السبت 2019/01/19

ما مدى قوة تنظيم الدولة داخل سوريا؟

بقلم: غريغ مير ولوريال وامسلي

المصدر: "إن بي آر"

ترجمة: مركز الجسر للدراسات


تصدّر تنظيم الدولة من جديد العناوين الرئيسية للصحف، عقب إعلان مسؤوليته عن التفجير الانتحاري الذي أودى بحياة أربعة أمريكيين وأكثر من 12 مدنيا في مطعم شمالي سوريا.

جاء الهجوم الذي حدث في مدينة منبج يوم الأربعاء الماضي، بعد أقل من شهر من إعلان الرئيس ترامب هزيمة تنظيم الدولة بالكامل، وأن الوقت قد حان لإعادة القوات الأمريكية إلى الوطن. رفض العديد من المحللين العسكريين، وحتى بعض الجمهوريين، تصديق ادعاءات الرئيس الأمريكي بأنه تم القضاء على تنظيم الدولة.

قال النائب الجمهوري العضو في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي مايكل ماكول: "أحث الرئيس على الرد بقوة على التفجير الذي وقع يوم الأربعاء، والتأكد من أننا لن نقوم بسحب قواتنا حتى يتم تدمير تنظيم الدولة بالكامل".

أثار الهجوم مجموعة من الأسئلة حول مستقبل تنظيم الدولة والانسحاب الأمريكي والحرب الدائرة في سوريا.

ما مدى قوة تنظيم الدولة داخل سوريا؟

فقد تنظيم الدولة تقريباً كل الأراضي التي سيطر عليها في كل من سوريا والعراق عام 2014. ومع ذلك، لا يزال يُعتقد أن العديد من مقاتليه ما يزالون مختبئين في سوريا.

يعد الكثير من هؤلاء المقاتلين مواطنين سوريين وليس لديهم مكان آخر يذهبون إليه. بالإضافة إلى ذلك، فقد حاول عدد قليل من مقاتلي تنظيم الدولة الأجانب العودة إلى بلدانهم الأصلية أو المغادرة إلى أماكن أخرى في الشرق الأوسط أو في الغرب. حسب تقديرات البنتاغون، يُقدّر عدد مقاتلي تنظيم الدولة بنحو 20 إلى 30 ألف عضو، متفرقين بين سوريا والعراق.

لهذه الأسباب، يرى العديد من المحللين أن عودة تنظيم الدولة أمر مرجّح للغاية، ومن المحتمل أن تشنّ هذه المرة هجمات صغيرة فيما يُعرف بحرب العصابات.

لماذا قرر الرئيس ترامب سحب القوات الأمريكية من سوريا الآن

كثيرا ما تفاخر الرئيس ترامب بأنه سيقضي على تنظيم الدولة، وقد صعّد الجيش الأمريكي بالفعل من حملة القصف التي بدأها الرئيس باراك أوباما. لكن ترامب أكد مرارا وتكرارا أنه لا يريد أن تكون الولايات المتحدة شرطي العالم، وأنه ينوي إعادة القوات الأمريكية إلى الوطن.

يوجد نحو 2000 جندي أمريكي في سوريا، وهو عدد أقل بكثير من القوات المنتشرة في كل من العراق (نحو 5000 جندي) وأفغانستان (نحو 14،000).

لم يوضح الرئيس سبب رغبته في الانسحاب من سوريا، في وقت يبدو فيه أن معظم مستشاريه يفضّلون نهجاً أكثر تدرُّجاً.

لقد فاجأ إعلان ترامب في 19 كانون الأول/ديسمبر الماضي، حول انسحاب القوات الأمريكية من سوريا، الجميع تقريبا، ودفع بحلفاء وخصوم الولايات المتحدة على حد سواء للتسارع من أجل معرفة تاريخ الانسحاب، وما الذي يعنيه بالنسبة لأولئك الذين ما زالوا يقاتلون في سوريا.

لماذا تم استهداف منبج تحديدا؟

أظهر هجوم الأربعاء الماضي أن تنظيم الدولة يمكن أن يضرب في أماكن سيطرة الولايات المتحدة وشركائها الأكراد. دفعت الولايات المتحدة والأكراد تنظيم الدولة إلى الخروج من المدينة عام 2016، الأمر الذي اعتبر آنذاك نجاحاً نسبياً.

منبج مدينة صغيرة، تضم نحو 100،000 شخص، ولكن لها أهمية كبيرة بسبب موقعها. تراقب تركيا عن كثب المدينة التي تبعد 20 ميلا فقط جنوب حدودها. كما إن النظام وحلفاءه قريبون من المدينة أيضا، محاولين استعادة الأراضي التي كانت تحت سيطرة النظام قبل اندلاع الحرب.

كيف يمكن هزيمة تنظيم الدولة بشكل كامل؟

يشير العديد من المحللين إلى ثلاثة عناصر من أجل هزيمة تنظيم الدولة بشكل كامل:

أولاً: هزيمة عسكرية من شأنها أن تُخرج هذا التنظيم من آخر جيوبه الواقعة في الشرق الأقصى من سوريا. يقول القادة الأمريكيون إنهم يحرزون تقدما، ولكن من المحتمل أن يحتاجوا إلى المزيد من الوقت، نحو شهرين إضافيين.

ثانياً: تحتاج سوريا إلى التوصل لتسوية سياسية من شأنها أن تُنهي الحرب وتجيب عن الأسئلة المطروحة حول من سيحكم البلاد. يسيطر الأكراد اليوم على معقل تنظيم الدولة السابق في الشمال الشرقي، لكن بشار الأسد يسعى إلى استعادته، ما يعني أن انهاء الحرب في الوقت الحالي أمر مستبعد.

التحدي الثالث والكبير هو القضاء على التطرف حتى لا يتمكن التنظيم من الاستمرار في تجنيد المقاتلين والحصول على الموارد اللازمة للقيام بأنشطته التخريبية.

هل هناك أوجه تشابه مع انسحاب الولايات المتحدة من العراق في عام 2011؟

لا يمكن اعتبار الظروف متطابقة، ولكن هناك أوجه تشابه. قام أوباما بسحب القوات الأمريكية من العراق في نهاية عام 2011، وهو الوقت الذي بدا فيه أن الحكومة العراقية مسيطرة بشكل نسبي على البلاد. ليظهر تنظيم الدولة بعد ذلك بعامين، حيث استولى بسرعة على مساحات شاسعة من شمال شرق سوريا وشمال العراق. أطلق أوباما حملة القصف الأمريكي ضد تنظيم الدولة في عام 2014 لكنه بدا مترددا.

ما يثير القلق اليوم هو تراجع الولايات المتحدة مرة أخرى، قبل أن يتم إلحاق هزيمة كاملة بهذه الجماعة المتطرفة، في الوقت الذي يبدو فيه التنظيم قادرا على إعادة تشكيل صفوفه من جديد. قال السناتور الجمهوري ليندسي غراهام معلّقاً على هذا الأمر: "لقد شهدت ما حدث في العراق آنذاك، وها أنا أراه اليوم في سوريا".