الجمعة 2018/08/31

واشنطن بوست: تحذيرات واسعة من اندلاع معركة في إدلب

بقلم: فيليب عيسى

المصدر: واشنطن بوست نقلا عن اسوشييتد برس

ترجمة: مركز الجسر للدراسات

في زاوية من شمال غرب سوريا، حيث يقطن نحو ٣ ملايين شخص، تستعد قوات النظام ومعارضوها لمواجهة دامية أخيرة.

من المرجح أن تكون حملة إدلب، المعقل الوحيد والمتبقي للمعارضين في البلاد والتي أصبحت الآن مأوى لأكثر من مليون نازح سوري، آخر المعارك وأخطرها بين النظام والثوار بعد سبع سنوات من الحرب الدامية.

تستعد الأمم المتحدة وعمال الإغاثة لوقوع كارثة، محذرين من أن نحو ٨٠٠ ألف شخص يواجهون خطر التشرد مجددًا في حال شن النظام هجوما على هذه المحافظة.

يشير الحشد العسكري التي تشهده المناطق القريبة من المحافظة - على الأقل لاستعادة أجزاء منها- إلى اقتراب موعد الهجوم.

وكانت تركيا قد حذرت، من القيام بأي خطوة عسكرية في الوقت الذي تحاول فيه التوصل إلى حل سياسي مع روسيا حول إدلب، في محاولة لتجنب هجوم واسع النطاق.

هناك قلق متزايد بشأن الاستخدام المحتمل للأسلحة الكيماوية، في الوقت الذي تقوم فيه القوات البحرية الروسية بتعزيز وجودها العسكري في البحر الأبيض المتوسط.

السيناريوهات المحتملة في إدلب:

بعد سبع سنوات من الحرب، قمع بشار الأسد الثورة الشعبية التي اندلعت عام ٢٠١١ ضد حكم عائلته الذي استمر لعقود، استلهمت هذه الثورة احتجاجات الربيع العربي التي اجتاحت المنطقة ذلك العام.

تعد إدلب الآن بمثابة الملاذ الأخير للمعارضة.

الأسد مصمم على استعادة إدلب، وتعهد في نهاية المطاف بإعادة سوريا كلها تحت سيطرة نظامه.

خلال مراحل الحرب المتعددة، سيطرت المعارضة على أجزاء من المدن السورية الكبيرة ومعظم المناطق المحيطة بدمشق العاصمة، لكن روسيا شنت حملة جوية لدعم الأسد عام ٢٠١٥، وأرسلت إيران الآلاف من المستشارين العسكريين والمليشيات المتحالفة لمساعدة قوات النظام.

خلال العام الماضي، أجبر النظام معارضيه على الخروج من دمشق وحمص ودرعا والقنيطرة، وهي أربع محافظات ومدن كانت تعتبر معاقل للمعارضة لفترة طويلة.

مع تقدم النظام وسيطرته على المزيد من الأراضي، عرضوا على المدنيين والمعارضين إما المصالحة أو ركوب الحافلات المتجهة إلى إدلب.

اختار عشرات الآلاف من المدنيين والمقاتلين التوجه نحو إدلب، خشية أن يتعرضوا للسجن أو التجنيد الإجباري، أو ما هو أسوأ على يد قوات النظام.

والآن، لم يعد لديهم مكان يتجهون إليه بعد سقوط جيوب المعارضة الأخرى، وإغلاق تركيا لحدودها أمام اللاجئين الجدد.

الأسلحة الكيماوية:

قالت وزارة الخارجية الأمريكية إنها ستحمّل موسكو، حليفة دمشق، المسؤولية في حال استخدمت قوات النظام الأسلحة الكيماوية في معركة إدلب.

نسب محققو الأمم المتحدة العديد من الهجمات الكيمياوية في سوريا إلى قوات النظام، بما في ذلك هجوم غاز الأعصاب "السارين" في خان شيخون في نيسان/ أبريل عام ٢٠١٧.

دفع هذا الهجوم الولايات المتحدة إلى تنفيذ ضربات ضد إحدى المنشآت العسكرية التابعة للنظام.

في نيسان/ أبريل الماضي، شنت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا ضربات على مواقع تابعة للنظام بعد هجوم بغاز الكلور على إحدى ضواحي دمشق التي كانت تحت سيطرة المعارضة.

كما تحمّل الولايات المتحدة النظام مسؤولية هجوم غاز السارين الذي أدى إلى مقتل أكثر من ١٠٠٠ شخص في آب/ أغسطس عام ٢٠١٣ في ضواحي الغوطة بدمشق.

ينفي النظام استخدام الأسلحة الكيماوية ويقول إنه تخلص من ترسانة هذه الأسلحة بموجب اتفاق بين الولايات المتحدة وروسيا بعد هجوم الغوطة عام ٢٠١٣.

لقد كانت الحصيلة الإجمالية للهجمات الكيماوية ضئيلة بالنظر إلى حصيلة الحرب الإجمالية التي أودت بحياة نحو ٤٠٠ ألف شخص.

الآن، تقول موسكو ودمشق إن الولايات المتحدة تخطط لفبركة هجوم كيماوي أو تشجيع الثوار على القيام بذلك، كذريعة لشن هجمات على قوات الأسد.

لكن لا وجود لأدلة تشير إلى استخدام الثوار للأسلحة الكيماوية في الماضي، كما لم تبد الولايات المتحدة رغبة حقة لاتخاذ أي خطوة عسكرية جادة ضد قوات النظام فيما مضى.

يوم الثلاثاء الماضي، قال وزير الدفاع الأمريكي، جيمس ماتيس، إن واشنطن قد تباحثت مع موسكو بشأن منع أي هجوم كيماوي آخر.

مخاوف من حدوث كارثة:

تقول الأمم المتحدة إن معركة إدلب ستسبب في كارثة إنسانية جديدة. مع إغلاق تركيا حدودها أمام اللاجئين الجدد، يظل مصير المدنيين المحاصرين هناك مجهولا.

يعيش العديد منهم داخل مخيمات في إدلب وسط ظروف قاسية، ويحتاج أكثر من مليوني شخص إلى المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة.

ومن المقرر أن تجتمع كل من روسيا وإيران وتركيا الأسبوع المقبل في مدينة تبريز الإيرانية حيث يأمل الكثيرون في التوصل إلى اتفاق لتفادي معركة كارثية ضد إدلب.

في غضون ذلك، يقوم النظام بحشد قواته حول هذه المحافظة، وقد وضعت روسيا عشر سفن حربية على الأقل وغواصتين قبالة الساحل، وفقا لما جاء في تقارير لوسائل إعلام روسية.

في حال استمرت هذه الحملة ضد إدلب، فمن المحتمل أن تتبع الصيغة المتبعة في المعارك السابقة.

إذ ستقوم الطائرات الحربية الروسية وقوات النظام بإطلاق موجة من الغارات الجوية المدمرة، قبل أن تحاصر هذه الأخيرة المدن والبلدات، لإجبار السكان على الاستسلام أو الموت جوعا.