الأربعاء 2019/01/09

واشنطن بوست: هذه أبعاد قرار انسحاب ترامب من سوريا

بقلم: آدم تيلور

المصدر: واشنطن بوست

ترجمة: مركز الجسر للدراسات


استهلت الولايات المتحدة السنة الجديدة باستراتيجية جديدة للحرب التي تخوضها في سوريا: لقد حان وقت الخروج. كان الرئيس ترامب صرح بإعلان مفاجئ الشهر الماضي يقضي بهزيمة "تنظيم الدولة" في سوريا، وأن الوقت قد حان لعودة القوات الأمريكية إلى الوطن.

أثار هذا القرار جدلا كبيرا في واشنطن، لكن خلال الأسابيع التي تلته، أدلى كل من ترامب ومسؤولين بارزين في إدارته بتصريحات متضاربة ومرتبكة في غالبها، بخصوص الجدول الزمني لانسحاب القوات الأمريكية من سوريا، وما تحمله الاستراتيجية الأمريكية من قرارات بشأن هذا الملف.

ما الذي يحدث بالفعل؟ إليكم موجز عما حدث .. كيف بدأ كل هذا؟

في 19 من كانون الأول/ ديسمبر الماضي، قال ترامب إن تنظيم الدولة، المعروف باسم "داعش"، قد هُزم في سوريا، هدف قال إنه السبب الرئيسي في الوجود العسكري الأمريكي هناك.

أكد البيت الأبيض في وقت لاحق أن الولايات المتحدة ستتحرك بسرعة لسحب جميع قواتها من سوريا. وقال ترامب في مقطع فيديو إن هذه القوات "في طريقها إلى الولايات المتحدة الآن".

اتخذ ترامب قراره بسحب القوات الأمريكية من سوريا إيفاء بوعده خلال الحملة الانتخابية. كان ترامب من أشد المنتقدين لسياسة إدارة باراك أوباما في حربها ضد تنظيم الدولة في سوريا لفترة طويلة، حيث كتب عام 2013 أنه على الولايات المتحدة "ألا تبقى داخل سوريا".

هل مازالت هذه السياسة قائمة؟

من الصعب الجزم بذلك. فبعد الضجة التي أثارها قراره، مدّد ترامب الموعد النهائي لانسحاب القوات الأمريكية من سوريا، والتي كانت لا تتعدى 30 يوماً إلى أربعة أشهر، ليقول بعد ذلك علناً إنه لم يوافق على مهلة الأشهر الأربعة، مؤكدا يوم الأربعاء الماضي: "لم أقل يوما إن الانسحاب سيكون سريعا أو بطيئا". كما أكد حلفاء ترامب أيضا أن خطط الانسحاب لم تقرر بعد. بعد اجتماع مع الرئيس في 30 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، قال السيناتور ليندسي غراهام للصحفيين أنه "توقف مؤقت" عوضا عن الانسحاب. يبدو أنه لا أحد يعلم متى سيتم الانسحاب.

أثناء زيارة له إلى إسرائيل يوم الأحد الماضي، قال مستشار الأمن القومي جون بولتون إنه يجب تحقيق بعض الأهداف قبل الشروع في الانسحاب، مضيفا: "إن الجدول الزمني لانسحاب القوات الأمريكية مرتبط بالقرارات السياسية التي نحتاج إلى تنفيذها هناك".

في تغريدة له على تويتر الإثنين الماضي، ادعى ترامب أن الجدول الزمني الجديد "لا يختلف عن تصريحاتي الأصلية"، وأضاف: "سنغادر بوتيرة مناسبة بينما نواصل محاربة تنظيم الدولة والقيام بكل ما هو ضروري".

لماذا كانت هناك معارضة قوية لقرار سحب القوات الأمريكية من سوريا؟

يدعم العديد من مستشاري ترامب وحلفائه اتخاذ موقف حازم بشأن إيران، ويعتبرون الوجود العسكري الأمريكي في سوريا مهما لإخراج طهران من سوريا.

