الخميس 2018/08/02

واشنطن بوست: مسارات “الحرب الكلامية” بين واشنطن وترامب

بقلم: جايسون رزيان

المصدر: واشنطن بوست

ترجمة: مركز الجسر للدراسات

ليس لدي شك في أن الرئيس ترامب كان يعني كلامه عندما قال إنه سيكون مستعدا للقاء قادة إيران دون شروط مسبقة.

ولكن بالنسبة للرجل الذي لا يزال يعد الأكثر نفوذا في العالم، هناك الكثير من العقبات التي تحول بينه وبين عقد قمة مع كبار المسؤولين في إيران.

من بين أهم العقبات التي تقف في طريقه، السياسة الداخلية التي تتبناها كل من واشنطن وطهران.

يوم الأربعاء الماضي، استبعد المسؤولون الإيرانيون عقد أي اجتماع مع ترامب في المستقبل.

كما قال قائد الحرس الثوري الإيراني، محمد علي جعفري، في رسالة مفتوحة نشرتها وكالة فارس للأنباء، جاء في نصها ما يلي: " سيد ترامب! إن إيران ليست كوريا الشمالية لتقبل بعرضك بعقد اجتماع". وكرر الجعفري أن ركود العلاقات الإيرانية-الأمريكية سيستمر بعد حقبة ترامب، فكتب قائلا: "لن يرى الرؤساء الذين سيأتون بعدك ذلك اليوم."

كان الجعفري الأكثر جرأة في الرد على عرض ترامب، إلا أنه هناك مسؤولين إيرانيين آخرين يعتقدون بأن البيت الأبيض قد طالب مرات عدة بعقد اجتماع مع الرئيس حسن روحاني خلال العام الماضي، ووفقا لما جاء على لسان رئيس أركان الرئيس روحاني فقد قوبلت هذه الدعوات – الثمانية– جميعها بالرفض.

والحقيقة هي أن القيادة في طهران لا ترى أنه يمكن جني الكثير من قمة كهذه خاصة في هذا الوقت، يعتبر هذا وجه الاختلاف الرئيسي بين إيران وكيم جونغ أون ووالده، اللذين كان يطمحان لعقد لقاءات رفيعة المستوى مع القادة الأميركيين.

بالنسبة لآل كيم، يعطي هذا النوع من اللقاءات مع قوة عالمية كأمريكا الشرعية لنظامهم على المسرح العالمي.

على الرغم من أن معظم الإيرانيين على اختلاف انتماءاتهم يفضلون تجديد العلاقات مع الولايات المتحدة وتحسين الظروف الاقتصادية التي من المحتمل أن يجلبها استئناف العلاقات الدبلوماسية، إلا أنه بالنسبة للقيادة الإيرانية الحالية مثّل هذا الاجتماع، في أعقاب الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي وفي في الوقت الذي تواجه فيه البلاد أزمة اقتصادية، يمكن اعتبارها علامة على الضعف وطريقا محفوفا بالمخاطر.

في واشنطن، سارع وزير الخارجية، مايك بومبيو، إلى التدخل لشرح ما قصده ترامب ليقول: إنه بمجرد أن تخضع إيران لشروط الولايات المتحدة، يمكن عندها النظر في احتمالية عقد اجتماع.

وأضاف بوميبو قائلا: "إذا أظهر الإيرانيون التزاما حقيقيا بإحداث تغييرات جوهرية في كيفية تعاملهم مع شعبهم، والحد من سلوكهم العدواني، يمكن عندها القول إنه من الجيد عقد اتفاقية نووية تمنع فعليًا انتشار هذه الأسلحة، سيكون عندها الرئيس مستعدا للدخول في مباحثات معهم".

يبدو كل هذا معقولا، لكن بومبيو كان قد وضع 12 شرطا مسبقا للولايات المتحدة من أجل تطبيع علاقاتها مع إيران، لكن طهران ترى أن هذه الشروط لا تجني نفعا.

من المرجح أن يعارض الصقور في واشنطن أي نوع من التطبيع مع طهران، والذي يضمون مستشار الأمن القومي لدى ترامب، جون بولتون، الذي كان من مناصري منظمة "مجاهدي خلق" الإيرانية لفترة طويلة، وهي جماعة طائفية، كانت على قائمة المنظمات الإرهابية في وزارة الخارجية للجماعات الإرهابية من عام 1997 حتى عام 2012.

تلقى هذه المنظمة رفضا من قبل معظم الإيرانيين داخل إيران وخارجها، لكنها حصلت على فرصة جديدة بسبب علاقاتها مع بولتون وغيره من المقربين من إدارة ترامب، بما في ذلك رودولف دبليو جيوليانى.

بالنسبة لترامب، فإن الهدف لا يتعلق بدعم أي مجموعة إيرانية بعينها، بل إن هدفه إلغاء أي إنجازات من عهد أوباما.

لقد أدرك السياسيون الذين عارضوا اتفاق الرئيس باراك أوباما النووي آنذاك العواقب الوخيمة التي قد تنتج عن قرار ترامب بالانسحاب من الصفقة.

يمكن استعمال الضغط، وإن كان محدودا، لإيجاد طرق لإعادة فتح العلاقات مع طهران.

لن يكون من الجنوني الجلوس مع إيران على طاولة المفاوضات لكن من غير المحتمل أن يهيئ بيان ترامب الأخير الظروف الملائمة لذلك.

ستدخل العقوبات الجديدة المفروضة على إيران حيز التنفيذ هذا الأسبوع، الأمر الذي سيجعل أي تدخل على المدى القصير مستحيلاً.

وبمجرد أن يصبح التأثير الاقتصادي هائلا على الإيرانيين ولا يمكن تجاهله، من المحتمل أن يعود قادة إيران إلى طاولة المفاوضات، لكنه يبقى من غير الواضح إذا ما إذا كان الدبلوماسيون الذين تفاوضوا على الصفقة النووية هم من سيقود تلك الجهود أم سيقودها غيرهم من المسؤولين، الذين لم يكونوا متحفظين بخصوص التطبيع مع إيران.

يتحدث دبلوماسيون أمريكيون ممن عملوا في كل من إدارة أوباما وجورج دبليو بوش بشكل علني عن الاختلاف الكبير في التعامل مع نظرائهم من حقبة روحاني مقارنة مع المفاوضين الإيرانيين السابقين، الذين كانوا يلقون خطابات عن تاريخ الصراعات الأمريكية الإيرانية، وتكرار الخطابات الإيديولوجية والتطرف الأيديولوجي الذي حال عدم الوصول إلى حل.

لقد نجح المفاوضون الإيرانيون، بقيادة وزير الخارجية محمد جواد ظريف، بعقد صفقة مع الولايات المتحدة بخصوص الملف النووي.

وهناك عدد قليل من السيناريوهات التي سيتمكنون من خلالها من فتح العلاقات مرة أخرى مع واشنطن.

إلا أنه من المرجح أن تستمر حرب الكلمات، إلى جانب المغالطات الغريبة التي جاءت لتعطي صورة عن العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران، مع عودة منظّري الإيديولوجيا إلى مراكز القيادة في كل من طهران وواشنطن.