الأربعاء 2019/04/24

نقص الوقود في سوريا يشدد الخناق على مؤيدي الأسد

بقلم: رجاء عبد الرحيم

المصدر: وول ستريت جورنال

ترجمة: مركز الجسر للدراسات

ضيقت العقوبات الغربية فرص حصول نظام الأسد على الوقود.

تشهد سوريا نقصا حدا في الوقود نتيجة للعقوبات الغربية، ما أدى إلى توقف بعض المدن الكبرى وزاد من سوء الأحوال الاقتصادية بعد الحرب بالنسبة لأنصار بشار الأسد.

عبر تقليل فرص حصول النظام على البنزين والديزل ووقود التدفئة، يأمل المسؤولون الأمريكيون وغيرهم من المعارضين لنظام الأسد في الضغط عليه لتقديم تنازلات بعد ثماني سنوات من الصراع.

لقد اعتمد الأسد منذ فترة طويلة على داعميه لإحكام قبضته على السلطة، لكن هؤلاء اليوم يتعرضون لضغوط شديدة.

تعاني دمشق من وجود طوابير طويلة أمام محطات الوقود؛ الأمر الذي أدى إلى شل حركة شوارع بأكملها، كما يصطف المئات من سائقي السيارات أمام محطات الوقود قبل موعد فتحها ووصول صهاريج الوقود وغالبا ما تنتهي فترات الانتظار هذه بنشوب شجارات بين موالي الأسد، خاصة عندما يتجاوز مسؤولو النظام أو رجال المليشيات الطوابير لملء سياراتهم، حسب ما جاء على لسان أحد المراسلين.

في وصف لحالة المدينة يقول أحد السكان إن هذا النقص الحاد في الوقود جعل المدينة مشلولة بالكامل.

نضوب موارد الوقود:

منعت العقوبات الغربية إيران، المصدّر الرئيسي للنفط الخام في سوريا، من إرسال شحنات، ما تسبب في حدوث نقص حاد في الوقود.

خلال الأسبوع الماضي، سمح النظام للسيارات الخاصة بشراء خمس غالونات فقط من البنزين كل خمسة أيام بينما سمح لسيارات الأجرة بشراء 13 غالوناً كل يومين. ما دفع بأصحاب السيارات إلى التوجه نحو لبنان من أجل ملء خزانات الوقود الخاصة بهم.

بدأت بعض المطاعم في دمشق بتوصيل الوجبات مجانا إلى محطات الوقود بينما حاول أشخاص آخرون بيع أماكنهم في طوابير محطات الوقود. قال أحد الواقفين في طوابير محطات الوقود إنه قرر التوقف عن الذهاب إلى العمل والبقاء في المنزل حتى انتهاء الأزمة.

تشهد المناطق التي يسيطر عليها نظام الأسد دمارا أحدثه النزاع في أماكن أخرى. لكن المشاكل الاقتصادية التي تواجهها هذه المناطق اليوم هي الأسوأ من نوعها منذ بداية الحرب، في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من العقوبات وقضايا أخرى مرتبطة بالحرب.

يرجع هذا النقص الحاد في الوقود بشكل كبير إلى العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران وسوريا وحلفائهم.

ففي نوفمبر / تشرين الثاني الماضي، زادت الولايات المتحدة من العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران لتصل حدَّها الأقصى، وفُرضت عقوبات على شبكة دولية توفر النفط للنظام. أدى ذلك إلى انعدام تدفق الخام الإيراني، لتعتمد دمشق على موارد أخرى بشكل متقطع. كما يفرض الاتحاد الأوروبي بدوره مجموعة من العقوبات على سوريا، بما في ذلك فرض حظر على النفط.

انتقلت إيران من تسليم ما معدله 66 ألف برميل يوميا إلى سوريا في الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2018 ، إلى عدم قدرتها على تسليم أي شيء منذ بداية العام، وفقا لبيانات "تانكر تراكرز". يعتمد النظام الآن على عبوات الغاز القادمة من روسيا والنفط القادم من حقول النفط السورية التي تسيطر عليها القوات الكردية المدعومة أمريكيا.

قال أحد المسؤولين الأمريكيين، إنه في الوقت الذي لا يبدو فيه من المؤكد أن العقوبات المفروضة على سوريا ستؤدي إلى حدوث تغيير داخل نظام الأسد أو تقليص وجود إيران في البلاد، إلا أنها تحقق هدفا آخر، وهو إظهار مدى أهمية ممارسة ضغوط اقتصادية كافية على النظام لتقديم تنازلات.

وقال مسؤولون غربيون وزعماء في المعارضة إنهم يريدون من الأسد أن يتعامل بجدية مع الجهود التي ترعاها الأمم المتحدة لإعادة كتابة الدستور والتوصل إلى حل دائم للصراع في البلاد.

خلال الأسبوع الماضي، منع ثوار المعارضة دخول شحنات الوقود القادمة من آبار النفط التي يسيطر عليها الأكراد إلى المناطق التي يسيطر عليها النظام، عبر معبر يسيطرون عليه شمال غرب سوريا. لا يزال النظام يشتري النفط من الأكراد عبر وسطاء، لكن هذه الخطوة تمنعه من إنشاء طريق إمداد ثانوي.

قال العقيد فاتح حسون، ضابط سابق منشق، يتقلد الآن منصب قائد في التحالف الذي تدعمه تركيا: "إن مشاركتنا في منع وصول الوقود إلى النظام تساعد في تشديد الخناق عليه".

قال دبلوماسي غربي، إن النظام ألقى باللوم على العقوبات الغربية بأنها السبب في أزمة الوقود هذه، في محاولة لتوجيه الغضب الشعبي، تجاه الدول الغربية وصرف الانتباه عن دوره وتفشي الفساد وسوء إدارة إمدادات الوقود داخل هياكله.

لكن هناك نوعا من المعارضة الشعبية التي تستهدف نظام الأسد بسبب نقص الوقود، ناهيك عن حالة الامتعاض الذي تشهدها مواقع التواصل الاجتماعي.