الجمعة 2019/07/05

واشنطن بوست: ما أهمية زيادة اليورانيوم المخصب في إيران

بقلم: جوناثان ثيرون

المصدر: واشنطن بوست

ترجمة: مركز الجسر للدراسات


بعد مضي أكثر من عام بقليل على انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي التاريخي مع إيران، ردت حكومة طهران على هذه الخطوة بخرق أحد البنود الرئيسية، الذي يقيد مخزونها من المواد النووية.

أكد مفتشون دوليون في الأول من تموز/ يوليو الحالي أن إيران قد صنعت أكثر من 300 كيلوغرام من اليورانيوم المنخفض التخصيب، وهو الحد المسموح به بموجب اتفاق عام 2015.

على الرغم من أنه يمكن اعتبار أثر هذا الانتهاك الأولي محدودا ويمكن عكسه بسهولة، إلا أن إيران تؤكد استعدادها لاستئناف أنشطتها النووية الأخرى ما لم تكثف كل من أوروبا والصين وروسيا جهودها لمساعدة الاقتصاد الإيراني.

إذ يمكن لخطوات كهذه أن تمهد الطريق لإيران للحصول على الأسلحة النووية.

ما مدى قرب إيران من صنع قنبلة نووية؟

لن تستطيع فعل ذلك قبل فترة من الزمن.

تم تصميم اتفاقية عام 2015 لضمان عدم قدرة إيران على صنع سلاح نووي في حالة انسحابها من الصفقة، إذ ستحتاج إلى عام على الأقل لجمع المواد اللازمة لصنع هذا النوع من الأسلحة.

لقد تمت مصادرة نحو 97٪ من اليورانيوم المخصب الذي كان لدى إيران، كما أوقفت إنتاجها لثلث أرباع الطاقة الصناعية اللازمة لتكرير المعادن الثقيلة.

أفاد مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الموجودون بشكل شبه يومي في المنشآت الإيرانية لرصد ما يحدث، أن البلاد تملك أقل من ثلث الكمية اللازمة من اليورانيوم المخصب لصنع سلاح واحد، (الكمية اللازمة هي 1050 كيلوغراما من اليورانيوم المنخفض التخصيب).

قبل الاتفاق، كان لدى إيران ما يكفي لتصنيع أكثر من عشرة قنابل.

ففي الوقت الذي أكدت فيه إيران أن أهداف برنامجها النووي مدنية، سعت القوى العالمية إلى توقيع الصفقة النووية لتشكيكها في هذه الادعاءات.

كيف يمكن لإيران أن تصعد من هذه الأزمة؟

لدى إيران وسيلتان لزيادة الضغط، ولقد استعملت إحداهما بالفعل وذلك من خلال تجاوزها السقف المسموح به من مخزون اليورانيوم وهي مستعدة لاستعمال الوسيلة الثانية الآن في أي وقت.

قال الرئيس الإيراني حسن روحاني إنه دون وجود إشارة واضحة على تخفيف الضغوط الاقتصادية بحلول 7 تموز/ يوليو الحالي، فإن بلاده لن تكون ملزمة بعد اليوم ببنود الاتفاق القاضية بعدم تخصيب نظير اليورانيوم 235 بتركيز لا يتعدى 3.67٪، وهو مستوى منخفض يستخدم عادة لإنتاج الطاقة النووية فقط.

يشير هذا الأمر إلى استعداد إيران للانتقال نحو مستويات تخصيب أعلى قد تصل 90٪ وهي الدرجة اللازمة لصنع الأسلحة النووية.

دفع هذا الإنذار بترامب إلى التغريد على حسابه تويتر قائلا بأن هذه الخروقات "ستنقلب عليكم!"

لماذا يعتبر تخصيب اليورانيوم أمرا مهما؟

يعد الحصول على المواد اللازمة لتحفيز عملية الانشطار الذري أصعب مرحلة ضمن مراحل صنع الطاقة النووية أو القنابل.

