الثلاثاء 2019/01/08

ما الذي حدث لقرار ترامب بسحب قواته من سوريا؟

 

بقلم: إيشان ثارور

المصدر: واشنطن بوست

ترجمة: مركز الجسر للدراسات


فاجأ الرئيس ترامب حلفاءه - وربما أيضا مستشاريه – الشهر الماضي، بالإعلان عن قرار سحب القوات الأمريكية من سوريا. كان يخشى النقاد من أن يساعد قرار ترامب هذا كلا من روسيا وإيران على تحقيق أهدافهما في سوريا دون أن يعي ذلك، في حين عبر آخرون عن أسفهم لما اعتبروه خيانة أمريكية أخرى للأكراد في المنطقة. استقال وزير الدفاع، جيمس ماتيس، احتجاجاً على ذلك، ويعتبر المسؤول البارز عن الحملة التي تقودها الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة في سوريا.

لكن الآن ليس من الواضح متى سيحدث هذا الانسحاب. يبدو أن ترامب قد عانى من ردود فعل عكسية في واشنطن نتيجة لهذا القرار، الشيء الذي دفعه إلى تمديد الموعد النهائي المحدد في 30 يوما من يوم الإعلان عن قراره، إلى أربعة أشهر. زاد مسؤولو الإدارة من سوء الوضع، حيث صرح عدد منهم للصحفيين أن الإدارة الأمريكية لا تحدد جدولا زمنيا للانسحاب.

وكان ترامب صرح يوم الأحد الماضي بالقول: "سننسحب من سوريا..لكننا لن نقوم بسحب قواتنا ما لم نقضِ على تنظيم الدولة".

في ظل هذه الفوضى والانقسام الواضح الذي يشهده البيت الأبيض، يحرص ترامب على تخليص الولايات المتحدة من الدخول في مغامرات عسكرية باهظة التكلفة.

على عكس العديد من الجمهوريين في واشنطن، لم يكن ترامب يوما مهتما بإزالة بشار الأسد من السلطة. ففي كانون الأول / ديسمبر الماضي، أعلن هزيمة تنظيم الدولة - على الرغم من وجود أدلة تثبت عكس ذلك- وأضاف أن المسؤولية الآن تقع على عاتق كل من تركيا والدول العربية الأخرى لمواصلة القتال في سوريا.

يرى كبار الصقور في واشنطن، بما في ذلك الشخصيات الرئيسية في الإدارة، الأمور بشكل مختلف؛ حيث يعتقد وزير الخارجية مايك بومبيو ومستشار الأمن القومي جون بولتون ومبعوث ترامب الخاص إلى سوريا، الدبلوماسي السابق جيمس جيفري، أن التورط العسكري الأمريكي في سوريا لا يهدف فقط إلى هزيمة مقاتلي تنظيم الدولة، ولكن أيضا إلى مواجهة النفوذ الإيراني في سوريا.

وقال مسؤول أمريكي لصحيفة "واشنطن بوست" إن ترامب لم يؤيد شخصيا هذه الاستراتيجية، وقد لمّح إلى ذلك بشكل علني في مناسبات مختلفة. فخلال اجتماع الإدارة الأمريكية الأسبوع الماضي، لمح ترامب بشكل خفي إلى أن قيادة إيران "تستطيع أن تفعل ما تشاء" في سوريا.

في حين لم يقتنع كبار المسؤولين في البنتاغون بهزيمة تنظيم الدولة، فقد أعرب مسؤولون عسكريون عن تحفظات عميقة حول الانسحاب السريع للقوات الأمريكية، في الوقت الذي لا يزال فيه المتطرفون، رغم ضعفهم الشديد، يشكّلون تهديدا قويا، وتفضّل تركيا تحديد أولويات حربها ضد "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) المدعومة من الولايات المتحدة، التي تعتبرها أنقرة جزءا من "مجموعة إرهابية كردية"، على الدخول في معركة ضد هذا التنظيم.

يقوم مسؤولون كبار في الإدارة الأمريكية هذا الأسبوع بزيارات للشرق الأوسط في محاولة لطمأنة حلفاء الولايات المتحدة والتأكيد على أن البيت الأبيض لا يزال ملتزما بحماية مصالحهم الأمنية. لكنهم لا يزالون حتى الآن مختلفين بشأن الخطوة القادمة.

سيقوم بومبيو، المدافع الأول عن الاستراتيجية المناهضة لإيران، بزيارة ثمانية بلدان، ستة منها أعضاء في مجلس التعاون الخليجي - السعودية والكويت والإمارات وقطر والبحرين وعمان - بالإضافة إلى مصر والأردن. وسيحاول توحيد الجبهات على الرغم من النهج غير الموحد للبيت الأبيض تجاه ما يحدث في المنطقة.

وقال بومبيو لمجلة "نيوزماكس" اليمينية يوم الخميس الماضي "ستستمر حملة الولايات المتحدة ضد إيران، سنفعل كل هذه الأمور...سنفعل كل هذا بعد مغادرة القوات الأمريكية لسوريا".

كان بولتون في زيارة لإسرائيل خلال عطلة نهاية الأسبوع، وسوف يتوجه بعد ذلك إلى تركيا، حيث سيرافقه جيفري - المبعوث السوري - ورئيس هيئة الأركان المشتركة. قال بولتون للصحفيين إن الانسحاب من سوريا لن يتم حتى هزيمة تنظيم الدولة بالكامل. وقال بولتون: "هناك أهداف نسعى إلى تحقيقها ولن يتم الانسحاب دون تحقيقها أولا. سيحدد الجدول الزمني للانسحاب من سوريا طبقا للقرارات السياسية التي نسعى لتنفيذها".

تشير الحقائق على الأرض إلى أن الجدول الزمني لانسحاب القوات الأمريكية من سوريا سيكون غير محدد. إن المشاحنات الدبلوماسية التي جرت مع تركيا- التي توعدت بالقيام بعملية عسكرية ضد المليشيات الكردية عبر حدودها الجنوبية - معقدة للغاية. مع تضاؤل ​​الخيارات المتاحة أمام هذه المليشيات، دخلت هذه الأخيرة في محادثات مع نظام الأسد، وطلبت الدعم العسكري من دمشق ضد هجوم تركي محتمل.

قال السناتور ليندسي غراهام، في لقاء له مع شبكة "سي بي إس": "إن الهدف الأساسي هو ضمان عدم عودة تنظيم الدولة إلى تلك المناطق. وأنا أحيي الرئيس لإعادته النظر في القرارات التي يتخذها ... لديه هدف عبر الحد من الوجود الأمريكي من سوريا...دعونا نفعل ذلك بذكاء ".

يرى آخرون أن التغييرات الأخيرة ما هي إلا دليل إضافي على وجود إدارة مرتبكة حول أجندتها في الخارج. قال روبرت فورد، وهو سفير أمريكي سابق في سوريا: "لقد ابتعد بولتون عن مهمته السياسية، تتجلى وظيفته في فهم ما يريده الرئيس". مضيفا:"عندما يكون الرئيس متوتراً أو حذراً بشأن شيء ما، فإن مهمة مجلس الأمن القومي هو إيصال ذلك إلى البنتاغون، وتحذيرهم بألا ينجرفوا".