السبت 2019/06/08

هل بوتين مستعد لعقد صفقة بخصوص إيران ؟


المصدر: المونيتور

ترجمة: مركز الجسر للدراسات


السيناريو الأول: هل سيكون اجتماع القدس بوابة من أجل عقد صفقة بخصوص إيران؟

من المعروف أنه على الرغم من تحالف روسيا مع إيران في دعم بشار الأسد، إلا أن شقوق التصدع بين موسكو وطهران قد بدأت بالظهور على السطح.

قال مسؤول كبير في البيت الأبيض لموقع "أكسيوس" الإخباري: "نحن مقتنعون بأن الإيرانيين غير سعداء" باجتماع مستشاري الأمن القومي للولايات المتحدة وإسرائيل وروسيا في القدس هذا الشهر، وسيكون الملف السوري على رأس جدول الأعمال.

من السهل رؤية علامات عدم الرضا بين كل من موسكو وطهران؛ فلم يقم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالكثير لمساعدة إيران على التصدي للعقوبات الأمريكية، حتى إنه صرح بالقول إن روسيا ليست "فريق إنقاذ" في حال قررت إيران الانسحاب من خطة العمل الشاملة المشتركة.

كما تتنافس كل من روسيا وإيران على إصلاح قطاع الأمن في سوريا والسيطرة عليه. والكل يتذكر دور بوتين الذي فضح دور سوريا في استعادة رفات الجندي الإسرائيلي "زخاري بوميل" في نيسان /أبريل الماضي، الذي حظي بامتنان وعرفان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وأثار غضب إيران.

إذن هناك فرصة جيدة خلال اجتماع القدس المقبل، لكن كل هذا يتوقف على ما ستقدمه الولايات المتحدة وإسرائيل في المقابل.

تبدأ هذه الفكرة السائدة في الأفول عند التفكير في كيفية استغلال هذه التصدعات بين روسيا وإيران بشكل جيد. بالنسبة لبوتين، فهو يعتبر سوريا نجاحا كبيرا. الأمر الذي يصعب على السياسة والمراقبين الأمريكيين تقبله بالنظر إلى بقاء الأسد في السلطة وسلوكه في الحرب. أما بالنسبة لبوتين، فإن تدخله العسكري أبقى الأسد في السلطة وأدى إلى تأمين وتوسيع القواعد والنفوذ الروسي، وكل ذلك جاء بتكلفة لا بأس بها. سوريا ليست فيتنام بوتين أو نسخة عن أفغانستان، سيظل في سوريا للأبد، فانتصاره هناك تأشيرة دخوله إلى المنطقة.

إن حفاظ بوتين على نفوذه الإقليمي مرهون بحفاظه على علاقاته مع كل من تركيا وإيران أو ما يطلق عليه مجموعة أستانا، وبالتالي، لن يتخلى عن إيران بسبب بعض التحولات الملحوظة بعد الإحاطة الإعلامية الأخيرة التي قدمتها الولايات المتحدة بشأن سلوك إيران "الخبيث" في المنطقة، أو بسبب الدخول في سباق مع إيران للتأثير على دمشق.

السيناريو الثاني: الصفقة بخصوص إيران (في حال كانت هناك صفقة) :

يقول الكاتب مكسيم سوشكوف إنه من المحتمل أن يقدم أمين مجلس الأمن الروسي، نيكولاي باتروشيف، نسخة من الاقتراح الذي عرضه بوتين على ترامب في هلسنكي العام الماضي لفصل القوات التي تدعمها إسرائيل وإيران في الجولان خلال اجتماع القدس. لم تحرز تلك المبادرة أي تقدم قبل، لكن من المحتمل أن ترى النور الآن مع إيران على أعقاب الهجوم الدبلوماسي الذي شنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عليها وازدياد حجم تأثير روسيا عليها نتيجة للأزمة.

إن الدفع بروسيا للمحاولة مرة أخرى من أجل التوسط من أجل إنشاء مناطق فاصلة أو خطوط حمراء بين إيران وإسرائيل في سوريا، أو حتى إثارة موضوع بدء سحب القوات الإيرانية والقوات التي تدعمها من هناك، سيكون نجاحا اجتماع القدس واختبارا لنفوذ بوتين على طهران ودمشق.

إن ما يسعى بوتين إلى تحقيقه في نهاية المطاف هو بالطبع تخفيف العقوبات الأمريكية على روسيا وإعادة العلاقات بين بلده والولايات المتحدة إلى سابق عهدها في الفترة التي ستلي "مولر".

يدرك بوتين جيدا أن تحقيق أي منهما في الوقت الراهن على الأقل غير ممكن، لأن الأمر ليس بيد ترامب فيما يتعلق بجميع العقوبات. لذا فالرئيس الروسي على استعداد لاستخدام وتوسيع نفوذه في سوريا، لكنه يتوقع الحصول على مقابل. كما يمكن أن يقرر في نهاية المطاف التراجع والسماح لهذه الأطراف بتقرير مصيرها. كما جاء في مقال لنا العام الماضي بعد هلنسكي أن الوجود في سوريا محفوف بالمخاطر وله مزاياه، كما إن بوتين لا يعمل بدون مقابل.

السيناريو الثالث: الارتجال في إدلب:

يواجه بوتين ونظيره التركي، رجب طيب أردوغان، مجموعة من الخيارات الصعبة في إدلب، حيث لا يبدو أن هناك مخرجا دون أن تدفع تركيا ثمنا لا تقبل به.

