الخميس 2019/04/11

هذه تبعات تصنيف “الحرس الإيراني” على قائمة الإرهاب

بقلم: إدوارد وونغ وإيريك شميت

المصدر: نيويورك تايمز

ترجمة: مركز الجسر للدراسات

أعلن ترامب تصنيف أحد الأذرع القوية للجيش الإيراني منظمة إرهابية أجنبية، وهي المرة الأولى التي تقوم فيها الولايات المتحدة بتصنيف كيان تابعلإحدى الدول الأخرى، ما يمكن اعتباره تهديداً رسميا.

يفرض هذا النوع من التصنيف العديد من العقوبات الاقتصادية وحظر سفر واسع النطاق على أعضاء الحرس الثوري الإيراني وكذلك المنظمات والشركات وحتى الأفراد الذين تربطهم علاقات به.

يقوم الحرس الثوري الإيراني بعملياته في جميع أنحاء الشرق الأوسط، كما يقوم بتدريب المليشيات الشيعية والإشراف على جميع الأعمال التجارية في إيران.

قال ترامب في بيان له بخصوص هذا الموضوع: "سيؤدي هذا التصنيف إلى زيادة مستوى وحجم الضغط الذي نمارسه على النظام الإيراني".

وقد عارض هذا التصنيف بعض كبار المسؤولين في الأمن القومي داخل إدارة ترامب، حيث قالوا إن من شأن هذه الخطوة أن تدفع بطهران إلى الانتقام من القوات الأمريكية وضباط المخابرات.

سيصبح هذا الإعلان ساري المفعول في 15 نيسان/ أبريل الحالي، على الرغم من أن تاريخ إعلانه جاء الإثنين الماضي واعتبره العديد من المسؤولين الأمريكيين خطوة عشوائية ومتسرعة.

بالنسبة لبغداد -حيث تربط بعض المسؤولين العراقيين علاقات وثيقة مع إيران-، فقد قال المسؤولون الأمريكيون إنهم لم يتلقوا أي توجيهات بشأن كيفية تطبيق هذه السياسة هناك.

بدا وكأن توقيت إعلان ترامب جاء بهدف إعطاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو دفعة أخيرة خلال الحملة الانتخابية التي يخوضها.

وقال نتنياهو بالإضافة إلى العديد من المسؤولين الأمريكيين في إدارة ترامب، إن إيران تشكل أكبر تهديد لإسرائيل، كما قدم الشكر لترامب على الفور في تغريدة له على تويتر.

تحدث نتنياهو مرارا وتكرارا عن شبح التهديد الإيراني لإسرائيل وشدد على فكرة أن قرب علاقاته مع ترامب ستعزز من الأمن الإسرائيلي.

من خلال توجيه الشكر لترامب على تويتر، قام نتنياهو بنسب الفضل لنفسه بخصوص فكرة تصنيف الحرس الثوري الإيراني بالإرهابية وكتب في تغريدة له باللغة الإنجليزية، "مرة أخرى، تحمي العالم من عدوان وإرهاب إيران"، وكتب في تغريدة منفصلة له باللغة العبرية، "شكرا لك على قبولك لطلب آخر".

في محاولة لدعم نتنياهو، اعترف ترامب الشهر الماضي بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان التي تعتبرها الأمم المتحدة أرضا محتلة.

بعد إعلان ترامب الأخير، صنف المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران القيادة المركزية للولايات المتحدة التي تشرف على العمليات العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط كمنظمة إرهابية.

لم يكن لدى القادة العراقيين أي رد فعل فوري، على الرغم من أن "كريم النوري"، وهو عضو بارز في منظمة بدر، إحدى المليشيات الشيعية العراقية التي تتمتع بنفوذ كبير داخل العراق، قال بأنه من غير المرجح أن يكون لإعلان ترامب تأثير كبير ومباشر. وأضاف بالقول: "لكن ذلك سوف يضع المزيد من الضغوط على العراق" لإبعاد طهران عنها.

قال بعض المسؤولين الأميركيين إن هذا التصنيف من شأنه أن يشمل نحو 11 مليون عضو في المجموعة الإيرانية والمنظمات التابعة لها، بما في ذلك ميليشيا "الباسيج".

في بيانها حول التصنيف الجديد، انتقدت وزارة الخارجية الأمريكية بحدة فيلق القدس، الذي يُعدّ وحدة النخبة في الحرس الثوري الإيراني بقيادة قاسم سليماني حيث يخضع كلاهما لعقوبات نتيجة لتصنيفات أخرى.

عارض كبار مسؤولي الاستخبارات والجيش الأميركي، بمن فيهم الجنرال جوزيف دانفورد جونيور، رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية، ما قام به ترامب، واعتبروا أن هذه الخطوة من شأنها تسمح للزعماء الإيرانيين بشن عمليات ضد الأمريكيين في الخارج، وخاصة ضد وحدات العمليات الخاصة، والوحدات شبه العسكرية العاملة تحت إمرة الاستخبارات المركزية. لكن مسؤولا في إدارة ترامب قال إن وزير الخارجية، مايك بومبيو وجون بولتون، مستشار الأمن القومي دعموا هذا القرار. اشتد الخلاف بين كبار مسؤولي الإدارة بعد أن كشفت صحيفة نيويورك تايمز الشهر الماضي عن هذا التصنيف.  لكن القرار النهائي يعود لبومبيو بالنظر إلى تحكم وزارة الخارجية الأمريكية في قائمة المنظمات الإرهابية.