تحتاج البلدان إلى تطوير بنية تحتية صناعية شاسعة لإنتاج نظير اليورانيوم 235، الذي يشكل أقل من 1 ٪ من مادة اليورانيوم الخام، لكنه يعد ضروريا للحفاظ على تفاعل سلسلة الانشطار.

يتم استخدام الآلاف من أجهزة الطرد المركزي التي تدور بسرعة تفوق سرعة الصوت لفصل المواد.

تقوم الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتتبع التغييرات على مستويات كتلة اليورانيوم المخصب في جميع أنحاء العالم لضمان عدم تحويل هذه المواد إلى أسلحة.

لقد كانت مسألة احتفاظ إيران بقدرتها على تخصيب اليورانيوم من عدمه، أساس نزاعها النووي مع الولايات المتحدة منذ عقدين من الزمن.

لماذا تسعى إيران إلى إلغاء الصفقة؟

تتسبب العقوبات الأمريكية في انهيار الاقتصاد الإيراني وقيادته.

يرفض القادة الإيرانيون الدخول في مفاوضات جديدة ما لم تسترجع إيران قدرتها على تصدير النفط والسلع الأخرى.

في غياب تسوية، لدى طهران مجموعة من الإجراءات الأخرى التي يمكن أن تستخدمها لتصعيد الموقف، بدءا من زيادة إنتاجها من اليورانيوم المخصب ووصولا إلى وقف عمليات التفتيش والمراقبة التي يقوم بها مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

في الوقت الذي قد يرى فيه قادة إيران تكثيف الأنشطة النووية وسيلة لاستعادة النفوذ الذي تم التفاوض عليه في الصفقة النووية عام 2015، قد يأتي التصعيد بنتائج عكسية ويعزل إيران على الساحة السياسية، أو يدخلها في نزاع عسكري.

ما هي الخطوات الأخرى؟

تتحدث إيران بالفعل عن استئناف بناء مفاعل يعمل بالماء الثقيل يمكن أن ينتج البلوتونيوم، ما قد يفتح مساراً آخر لجمع المواد القابلة للانشطار لصنع قنبلة.

تم تعطيل هذا المشروع الذي استمر عقدا من الزمن بموجب الاتفاق، وسيحتاج إلى الكثير من العمل والجهد لإعادة بنائه.

يمكن للبلاد أيضا أن تقوم بتشغيل الآلاف من أجهزة الطرد المركزي التي كانت موقوفة من قبل والبدء في إدخال آلات أكثر تقدما لتخصيب اليورانيوم بشكل أسرع.

إذا انسحبت إيران بالكامل من الاتفاقية، يمكن لها أن تمنع مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية من الدخول إلى منشآتها وتقليص سلطاتهم للقيام بزيارات مفاجئة.

في أسوأ الحالات، يمكن أن تنسحب بالكامل من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، الاتفاق متعدد الأطراف لعام 1968 الذي يهدف إلى الحد من انتشار الأسلحة النووية.

وهذا بالضبط ما فعلته كوريا الشمالية قبل ثلاث سنوات من اختبار أول قنبلة لها.

كيف سترد البلدان الأخرى على هذا الأمر؟

أدى انتهاك إيران لبنود الاتفاق النووي إلى تحريك العديد من الجهود الدبلوماسية على أعلى المستويات، وقد يؤدي ذلك إلى اجتماع وزراء خارجية الصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والمملكة المتحدة إذا لم تتمكن الأطراف المتبقية في الاتفاق من إقناع طهران بعكس مسارها.

يمكن إحالة إيران إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، حيث ستواجه عقوبات دولية أوسع. كما يمكن للاتحاد الأوروبي أن يقرر فرض عقوباته الخاصة عليها.

قد تستمر كل من الصين وروسيا في توفير الغطاء الاقتصادي والسياسي لإيران من خلال مساعدتها على تفادي العقوبات من خلال حق النقض (الفيتو) في الأمم المتحدة.

أما بالنسبة لترامب والولايات المتحدة، فمن المتوقع أن يهدد بشن حرب على إيران في ظل تضييق العقوبات الأمريكية الخناق على الاقتصاد الإيراني بأكمله.