الجمعة 2019/04/19

لهذه الأسباب لن يعود اللاجئون السوريون إلى وطنهم خلال وقت قريب

بقلم: شيلي كولبيرتسون

المصدر: ناشيونال انترست

ترجمة: مركز الجسر للدراسات

سوف يعيش اللاجئون السوريون حياة النازحين لسنوات قادمة، ما لم تقم واشنطن بالاستثمار لإصلاح بلادهم.

بعد أن اكتملت عملية استعادة الأراضي من أيدي تنظيم الدولة في كل من العراق وسوريا والتي استغرقت أربع سنوات، فإن التخطيط على المدى الطويل من شأنه أن يسمح لملايين اللاجئين السوريين بالعودة إلى وطنهم، وقد يكون الخطوة المنطقية التالية نحو الاستقرار في دولة مزقتها الحرب.

منذ العام 2016 إلى العام 2018، عاد إلى سوريا 254 143 لاجئ سوري فقط، من أصل 6.7 مليون لاجئ، بما في ذلك نحو 5.7 مليون في الشرق الأوسط، ومليون في أوروبا.

مع اقتراب الحرب السورية من نهايتها، يبقى السؤال المطروح: هل يستطيع اللاجئون السوريون العودة إلى ديارهم؟

إذا كان الوضع في سوريا يشبه الحالات الأخرى في جميع أنحاء العالم من الناحية التاريخية، فمن المرجح أن يعيش اللاجئون السوريون مشردين للسنوات القادمة.

فحسب تقديرات الأمم المتحدة فإن الأمر يحتاج في المتوسط إلى ستة وعشرين عاما حتى يتمكن اللاجئون من العودة إلى ديارهم في الحالات التي يطول أمدها.

لا يزال العدد الإجمالي للأشخاص النازحين على مستوى العالم في ازدياد، حيث يعيش هؤلاء في أوضاع مزرية يمكن أن تستمر لعقود من الزمن.

يوجد الآن تسعة وستون مليون نازح بشكل قسري على مستوى العالم، وهو أكبر عدد من عمليات النزوح المسجلة حتى الآن.

بالإضافة إلى حل النزاع في سوريا، فإن هناك الكثير من الأشياء الأخرى التي يجب أن تسير في الاتجاه الصحيح حتى يتمكن اللاجئون السوريون من العودة إلى ديارهم.

وجدت دراسة استقصائية أجرتها المنظمة الدولية للهجرة على السوريين النازحين داخليا ممن عادوا إلى ديارهم أنه من بين الاعتبارات الرئيسية لعودته هي: الحصول على ممتلكاتهم الخاصة وإيجاد فرص للعمل، بالإضافة إلى الاعتبارات الأمنية والاجتماعية في البلدان المستضيفة لهم.

في مجموعات الاختبار التي ضمت لاجئين سوريين خلال الدراسات التي أجرتها مؤسسة “راند"، يعبّر السوريون عن رغبتهم في العودة إلى ديارهم وإعادة بناء بلدهم.

 ومع ذلك، يجب أن تكون الظروف ملائمة حتى يصبح ذلك ممكننا.

والأهم، ستحتاج المدن السورية إلى "الاستقرار".

تشير دراسة أجريناها حول الاستقرار في العراق بعد هزيمة تنظيم الدولة إلى أن تحقيق الاستقرار يتطلب ضمان الأمن وتوفر الإسكان والخدمات العامة كالتعليم والرعاية الصحية والوظائف والحوكمة، بالإضافة إلى تسويات المصالحة.

ومن أجل عودة اللاجئين إلى بلدانهم، يحتاج هؤلاء إلى ضمان سلامتهم الشخصية، الأمر الذي يتطلب عدم وجود نزاع محلي كبير، وعدم الخوف من التعرض للانتقام على يد من لديهم توجه سياسي مختلف، هذا بالإضافة إلى إزالة الألغام والمتفجرات، وحفظ النظام والأمن العامّين.

