الجمعة 2018/07/06

ناشيونال انترست: الجذور الاقتصادية لاضطرابات إيران


بقلم: جايمس روبينز

المصدر: ناشيونال انترست

ترجمة: مركز الجسر للدراسات


يتقلص الدعم الشعبي لنظام طهران مع تقلص اقتصادها. يثير اندلاع الاحتجاجات في طهران في الأيام الأخيرة تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الاضطرابات مؤقتة أم إنها إشارة عن احتمالية وقوع تغييرات أكثر أهمية في المستقبل؟

هاجمت الشرطة في طهران المتظاهرين الذين شاركوا في احتجاجات أمام البرلمان الإيراني يوم الإثنين الماضي، ووردت أنباء عن وقوع اشتباكات في مدن أخرى. ويقال إن هذه الاحتجاجات هي الأكبر من نوعها منذ احتجاجات عامي 2009 و2012، حيث تلت هذه الاحتجاجات اضطرابات مماثلة في أواخر كانون الأول/ ديسمبر وأوائل كانون الأول/ يناير الماضيين.

يعد الانهيار التدريجي للعملة الإيرانية والتضخم السريع للاقتصاد السبب المباشر للاحتجاجات التي تجري في إيران، حيث فقد الريال الإيراني نصف قيمته مقابل الدولار في العام الماضي، كما عرف الاقتصاد الإيراني خسائر جمة خلال الشهرين السابقين. ويرجع هذا جزئيا إلى قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الانسحاب من الاتفاق النووي المبرم عام 2015 وفرض عقوبات جديدة على إيران، حيث تقوم الولايات المتحدة بإعادة فرض العقوبات على مرحلتين وسينتهي تطبيقهما في آب/ أغسطس وتشرين الثاني / نوفمبر القادمين على التوالي؛ الشيء الذي يشدد الخناق أكثر على الاقتصاد الإيراني. أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية الثلاثاء الماضي أنها تتوقع من الشركات التي تشتري النفط الإيراني وقف جميع المشتريات من إيران بحلول الموعد النهائي لذلك في تشرين الثاني/ نوفمبر القادم. لقد أدى هذا الإعلان إلى الإقبال على التعامل بالدولار داخل إيران حيث يسعى الناس إلى حماية أنفسهم في ظل انهيار الاقتصاد الإيراني.

حاول النظام في طهران تفادي هذا التراجع في نيسان/ أبريل الماضي من خلال فرض قيود على العملات، لكن هذا جعل الوضع أسوأ ودفع بالمزيد من التجار نحو السوق السوداء. في الوقت نفسه، حظرت إيران تطبيق الرسائل المشفرة "التليغرام" كوسيلة لتشديد الرقابة على الاتصالات الخاصة.

يستخدم تطبيق "التليغرام" نحو نصف السكان ويلعب دورًا اقتصاديًا مهمًا كأداة رئيسية للخدمات المصرفية والتجارة والمعاملات الخاصة. ومع ذلك، فإن قمع محركات النمو هذه في الاقتصادات الرسمية وغير الرسمية للبلد لا يؤدي إلا إلى جعل الحياة اليومية أكثر سوءا في الوقت الذي يحاول فيه الإيرانيون التعامل مع الأعباء التي تفرضها عليهم العقوبات الدولية الجديدة.

دعا المتظاهرون الحكومة إلى العدول عن نزاعاتها السياسية في كل من سوريا والمناطق الأخرى.

إن دعم النظام المستمر للمنظمات الإرهابية الأجنبية ونظام الأسد في دمشق يؤدي إلى تحويل الكثير من الأموال والموارد التي يقول منتقدون إنه من الأفضل إنفاقها داخل البلاد. هتافات المتظاهرين التي تقول "الموت لفلسطين"، "اخرجوا من سوريا، "فكروا بنا"، و "لا لقطاع غزة، لا للبنان، حياتي لإيران" تُظهر بوضوح أن الشارع الإيراني مستاء من تحويل اتفاق إيران النووي إلى مكاسب لدعم الإرهاب؛ حاله حال إدارة ترامب.

تقول المنشقّة الإيرانية "مسيح علي نجاد" بهذا الصدد، إن هناك عنصرا سياسيا للاضطرابات التي عرفتها إيران. فقد غردت على حسابها في تويتر قائلة "إذا ما نسبنا هذه الاحتجاجات إلى الاقتصاد فقط، فإننا نسيء فهم ما يحدث في إيران" وهو ما كان واضحًا في الرسائل الواردة من الشوارع.

فقد هتف البعض "إن عدونا هم (الملالي)، الذين يدّعون أن الولايات المتحدة هي عدونا" بينما هتف آخرون: "الموت للديكتاتور!" و "رضا شاه".

بالطبع، يتطلب تغيير النظام أكثر من حفنة شعارات غير أنها تبقى مهمة. فإذا ما توسعت هذه الاحتجاجات، فإن ما بدأ كتظاهرة ضد ارتفاع الأسعار يمكن أن يتحول إلى نقد أكثر شمولية وذا طابع ثوري ضد النظام الإيراني.

جرت الاحتجاجات، التي بدأت منذ عام 2009، على نطاق واسع أملاً في التغيير، لكن النظام كان يتمكن في كل مرة من قمعها وإعادة الوضع إلى سابق عهده.

من غير المعروف ما إذا كانت هذه الجولة من الاحتجاجات ستؤدي إلى نتيجة مختلفة. إلا أنه كلما سعى الملالي إلى التدخل في المزيد من الصراعات الخارجية، أصبحت طهران أكثر عزلة على الصعيد الدولي. ومع استمرار الاقتصاد الإيراني في الانهيار، سيتساءل الإيرانيون المتضررون عن جدوى هذه التدخلات. عندها سيأتي التغيير لا محالة.