خلال حرب العراق في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ساعد المسؤولونالعسكريون الإيرانيون وشركاؤهم في تدريب المليشيات الشيعية العراقية لمحاربة القوات الأمريكية.

تقول وزارة الدفاع الأمريكية إن نحو 603 جنديين أمريكيين على الأقل قتلوا في العراق على أيدي مقاتلين تدعمهم إيران، أي ما يعادل 17 ٪ من مجموع القتلى الأميركيين الذين لقوا حتفهم هناك.

عندما سيطر تنظيم الدولة على أجزاء كبيرة من العراق وسوريا عام 2014، ساعد فيلق القدس في تدريب المليشيات الشيعية العراقية لاستعادة السيطرة على تلك الأراضي. وشارك الجيش الأمريكي أيضا في تلك الحملة، الأمر الذي وحد صفوف الأميركيين والإيرانيين آنذاك.

يعارض العديد من المسؤولين العراقيين هذا التصنيف الجديد، لأنه قد يحظر السفر على بعض الساسة في الحكومة التي يقودها الشيعة وغيرهم منالعراقيين الذين تربطهم صلات بالمسؤولين الإيرانيين،  ويفرض عقوبات اقتصادية عليهم.

يمكن لهذا النوع من الضغط الجديد أن يدفع بالساسة العراقيين إلى تقديم اقتراح شعبي للحد من تحركات نحو 5000 جندي أمريكي داخل العراق.

خلال الأيام الأخيرة، طلب مسؤولو وزارة الخارجية من بومبيو تأجيل الإعلان عن أي من هذه القرارات، بحجة أن التصنيف يمكن أن يؤثر سلباً على بلدان أخرى، لكن بومبيو رفض ذلك، حسب ما جاء على لسان أحد المسؤولين الحكوميين.

بموجب قانون "باتريوت آكت" أو ما يمكن تسميته بـ "قانون الوطنية الأمريكي"، يحق للمسؤولين الأمريكيين من رتب منخفضة منع دخول الأجانب المرتبطين بإحدى المنظمات إذا ما قرروا أنها تدخل ضمن المعايير الشاملة للإرهاب، وإن لم يتم تصنيفها منظمة إرهابية بشكل رسمي من قبل الحكومة الأمريكية.

حتى الآن، لم يستعمل المسؤولون الأمريكيون هذه القوانين لاعتبار أحد الكيانات الحكومية منظمة إرهابية.

إن قرار إدارة ترامب بخرق هذا القيد ضد الحرس الثوري الإيراني يثير مسألة ما إذا كانت أجهزة المخابرات الحكومية الأخرى التي تستخدم العنف - بما في ذلك أجهزة إسرائيل وباكستان وروسيا – تدخل ضمن هذا البند. إذا كان الأمر كذلك، فهل يجب على المسؤولين الأميركيين رفض منح تأشيرات للأشخاص الذين يعملون مع هذه الوكالات؟يقول مسؤولو وزارة الخارجية إن الإعلان المتسرع عن هذا التصنيف يعني أنه لم يتم النظر في تفاصيل القرار.

نظرت إدارة جورج دبليو بوش في إمكانية فرض مجموعة من الإجراءات الصارمة على إيران خلال حرب العراق، لكنها تحفظت عليها بعد ذلك.

قال جيفري بريسكوت، كبير مديري شؤون الشرق الأوسط في الفترة الرئاسية لباراك أوباما: "إن رد فعل إيران سيفوق بكثير الفوائد المتوخاة من هذا القرار".

قالت ويندي شيرمان، وهي مسؤولة سابقة رفيعة المستوى في وزارة الخارجية، إن إدارة أوباما كانت تنظر في اعتبار الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية أجنبية، لكنها تراجعت عن هذه الخطوة بالنظر إلى المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها الأمريكيون بالإضافة إلى حقيقة أن المجموعة كانت مسبقاً تخضع لعقوبات أخرى. وأضافت: "من خلال تصنيف جيش أجنبي كمنظمة إرهابية أجنبية، فإننا نضع قواتنا في خطر، خاصة قواتنا في العراق، بالقرب من إيران".

أشرف الحرس الثوري على البرنامج النووي الإيراني السابق، ما أدى إلى فرض عقوبات أمريكية وأممية على كبار الضباط داخله.

وكانت إدارة أوباما وقّعت اتفاقا نوويا مع طهران والقوى العالمية الأخرى في عام 2015، ليقوم ترامب بسحب الولايات المتحدة من هذا الاتفاق العام الماضي في بداية حملته ضد إيران.

تُظهر العديد من المؤشرات أن العقوبات التي فرضها ترامب على إيران تقوّض الميزانية التي تخصصها للأنشطة العسكرية خارج إيران، ما يعني حصول حزب الله وحلفاء إيران الآخرين على قدر أقل من المال. يمكن لهذا التصنيف الجديد أن يؤدي إلى التأثير سلباً على ميزانية الحرس الثوري الإيراني.