استخدمت روسيا حق النقض (الفيتو) في قرار لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن إدلب الأسبوع الماضي، مدعية أن القرار فشل في الاعتراف بأن إدلب تحت سيطرة "هيئة تحرير الشام"، وهي جماعة مرتبطة بتنظيم القاعدة، تصنفها الأمم المتحدة منظمة إرهابية. حتى الآن، تم تهجير 270 ألف شخص في الوقت الذي تتم فيه محاصرة 3 ملايين مدني من قبل القوات النظام المدعومة من روسيا داخل المحافظة الواقعة في الشمال الغربي لسوريا بالقرب من الحدود التركية.

أدى هجوم قوات النظام إلى توتر العلاقات الروسية التركية. يوضح مكسيم سوشكوف في مقاله بالقول: "لقد أتاح هجوم إدلب لموسكو فرصة الخوض في لعبة سياسية كبيرة مع تركيا"، مؤكدا أن "هذه اللعبة ستقرب كلا من موسكو وأنقرة في مجالات أخرى كالتعاون الثنائي والعسكري-التقني.

في أيلول/ سبتمبر من العام 2018، وقع بوتين وأردوغان في اتفاقية سوتشي بشأن إدلب على بعض الالتزامات الجدية، بما في ذلك حل مشكلة "هيئة تحرير الشام". ومع ذلك، فمنذ البداية، كان من الصعب الوفاء بهذه الالتزامات بالكامل".

كتب سوشكوف في مقاله "الآن وقد فشلت تركيا في فصل قوات المعارضة الموالية لها عن الجماعات الإرهابية بشكل كبير، ومع وجود أردوغان في مرحلة ما بعد الانتخابات، حاولت موسكو الضغط على تركيا للدفع بهذه الأخيرة لفعل المزيد، إذ تشعر موسكو أن الوضع في إدلب قد بدأ في الخروج عن السيطرة في الوقت الذي تقوم فيه هيئة تحرير الشام بتعزيز مواقفها. الروس أنفسهم يتعرضون لضغوط من السوريين - والإيرانيين، لكن بدرجة أقل - لأن تركيا فشلت في القيام بما وعدت به"، ولا سيما أن هيئة تحرير الشام في محافظة إدلب التي تعتبر آخر معقل لها ولباقي مجموعات المعارضة.  يرى النظام، المدعوم من روسيا، أن نهاية الحرب مرتبطة بهزيمة "هيئة تحرير الشام" وبقية قوات المعارضة في سوريا – وهو ما ترفضه تركيا.

في كانون الأول/ سبتمبر الماضي اتفقت روسيا مع تركيا، التي لا تستطيع تحمل تدفق موجات جديدة من اللاجئين (تستضيف حاليا أكثر من 3 ملايين لاجئ)، على عزل وتهميش "هيئة تحرير الشام" لتفادي حدوث هجوم كبير في المحافظة.

يقول سوشكوف "إن الأهداف التي تسعى روسيا إلى تحقيقها اليوم مع تركيا- بدءا بالقيام بدوريات مشتركة والدخول في محادثات سلام، وصولا إلى كبح جماح هيئة تحرير الشام- هي خطوات مهمة في إدارة الموقف سياسيا. لكنها ليست في صالح موسكو في نهاية المطاف". مضيفاً أن "هذه الخطوات أدوات جيدة للتعامل مع الوضع واحترام حساسيته بالنسبة لتركيا. يمكن القول إنه مسار صعب أتقنت موسكو تعلمه بعد أزمة الطائرة عام 2015. في الوقت نفسه، ترسل روسيا العديد من "الرسائل العسكرية" إلى أنقرة، إذ تقوم بشن هجمات في سوريا للضغط على أردوغان. وعلى الرغم من أن الروس يتجنبون استهداف المواقع التركية، إلا أنهم يغضون الطرف عن الهجمات التي يقوم بها النظام ".

يقول سميح إدز: "تزايد التوتر في إدلب، يكشف الغطاء على حدود تأثير تركيا على روسيا"، وهو ما يدفع بأردوغان إلى التوصل إلى تسوية مع الولايات المتحدة. على الرغم من الخلافات العميقة بين أنقرة وواشنطن بشأن سوريا، إلا أنهما يتفقان على ضرورة منع هجمات النظام وروسيا على إدلب ".

كتب ترامب في تغريدة له على حسابه في 2 حزيران/ يونيو الحالي بأنه يجب على سوريا وروسيا وقف القصف، وقد حذرت الولايات المتحدة من استخدام الأسلحة الكيماوية في الحصار.

يرى سوشكوف أنه إن لم يتمكن أردوغان من إيجاد أرضية مشتركة مع الولايات المتحدة بشأن إنشاء "منطقة آمنة" في الشمال الشرقي أو إيجاد حل بديل لشراء تركيا للطائرة S-400 الروسية، فسوف يلجأ إلى بوتين لإبرام صفقة بخصوص الأكراد شمال شرق سوريا أو للحصول على منطقة نفوذ في إدلب.

يعتمد هذا الأمر على دور بوتين في تسهيل التوصل إلى تفاهم بين أردوغان والأسد، الأمر الذي أصبح أكثر صعوبة بعد الحصار المفروض على إدلب.