الأحد 2019/05/19

واشنطن بوست: كارثة جديدة تلوح بالأفق في سوريا

المصدر: واشنطن بوست

ترجمة: مركز الجسر للدراسات


شهدت أهوال الحرب السورية في الأشهر الأخيرة تقلصا بعد ثماني سنوات من المذابح والمجازر. لكن الحرب لم تنته بعد، إذ من المحتمل أن تعود هذه الفظائع من جديد على نطاق أوسع في محافظة إدلب، التي تضم نحو 3 ملايين شخص ما زالوا تحت سيطرة فصائل الثوار.

في أواخر الشهر الماضي، خُرقت الهدنة، حيث قامت قوات النظام بشن هجوم جديد على المنطقة بالتنسيق مع القوات الجوية الروسية. ليستهدف هذا الهجوم مرة أخرى، المنازل والمستشفيات ومحلات المواد الغذائية. ونتيجة لذلك فر أكثر من 150 الف شخص شمالا باتجاه الحدود السورية مع تركيا وفقا للأمم المتحدة.

من شأن هجوم كهذا أن يؤدي إلى كارثة إنسانية أكبر من سابقاتها. فعشرات الآلاف من المدنيين الموجودين في إدلب اليوم قد نزحوا من أجزاء أخرى من البلاد، حيث تم نقل أغلبهم من قبل نظام الأسد بموجب صفقات تخول للنظام السيطرة على البلدات التي كانت سابقا تحت سيطرة الثوار. إن محاولة استعادة المحافظة بالقوة ستدفع بموجات كبيرة من اللاجئين باتجاه تركيا، والتي قد تصل إلى أوروبا، التي ما تزال تعاني من عدة توابع سياسية نتيجة لوصول أعداد كبيرة من السوريين إلى بلدانها عام 2015.

على الرغم من كل هذه المخاطر، لم تحرك إدارة ترامب ساكنا، كما لم يبد الرئيس ترامب رأيه حول الأزمة الجديدة. عندما أثار وزير الخارجية مايك بومبيو هذا الموضوع خلال اجتماعاته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير خارجيته، سيرغي لافروف، هذا الأسبوع، قيل له إن أهداف موسكو كانت محدودة وكانت تشمل توسيع منطقة عازلة لحماية قاعدة جوية روسية تعرضت للهجوم.

يقول المسؤولون الأمريكيون إن القتال توقف منذ ذلك الحين. لكن تاريخ النزاع السوري يقدم درسين واضحين: أولا أن نظام الأسد سيسعى بلا كلل ولا ملل لاستعادة سيطرته على البلد بالقوة، بغض النظر عن التكلفة؛ وثانيا لطالما ثبت أن التطمينات الروسية للمبعوثين الأمريكيين لا طائل منها.

كما هو الحال، فإن الهجوم ينتهك صفقة أبرمها بوتين مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان العام الماضي لمنع حدوث هجوم واسع النطاق على إدلب. واتفق الاثنان على إقامة منطقة عازلة "خالية من الجماعات المتطرفة".

أقامت تركيا العديد من المواقع العسكرية في المنطقة كما كان متفقا عليه، لكنها فشلت في نزع سلاح أو طرد المسلحين، بما في ذلك هيئة تحرير الشام، التي تربطها علاقة مباشرة بتنظيم القاعدة.

في الوقت الذي يجب فيه التعامل مع الخطر الذي يشكله مقاتلو هذه الجماعة، فإن فرض حل عسكري بقيادة الأسد والقوات الروسية أمر مستحيل، خاصة في ظل تكتيكاتهم المعتادة والتي تعتمد على قصف البنية التحتية كالمستشفيات وغيرها من المرافق في محاولة متعمدة للدفع بالمدنيين إلى النزوح والهجرة. تسعى كل من روسيا والأمم المتحدة إلى لعب دور الوسيط في تسوية سياسية سورية أوسع نطاقا، لكنهما عاجزتان عن فعل ذلك بسبب رفض نظام الأسد ومسانديه الإيرانيين تقاسم السلطة مع القوى التي تمثل الأغلبية السنية داخل سوريا.

لا وجود لسلام دائم في سوريا حتى يتم كسر الأواصر التي تربط كلا من روسيا وإيران ونظام الأسد ببعضهم. والواقع أن الولايات المتحدة لا تستطيع فرض هذا النوع من التغيير، إلا أنها تستطيع أن تحُول دون شن هجمات أخرى على إدلب وهو أمر يجب أن يكون على جدول أعمال الولايات المتحدة خلال اللقاء الذي سيجمع ترامب ببوتين في اليابان الشهر القادم.