السبت 2019/05/25

ماذا بعد إقرار “قانون قيصر” بمجلس الشيوخ الأمريكي؟

بقلم: براينت هاريس

المصدر: المونيتور

ترجمة: مركز الجسر للدراسات


عمل مجلس الشيوخ ما في وسعه لتمرير مشروع قانون عقوبات بخصوص سوريا تعثر إنفاذه منذ عام 2016، على الرغم من أن مجلس النواب كان قد أقر بالإجماع تشريعات مماثلة عدة مرات.

أقرت لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ أخيرا "قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين" بموافقة 20 مشرعا ومعارضة اثنين منهم فقط. ولتحقيق هذه الغاية اضطر هؤلاء المشرعون إلى التصويت على تعديل يمنع إدارة دونالد ترامب من مهاجمة إيران.

أقرت اللجنة تعديلا قدمه السيناتور توم أودال ب 13 صوتا مقابل 9 أصوات، ومن شأنه أن يمنع تمويل "العمليات العسكرية في إيران أو ضدها إلا في حال وجود قانون أو قرار مشترك من الكونغرس يأذن بذلك". وقال أودال قبل التصويت "نريد منع حرب لم يأذن بها الكونغرس".

جاء التصويت في أعقاب إحاطة قدمتها إدارة ترامب في الكونغرس بشأن إيران هذا الأسبوع، الأمر الذي أثار قلق الديمقراطيين من خطر حدوث مواجهة عسكرية بين واشنطن وإيران مع تزايد التوتر بينهما.

وقال أودال: "هم يقولون إننا نقوم بكل هذه الخطوات لمنع الحرب، لكنهم لم يقولوا ولو لمرة واحدة إن كنا سنخوض الحرب، سنأتي إليكم لطلب الإذن".

يخشى الديمقراطيون من أن تستخدم إدارة ترامب تفويض عام 2001 للقيام بعمل عسكري ضد القاعدة والجماعات الإرهابية الأخرى كغطاء قانوني لمهاجمة إيران.

بعد أن ضغط عليه السناتور راند بول، الشهر الماضي، رفض وزير الخارجية مايك بومبيو القول بأن تفويض عام 2001 لا يمكن تطبيقه على إيران، وبدلا من ذلك اتهم طهران بدعم القاعدة. لكن صحيفة "ديلي بيست" ذكرت يوم الثلاثاء الماضي أن كبار المسؤولين في الإدارة أخبروا المشرّعين خلال مؤتمر صحفي حول إيران هذا الأسبوع بأنهم لا يملكون دليلا على تعاون إيران مع الجماعة المسلحة.

إن التعديل الذي اقترحه أودال لا يمنع القوات الأمريكية من الدفاع عن نفسها في حالة وقوع هجوم. لكن العديد من الجمهوريين في اللجنة قالوا إن إيران يمكن أن تفسر الأمر على هذا النحو، ما يزيد من خطر سوء التقدير الذي يمكن أن يؤدي إلى نزاع عسكري.

قال السيناتور ليندسي غراهام: "لن يقوض هذا التعديل الجهود المبذولة لإرسال إشارة قوية للغاية بشأن سوريا فقط، وهذا ما نسعى لفعله، بل أعتقد أنه سيرسل إشارة خاطئة إلى أعدائنا في بلد عازم على قتل الأمريكيين".

يعتبر السيناتور بول السيناتور الجمهوري الوحيد الذي صوت لصالح تعديل أودال، وقد نجح رئيس العلاقات الخارجية جيمس ريش، في منع حدوث انشقاق مشابه من قبل السيناتور تود يونغ، من خلال وعده بأن تعقد اللجنة جلسة استماع للتدقيق في التفويضات العسكرية الحالية.

بالإضافة إلى تفويض عام 2001، فإن تفويض 2002 باستخدام القوة العسكرية ضد العراق وترخيص عام 1991 لحرب الخليج لا تزال سارية المفعول.

