الأحد 2019/02/24

واشنطن بوست: تراجع ترامب عن الانسحاب الكلي انتصار كبير للمنطق السليم

بقلم: ديفيد إغناتيوس

المصدر: واشنطن بوست

ترجمة: مركز الجسر للدراسات


قرر الرئيس ترامب، إلغاء قراره السابق، وإبقاء "المئات" من القوات الأمريكية شمال شرق سوريا "لاستمرار الحملة الأمريكية" والاستقرار هناك، في الوقت الذي يشارف فيه القتال ضد تنظيم الدولة على الانتهاء، حسبما صرح به كبار مسؤولي في وزارة الدفاع.

"بعد النظر مطولا في قراره ، قرر [ترامب] اتخاذ مسار مختلف" عن ذلك الذي أعلن عنه في كانون الأول/ ديسمبر من العام الماضي، والذي اقترح فيه سحب جميع القوات الأمريكية البالغ عددها 2000 جندي تقريباً في شمال شرق سوريا بنهاية نيسان/ أبريل القادم، حسبما صرح به مسؤولون. بدلا من ذلك، سيواصل عدد أقل من الجنود مهمتهم في تدريب وتقديم المشورة لـ"قوات سوريا الديمقراطية"، التي يقودها الأكراد في الشمال الشرقي ومكافحة الإرهاب. وستحتفظ الولايات المتحدة أيضا بقوات صغيرة في قاعدة في التنف في الجنوب.

يعتبر هذا القرار انتصارا مهماً للمنطق السليم. كان قرار ترامب الاندفاعي بسحب القوات الأمريكية من مهمة ناجحة منخفضة التكلفة أحد أكثر القرارات إثارة للجدل خلال فترة رئاسته، وقد أثار حيرة وقلق حلفاء رئيسيين له في الخارج.

كان إعلان ترامب في كانون الأول/ ديسمبر مبعث قلق بشكل خاص لكبار المسؤولين العسكريين، الذين كانوا يخشون من أن تخرج الولايات المتحدة من معركة لم تنته بعد، وتقوّض مصداقيتها مع شركائها. قدّم وزير الدفاع، جيمس ماتيس، استقالته احتجاجا على هذا القرار في كانون الأول/ ديسمبر من العام الماضي، واتخذ الجنرال جوزيف فوتيل، قائد القيادة المركزية الأمريكية، خطوة جريئة الأسبوع الماضي بالقول علانية إن قرار ترامب قد تعارض مع النصيحة التي كان سيقدمها.

يوضح ملف سوريا أن القرارات مع ترامب ليست نهائية إلا حين موعد جعلِها نهائية، وحتى بعد ذلك قد لا تكون نهائية. كانت لدى ترامب الأسبوع الماضي رغبة كبيرة في تلقي النصيحة العسكرية أكثر مما يجادل منتقدوه في بعض الأحيان. ويبدو أنه أدرك أن معارضة قراره بشأن سوريا كان أشبه برد فعل عالمي، ليس فقط في البنتاغون، ولكن أيضا من مؤيديه في الكونغرس كالسيناتور ليندسي غراهام، الذي قام بحملة لتغيير قرار ترامب.

والآن بعد أن غيّر ترامب مساره، يواصل مسؤولو البنتاغون إجراء محادثات مع بريطانيا وفرنسا وحلفاء رئيسيين آخرين حول الاحتفاظ بوجود عسكري صغير في شمال شرق سوريا أيضا. يقول أحد المسؤولين في وزارة الدفاع، إن الأساس المنطقي للقرار هو "أن نبقى سوية، أو نخرج سوية". وقد رفض الحلفاء الأوروبيون هذا الطلب الأوّلي، حتى تأكدوا من أن ترامب مستعد لإبقاء قوة أمريكية صغيرة على الأرض.

سيعكر الوجود العسكري الأمريكي المستمر في سوريا صفو تركيا، التي انتقدت بشدة الدعم الأمريكي لـ"قوات سوريا الديموقراطية"، التي تعتبرها ملحقة بمليشيا كردية تابعة لجماعة إرهابية. وكان الرئيس ترامب قد بدا مستعدا للانصياع لمطالب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في كانون الأول / ديسمبر من العام الماضي من خلال سحب الولايات المتحدة قواتها، لكن يبدو أن ترامب قد غيّر موقفه.

إن موافقة ترامب على إبقاء بعض من القوات الأمريكية في سوريا سيمنع حدوث فراغ في شمال شرق سوريا، يمكن أن تملأه كل من تركيا وروسيا وإيران ونظام الأسد، وهو ما يخشاه العديد من المحللين، الأمر الذي من شأنه أن يزيد من تعقيد الملف السوري.

يبدو أن ترامب قد توصّل إلى الرأي الذي دعا إليه كبار مستشاريه العسكريين، الجنرال جوزيف دانفورد جونيور، رئيس هيئة الأركان المشتركة، ووزير الدفاع بالوكالة باتريك شاناهان.

والآن بعد أن وافق ترامب على استمرار دور الولايات المتحدة في تحقيق الاستقرار بسوريا، فإن التحدي سيكون تعزيز "استمرارية الحملة" دبلوماسيا، بطريقة تؤدي إلى تقدم المناقشات حول إطار سياسي جديد لإعادة تسيير البلاد والحفاظ على أمنها. يقول مسؤولو وزارة الدفاع الأمريكية والبنتاغون إنهم يخططون لإجراء محادثات مع روسيا من أجل التوصل إلى سبل أفضل لتعزيز الاستقرار.