في أيلول / سبتمبر الماضي، قال الممثل الخاص لوزارة الخارجية الأمريكية لشؤون سوريا، جيمس جيفري للصحفيين، إن مهمة الولايات المتحدة في سوريا تشمل مغادرة جميع القوات العسكرية والقوات الإيرانية بالوكالة وإنشاء حكومة جديدة مستقرة و"هذا يعني أننا لسنا في عجلة من أمرنا".

يعد وزير الدفاع الأمريكي، جيمس ماتيس، من صقور إيران، وقد استقال بعد يوم من إعلان ترامب قراره سحب القوات الأمريكية من سوريا. في خطاب استقالته قال ماتيس إن الرئيس بحاجة إلى رئيس أركان في البنتاغون "يشاركه نفس الرؤية".

كم عدد القوات الأمريكية في سوريا في الوقت الحالي؟

يوجد نحو 2200 جندي أمريكي في سوريا. وعلى الرغم من أن وزارة الدفاع الأمريكية لم تصرح بالكثير من المعلومات بخصوص هذا الشأن، إلا أن هناك بعض التسريبات: خلال حملة لاستعادة مدينة الرقة، التي اتخذها تنظيم الدولة عاصمة له، في عام 2017، تم نشر قوات العمليات الخاصة وجنود المدفعية هناك. كما تم إرسال وحدات "الرينجرز" إلى سوريا للحفاظ على السلام بين المقاتلين الأكراد والقوات الموالية لتركيا.

كما إن هناك نحو 5200 جندي أمريكي في العراق، يساعدون الحكومة العراقية في قتالها ضد تنظيم الدولة. عندما زار ترامب تلك القوات في 26 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، قال "يمكننا استخدام هذه القوات في حال أردنا القيام بشيء ما في سوريا".

هل تم القضاء على تنظيم الدولة؟

فقد هذا التنظيم تقريبا كل الأراضي التي احتلها خلال عامي 2014 و2015. وقد ساعد التدخل العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة، الذي بدأ خلال إدارة أوباما، في تحقيق هذه النتيجة، وخاصة استخدام القوة الجوية الأمريكية. غير أن التقديرات الصادرة خلال الصيف الماضي تشير إلى أن المجموعة لا تزال تملك أكثر من 30 ألف مقاتل متفرقين بين سوريا والعراق. غيّر تنظيم الدولة من تكتيكاته خلال الفترة الأخيرة، حيث نفّذ عمليات خطف واغتيالات في العراق وهزم القوات التي تدعمها الولايات المتحدة في سوريا. يرى بعض القادة العسكريين الأمريكيين أن المجموعة في وضع جيد يسمح لها بإعادة ترتيب صفوفها والظهور من جديد.

ما تأثير الانسحاب الأمريكي على الأطراف المتحاربة في سوريا؟

برزت تركيا كأحد المستفيدين من قرار الانسحاب، في الوقت الذي أثار فيه القرار قلقا شديدا في صفوف القوات الكردية المتحالفة مع الولايات المتحدة، التي تعتبرها تركيا مجموعات إرهابية وتعهدت قبلا بطردها من شمال شرق سوريا. قال بولتون يوم الأحد الماضي إنه سيتم التوصل إلى اتفاق لإبعاد "الخطر" عن القوات الكردية، لكن مسؤولين أكرادا أكدوا للصحفيين سعيهم للتوصل إلى اتفاق مع نظام الأسد.

من شأن أي اتفاق مع الأكراد أن يصب في مصلحة الأسد، الذي استعاد السيطرة على جزء كبير من الأراضي السورية. كما إنه سيكون بمثابة فوز لحلفاء الأسد في كل من روسيا وإيران. كانت إيران أحد الأهداف الرئيسية لإدارة ترامب في الشرق الأوسط، لكن خلال اجتماع للإدارة الأمريكية مؤخرا، أوضح ترامب عدم قلقه بشأن النفوذ الإيراني في سوريا، حيث قال: "بإمكانهم فعل ما يريدون".