صوتت لجنة الاعتمادات بمجلس النواب بالأغلبية- 30 صوتا مقابل 22 فقط- على أساس حزبي لإضافة تعديل لمشروع قانون الإنفاق الدفاعي السنوي، ما من شأنه أن يساهم في إلغاء تفويض عام 2001 خلال ثمانية أشهر.

ومع ذلك، فإن كبار الديمقراطيين في اللجنة، السيناتور بوب مينينديز، والسناتور كريس كونز، دعوَا أعضاء كتلتهم إلى الاصطفاف إلى جانب الجمهوريين ضد تعديل أودال.

جادل مينينديز بأن الموافقة على تعديل أودال "سيقوض مشروع القانون بأكمله" بسبب عدم دعم الجمهوريين له. وأضاف أن ضمن المشروع تعديلا يوضح أن فرض عقوبات تشريعية على سوريا ليس تفويضا باستخدام القوة العسكرية ضد إيران.

وقال مينينديز لأودال قبل التصويت "أنا أتفق مع مخاوفك" موضحا بالقول: " لقد تم طرح مشروع القانون هذا خلال الاجتماعات الثلاثة الأخيرة للكونغرس، وذلك من أجل التصدي لانتهاكات نظام الأسد ضد شعبه.

لا تزال هذه الانتهاكات مستمرة إلى يومنا هذا، وأمامنا اليوم فرصة لإيصال هذا المشروع إلى مكتب الرئيس حتى يتمكن من التوقيع عليه".

يستطيع "قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين" فرض عقوبات على مؤيدي نظام بشار الأسد، كما يستطيع أن يطلب من وزارة الخزانة تحديد ما إذا كان ينبغي عليها معاقبة البنك المركزي السوري أم لا.

بول، الذي انضم إلى أودال في التصويت ضد مشروع القانون النهائي، ساهم في تأخير التشريع في السنوات السابقة. دفع هذا الأمر بالجمهوريين إلى جعل مشروع القانون ضمن حزمة تشريعية أوسع في الشرق الأوسط في وقت سابق من هذا العام. تم التصديق على هذه الحزمة في مجلس الشيوخ ب 77 صوتا مقابل 23 فقط، لكن الديمقراطيين في مجلس النواب رفضوا تنفيذها على الأرض، بسبب أحد البنود الداعي إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد حركة مقاطعة مؤيدة للفلسطينيين، حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات، حيث قالوا إنها هذه تمس حرية التعبير.

يمهد تصويت اللجنة الطريق أمام تصويت نهائي في مجلس الشيوخ ويأتي هذا الأمر بعد أن أخبر مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية صحيفة "المونيتور" الأسبوع الماضي أن الولايات المتحدة عازمة على تكثيف الضغوط السياسية والاقتصادية على الأسد.

دعا السفير جيمس جيفري، منسق وزارة الخارجية الأمريكية في سوريا، الكونغرس إلى إقرار مشروع القانون خلال شهادته أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب. كما كرر إفادات وزارة الخارجية بأن نظام الأسد ربما استخدم الأسلحة الكيمياوية مرة أخرى في هجومه على آخر معقل للثوار شمال غرب سوريا.

بينما شدد جيفري على أن الولايات المتحدة لم تتوصل إلى نتيجة نهائية، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره بريطانيا إنه لا وجود لدليل على حدوث هجوم جديد بالأسلحة الكيمياوية.

تبنى الكونغرس هذه القضية لفرض المزيد من الضغط على الأسد من قبل ترامب، حيث قام نحو 400 نائب بالتوقيع على رسالة موجهة إلى ترامب يطالبون فيها الرئيس بممارسة المزيد من الضغوط على كل من إيران وروسيا في سوريا من أجل تعزيز أمن إسرائيل. كما تطلب الرسالة، التي طالبت بصياغتها لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية أو ما يعرف ب " إيباك" خلال مؤتمرها السنوي للسياسة في آذار/ مارس الماضي، من إدارة ترامب فرض المزيد من العقوبات على جماعة حزب الله اللبنانية شبه العسكرية ومؤيديها.