنسا، في محاولة من طهران لإعادة صياغة أحداث خرجت عن نطاق سيطرتها.

ما زالت حيثيات الهجوم الفاشل غامضة، على الرغم من تأكيدات إيران بأن الخطة المزعومة لتفجير إحدى التجمعات العامة لحركة مجاهدي خلق المعارضة لها في المنفى من قبل أحد الدبلوماسيين الإيرانيين داخل السفارة في النمسا، فرضية غير قابلة للتطبيق.

بغض النظر عمن يقف وراء هذا الهجوم، فإن الفكرة القائلة بأن الأطراف السياسية الإيرانية المتناحرة قد تستخدم قلب الأراضي الغربية لخوض معاركها، ينبغي أن تكون مصدر قلق كبير للعالم الحر.

قام المسؤولون المكلفون بإنفاذ القانون السويدي مؤخرا باعتقال صحفي عراقي للاشتباه في أنه كان يتجسس على الانفصاليين العرب في ستوكهولم لصالح طهران. كما قُتل زعيم من نفس المجموعة في هولندا في أواخر عام 2017 على يد قتلة استأجرهم النظام الإيراني، حسب ما صرح به وزير الخارجية الهولندي ستيف بلوك.

في هذه الأثناء، لم تغير القوات المحلية داخل إيران من سلوكها لتغيير صورتها في أذهان الغرب والتي غالبا ما يتم ربطها بالأعمال الوحشية واستمرار الاعتقالات في صفوف المواطنين الأجانب بشكل منتظم.

في المملكة المتحدة، اتخذ وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت – الذي أوضح موقفه في ظل تخبط البلاد إبان أزمة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي –بشأن العدوان الإيراني.

في قضية نازانين زاجاري راتكليف المعروفة، أعطى وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت الأولوية لقضية الأم الشابة المحكوم عليها بالسجن ثلاث سنوات بتهم أمنية وهمية وزائفة، واتخذ تدابير استثنائية تتمثل في منح الحصانة الدبلوماسية لذوي الجنسيات المزدوجة.

كما أعرب هانت عن دعمه للعاملين بالقسم الفارسي بهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" والذين اشتكوا على مدار السنوات الماضية من المضايقات الممنهجة التي يتعرضون لها وعائلاتهم من قبل السلطات الإيرانية في إيران حيث تعرضوا للتهديد والاعتقال ومنعوا من القيام بمعاملات مالية.

فرضت المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي مؤخرا عقوبات على إيران بسبب انتهاكات في ملف حقوق الإنسان، تراوحت بين اعتقال إيران للصحفيين ونشطاء حقوقيين، والاستخدام المفرط لعقوبة الإعدام والسجن خارج سلطة القانون، واستخدام التكنولوجيا لقمع الإيرانيين.

هناك توافق آراء متزايد داخل الغرب حول الحاجة إلى منع سفر وتمويل مسؤولي النظام الإيراني وعائلاتهم، وهي خطوة ناقشها الأمريكيون والأوروبيون، لكنها لم تنفذ بعد.

إذا كانت إدارة ترامب جادة في وضع حد "للنشاط الخبيث لطهران"، فيجب عليها العمل مع حلفائها لوضع خطة واقعية للقيام بذلك. كما إن تبني مقاربة متعددة الجنسيات هي أفضل طريقة لإرغام إيران على احترام القوانين، لن يصبح الأمر واقعا ما لم تستعمل كل من أوروبا والولايات المتحدة نفس قواعد اللعبة.