الأحد 2019/04/28

مفاوضات أمريكية-تركية حول المنطقة الآمنة في سوريا

بقلم: كارين دي يونغ

المصدر: واشنطن بوست

ترجمة: مركز الجسر للدراسات



تتفاوض كل من الولايات المتحدة وتركيا على خطة بهدف السماح لقواتهما، بالقيام بدوريات مشتركة داخل المنطقة الآمنة التي تبلغ مساحتها نحو 20 ميلا على طول الحدود الشمالية الشرقية لسوريا مع تركيا، حسب تصريحات مسؤولين من كلا البلدين.

يعدّ الترتيب المقترح، الذي يتضمن انسحاب القوات الأمريكية من منطقة الأكراد، الذين كانوا حلفاء أمريكيين أساسيين في حرب الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة، خطوة إلى الوراء بالنسبة لإدارة ترامب التي كانت تأمل في أن تستطيع قوات التحالف أو الأمن المحلي تأمين المنطقة.

ستكون الدوريات مهمة إضافية للقوات الأمريكية في سوريا، التي من المقرر أن يتم خفض أعدادها إلى أكثر من النصف، إلى نحو 1000جندي فقط في الأشهر المقبلة.

وكانت كل من بريطانيا وفرنسا، اللتان ما تزال قواتهما مشاركة في مهمة مكافحة الإرهاب التي تقودها الولايات المتحدة ضد فلول تنظيم الدولة، رفضتا طلبا أمريكيا بالمساهمة فيما سيكون حاجزا بين الأكراد وتركيا، حيث تصنف أنقرة المليشيات الكردية منظمة إرهابية.

تعد قضية الحدود واحدة من العديد من النزاعات التي أثرت بشكل كبير على العلاقة الأمريكية التركية، ووضعت حلفاء الناتو على مسار تصادم.

وعلى الرغم من التدفق المستمر لمسؤولين أتراك رفيعي المستوى إلى واشنطن في الأيام القليلة الماضية، إلا أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق بخصوص مطالب الولايات المتحدة الداعية إلى تخلي تركيا عن شراء منظومة الدفاع الروسية إس-400، أو تخاطر باستبعادها عن برنامج تطوير الطائرات المقاتلة من طراز إف- 35 الأمريكية كمشاركٍ ومشترٍ لهذا البرنامج.  قالت تركيا إن صفقة شرائها لإس- 400 الروسية "محسومة".

قال ألكسندر ميخييف، رئيس شركة تصدير الأسلحة الروسية روسوبورون اكسبورت، يوم الأربعاء الماضي إن "كل شيء تمت مناقشته بالفعل والاتفاق عليه"، ومن المقرر أن تبدأ عملية التسليم في تموز/ يوليو القادم.

رفض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إصرار الولايات المتحدة وحلف الناتو على أن "الجمع " بين النظام الروسي إس-400 وطائرات إف-35، الجيل الخامس للمقاتلات الأمريكية، أمر غير مقبول. كما هدد الكونغرس بفرض عقوبات على تركيا إذا مضت قدماً في الصفقة.

زاد التوتر هذا الأسبوع بعد إعلان إدارة ترامب أنها لن تقوم بتمديد الإعفاءات عن العقوبات المفروضة على الشركات والمؤسسات المالية الأجنبية في البلدان التي تعتمد على النفط الإيراني.

تركيا، التي لديها خط أنابيب عبر حدودها، تعتبر زبوناً رئيسيا لإيران وستتعرض لضربة اقتصادية كبيرة إذا توقف تدفق النفط الإيراني.

احتجت أنقرة على العقوبات "الثانوية"، التي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ في 2 أيار/ مايو القادم، واعتبرتها انتهاكاً غير قانوني لحقها السيادي في التجارة مع أي دولة تريدها. كما طلبت مزيدا من الوقت للتقليل من اعتمادها على النفط الإيراني، لكن موقف الإدارة الأمريكية لا يزال على حاله.

خلال الشهر الماضي، أعرب كبار مسؤولي إدارة ترامب عن أملهم في تحسّن العلاقات التركية الأمريكية بعد الانتخابات البلدية التركية التي جرت في أواخر آذار/ مارس الماضي.

ولكن على الرغم من استمرار المحادثات الدبلوماسية والعسكرية والتجارية بين مسؤولين رفيعي المستوى خلال الأسابيع القليلة الماضية، يبدو أن مسألة الحدود وحدها هي التي تشهد تقدماً ملحوظاً.

تحدّث مسؤول حكومي أمريكي رفيع المستوى بخصوص المفاوضات الجارية، شريطة عدم الكشف عن هويته: "لا تزال هناك اختلافات مهمة، لكن لدى الجانبين إرادة جادة لإيجاد حلول"، وأضاف: "ترغب الإدارة الأمريكية في الحصول على قطعة أرض أصغر من التي اقترحها الأتراك".

تعد "وحدات حماية الشعب" - التي دربتها وقامت بتسليحها الولايات المتحدة- القوات البرية الأساسية في قتال التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة في سوريا.

تعتبر هذه المليشيات الذراع العسكرية لحزب الاتحاد الديمقراطي، المنظمة السياسية الكردية الرئيسية في سوريا.

صنفت تركيا هذه المليشيات على أنها إرهابية وبأنها متحالفة مع الحركة الانفصالية الكردية الموجودة داخل تركيا، ودعت الولايات المتحدة إلى نزع أسلحتها وتسريحها. رفضت الولايات المتحدة هذه المطالب بدعوى وجود الآلاف من مقاتلي تنظيم الدولة داخل سوريا.

خلال العام الماضي، عندما أعلنت إدارة ترامب طرد تنظيم الدولة من الأراضي السورية التي احتلها على طول نهر الفرات، قام أردوغان بحشد القوات التركية على الحدود وهدد بشن هجوم على الأكراد إذا لم يتم إزاحتهم.

كان لهذه التهديدات ثقل إضافي عندما قال ترامب، خلال محادثة هاتفية له مع أردوغان في منتصف كانون الأول/ ديسمبر الماضي، بأنه يخطط لسحب نحو 2000 جندي أمريكي من سوريا.

وافق ترامب أيضا على إنشاء منطقة آمنة من شأنها أن تبقي الأكراد بعيدا عن الحدود التركية، لكن السؤال كان: من الذي سيقوم بتأمينها؟.

قالت تركيا حينها إنها سترسل قواتها - إلى جانب عدد من اللاجئين السوريين الذين فروا من العنف في سوريا – وطلبت من الولايات المتحدة تأمين الخدمات اللوجستية والغطاء الجوي الأمريكي لها.

ناشدت الإدارة الأمريكية، القوى المشاركة بالتحالف في أن تلعب دور القوة العازلة، على بعد 20 ميلا جنوباً داخل سوريا،  بدلاً من تهديدات بحدوث اشتباك مسلح

لكن تلك الدول رفضت قائلة إن مهمتها الرئيسية تتجلى في محاربة تنظيم الدولة فقط. كما إن خطة إدارة ترامب اللاحقة بتدريب القوى غير الكردية لم تر النور على أرض الواقع.

بالإضافة إلى المباحثات الجارية حول المنطقة المراد مراقبتها، قال قادة في "وحدات حماية الشعب" الأسبوع الماضي إنه لم يتم إبلاغهم بعد بخطط الانسحاب الأمريكية.