الثلاثاء 2018/10/23

واشنطن بوست : كيف يمكن لابن سلمان مواجهة العدالة الدولية؟

بقلم: جوش روغن

المصدر: واشنطن بوست

ترجمة: مركز الجسر للدراسات

قد يعتقد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وأعوانه بأنهم فوق العدالة الدولية بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي. لكن لا يجب أن يعولوا على ذلك، لأن هناك مجموعة من الطرق التي يمكن من خلالها معاقبة محمد بن سلمان والجناة الآخرين على جرائمهم، في المحاكم المدنية والجنائية في جميع أنحاء العالم.

قال ستيفن راب، السفير السابق لوزارة الخارجية الأمريكية بخصوص قضايا جرائم الحرب، "إذا كانت التقارير دقيقة، فإن ما حصل لخاشقجي انتهاك خطير للقانون الدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك القانون الخاص بحماية الفرد من التعذيب والاختفاء القسري".

وأضاف راب أن تحقيق العدالة ومحاسبة المسؤولين عن مقتل خاشقجي لن يكون بالأمر السهل، لكن هناك العديد من الآليات التي يجب اتباعها لملاحقة محمد بن سلمان، ومعاونيه الذين قيل إنهم نفذوا عملية القتل. ولعائلة خاشقجي الحق في تحقيق العدالة من خلال المحاكم المدنية، كما يمكن لممثلي الادعاء العام، من مختلف البلدان، توجيه تهم جنائية بموجب القانون الدولي وما سبق ذكره من القوانين.

وأكد راب : "يَسمح هذا النوع من الجرائم للضحايا أو غيرهم برفع قضايا في الهيئات الدولية مع إمكانية جعلها قضايا خاصة"، مضيفا "والأهم من ذلك هو أن إمكانية تعرض خاشقجي للتعذيب والاختفاء القسري، ومن ثم القتل الذي يعتبر الأسوأ، قد تجعل من محاكمة الجناة في بلدان أخرى أمرا ممكننا".

يمكن رفع دعوى جنائية ضد محمد بن سلمان وغيره من المسؤولين السعوديين بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، التي تُعتبر السعودية أحد الموقِّعين عليها.

تحظُر هذه الاتفاقية القيام بأعمال من شأنها أن تسبب "الألم الشديد أو المعاناة ... أو التحريض على القيام بذلك، برضا أو بموافقة مسؤول عام أو شخص آخر يعمل بصفة رسمية".

من خلال مبدأ الاختصاص القضائي العالمي، يمكن لأي دولة طرف في الاتفاقية، بما في ذلك الولايات المتحدة، إحالة القضية إلى محكمة العدل الدولية والسعي للحصول على أمر يقضي بمحاكمة السعودية لمحمد بن سلمان أو تسليمه والمتهمين الآخرين. ومن الأمثلة الحديثة على ذلك عندما رفعت بلجيكا دعوى ضد السنغال تطالب فيها بتسليم حسين حبري، الرئيس السابق لتشاد ومحاكمته، على جرائم ارتكبها ضد الإنسانية.

 

لقد رفضت كل من الولايات المتحدة وإدارة ترامب مبدأ الاختصاص القضائي العالمي، خوفا من أن يدان بعض المسؤولين الأمريكيين. لكن بلداناً أخرى، مثل ألمانيا، كانت أكثر حزما في مقاضاة جرائم مثل التعذيب والاختفاء القسري بغض النظر عن مكان وقوعها.

في حزيران/ يونيو الماضي، أصدر المدعي العام الألماني مذكرة توقيف دولية بحق رئيس مديرية المخابرات الجوية السورية بتهمة ارتكاب جرائم حرب.

وقال راب: "يمكنك القول بأن النهج الذي تتبعه السعودية في ملاحقة خصومها يعتبر هجوما ممنهجا ضد المدنيين، وعليه يمكن اعتبار القتل والتعذيب والاختفاء القسري جريمة ضد الإنسانية، ويعاقب عليها القانون في المحاكم الدولية ".