لا يمكن تحقيق هذا النوع من الاستقرار في سوريا دون التخطيط والتنسيق وبذل الموارد والتفاوض.

والحقيقة المحزنة للغاية هي أن هذا الشعب لن يعود إلى وطنه في أي وقت قريب، ما لم يتخذ المجتمع الدولي تدابير جادة لذلك، الأمر الذي يتطلب قيادة أمريكية مستمرة. إذا كانت هناك فرصة للسوريين من أجل العودة إلى وطنهم بعد الحرب، فيجب أن يبدأ التخطيط الآن.

في الوقت نفسه، هناك العديد من العوامل التي تحفز السوريين على العودة إلى ديارهم، إذا سمحت الظروف بذلك. أحد عوامل الدفع التي وجدناها هو شعورهم بعدم الاستقرار الذي يأتي من الوضع القانوني غير المؤكد من عيشهم كلاجئين.

في البلدان المستضيفة في الشرق الأوسط، يعيش السوريون بأشكال مختلفة من الإقامة المؤقتة التي تقيد حركتهم وتحظر حصولهم على عمل قانوني؛ الأمر الذي يخلق شعورا عاما بعدم الاستقرار. وجدنا أيضا أن نحو 50 ٪ من الأطفال اللاجئين السوريين لم يستأنفوا الدراسة بعد.

هناك عامل دفع آخر يتمثل في عدم اليقين السياسي بشأن القرارات السياسية للحكومات المستضيفة واستياء مواطني الدول المستضيفة من الأعداد الكبيرة من السكان الجدد، الذين يُجهدون الخدمات العامة ويغيرون التركيبة السكانية ويعززون المنافسة في سوق العمل.

هناك عدد قليل من الحالات حيث يمكن للاجئين السوريين تصوّر حياة مستقبلية أفضل من الناحية القانونية في الشرق الأوسط.

على الرغم من تضاؤل وتيرة القتال داخل سوريا إلا أنها ما تزال منقسمة بين صراع مجمد وعدم القدرة على إحلال السلام، وعليه فإنه من غير المرجح أن يؤدي هذا الوضع إلى جلب الاستثمارات لإعادة إعمار البلاد والمؤسسات العامة وخلق فرص العمل والمصالحات المحلية اللازمة لتحفيز السوريين بأعداد كبيرة على العودة إلى ديارهم.

يمكن التركيز بشكل إضافي على التخطيط لكيفية عودة هؤلاء النازحين بمجرد أن تكون أجزاء من سوريا آمنة بما فيه الكفاية.

لكن هذا لم يحدث حتى الآن، إذ تحاول الولايات المتحدة الخروج من سوريا، في الوقت الذي تحاول فيه روسيا الآن بشكل أساسي تسهيل عودة اللاجئين السوريين.

إن ترك 6.5 مليون لاجئ في هذا المأزق إلى أجل غير مسمى هو وضع مؤسف لهؤلاء، كما إنه يعد خطرا اقتصاديا وأمنيا على المدى البعيد بالنسبة للبلدان المستضيفة، التي تعد أغلبها حليفة الولايات المتحدة. إن عدم تدخل الولايات المتحدة في عملية إعادة الاستقرار في سوريا وعودة اللاجئين - على الرغم من كونها مستنقعا محفوفا بالمخاطر ومكلفا – سيزيد من سوء الأوضاع، وقد يؤدي ربما إلى مخاطر أسوأ في الشرق الأوسط وخارجه في المستقبل.

في الوقت نفسه، بالنظر إلى الاحتمال الواقعي بطول أمد لجوء السوريين، فمن المنطقي التأكيد على جعل حياة اللاجئين السوريين في الشرق الأوسط أكثر استقرارا في البلدان المستضيفة لهم، مع إيلاء الاهتمام الأكبر للوظائف والتعليم والوضع القانوني.