حتى صباح يوم الإثنين الماضي، كانت الحكومة السعودية لا تزال تصف مقتل خاشقجي، الكاتب المساهم في قسم الآراء العالمية بصحيفة "واشنطن بوست"، بأنه "عملية مارقة"، كما ادعى ولي العهد عدم معرفته بما حدث نافيا بذلك تورطه فيها. أما بالنسبة للرئيس ترامب، فعلى الرغم من أن القصص الرسمية السعودية شملت الكثير من "الخداع" و "الأكاذيب"، فلا يزال يرفض الاعتراف بأن محمد بن سلمان نفسه هو المسؤول عما حدث.

ولكن بموجب القانون الدولي والقانون الأمريكي، حتى إذا لم يكن بالإمكان إثبات أن محمد بن سلمان كان على علم مسبق بمقتل خاشقجي، فإنه سيظل مسؤولًا لأنه مسؤول عن إصدار الأوامر للقتلة. على سبيل المثال، حكمت المحاكم الفيدرالية الأمريكية عام 1995 بأن وزير الدفاع الغواتيمالي هيكتور جراماجو مسؤول عن اغتصاب وتعذيب "الأخت ديانا أورتيز" من خلال القوات التي كانت تحت سيطرته.

وقال راب "إن إظهار المسؤولية القانونية بموجب مبدأ (مسؤولية القيادة) يتطلب إظهار السيطرة الفعالة، ومعرفة كيفية القيام بهذه الأعمال ومعرفة الأسباب التي أدت إلى عدم منع وقوعها أو معاقبة المسؤولين المباشرين".

مضيفا.. "تقديم أكباش فداء للرأي العام عقاب وسيضع ذلك محمد بن سلمان في موقف سيئ".

قد يكون من المستحيل الحصول على مذكرة توقيف أو رفع دعوى قضائية في الولايات المتحدة ضد محمد بن سلمان أو أي من الجناة الآخرين ما لم يكونوا على الأراضي الأمريكية.

ولكن إذا ما وطئت أقدام المشتبه به الأراضي الأمريكية مرة أخرى، فيمكن القبض على هذا الشخص واتهامه وفقا للقانون الأمريكي. قد يحصل محمد بن سلمان، بصفته مسؤولا دبلوماسيا رفيع المستوى، على الحصانة، لكن سيكون على المحكمة تسوية الأمر.

سيكون كل من محمد بن سلمان والمشتبه بهم عرضة لأنواع مختلفة من الدعاوى المدنية. يمكن لأفراد عائلة خاشقجي مقاضاتهم في محاكم الولايات المتحدة بموجب قانون حماية ضحايا التعذيب لعام 1991، الذي يمنح المحاكم الأمريكية ولاية قضائية على التعذيب الذي يرتكبه أي شخص في أي مكان.

كما يمكن لعائلة خاشقجي أن ترفع دعوى قضائية بموجب قانون ادعاءات الأجانب المتعلقة بالتعذيب لعام 1789.

وقد استخدم هذا القانون لمقاضاة منتهكي حقوق الإنسان، بمن فيهم الرئيس السوداني عمر حسن البشير. وقال راب: "على عائلة خاشقجي النظر في هذا الخيار".

كما يمكن للكونغرس أيضا أن يقر قانونا يسمح لعائلة خاشقجي بمقاضاة الدولة السعودية، كما فعلت مع ضحايا هجمات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر، بسبب اعتراض إدارة أوباما.

تتطلب هذه المسارات نحو تحقيق العدالة والمساءلة القانونية بخصوص مقتل خاشقجي، ممن يهتمون بسيادة القانون والعدالة الدولية وحقوق الإنسان، أن يحاربوا من أجل إنفاذها.

قد يعتقد محمد بن سلمان أن لديه ما يكفي من القوة والنفوذ والحصانة للإفلات من العدالة الحقيقة - وقد يكون ذلك صحيحا. لكنه ليس أمرا قطعيا، هذا وسيتم إضافة اسم محمد بن سلمان إلى لائحة منتهكي حقوق الإنسان الدوليين الآخرين لبقية حياته.

وكلما حاول السفر هو أو شركاؤه إلى بلد يتم فيه تطبيق قانون حقوق الإنسان، سيكون عليهم القلق إذا كانت ستتم محاسبتهم على قتل خاشقجي ومختلف الجرائم الأخرى.