الخميس 2019/03/07

للمرة الأولى.. دعوى قضائية ضد الأسد في محكمة لاهاي

بقلم: جوزي إنسور

المصدر: تلغراف

ترجمة: المركز الجسر للدراسات


رفع محامو حقوق الإنسان اليوم، أول دعوى قضائية من نوعها ضد بشار الأسد ونظامه في محكمة لاهاي، الأمر الذي يعد تقدما ملحوظا في محاولة لمحاسبة النظام.

الدعوى القضائية، التي قُدمت للمدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية اليوم الخميس، قدمت بالنيابة عن 28 لاجئا سوريا في الأردن نزحوا قسرا.

أدلى 28 شخصا بشهادتهم على أنهم تعرضوا للقصف وإطلاق النار والاحتجاز والتعذيب، وكانوا شهودا على عمليات قتل جماعية منذ بداية الحرب في عام 2011، ما اضطرهم إلى الفرار.

لم تكن سوريا من الدول التي وقعت على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، ما يعني أنه لم يكن ممكنا في السابق فتح دعوى ضد نظام الأسد.

تستطيع المحكمة الجنائية الدولية التحقيق في الجرائم الدولية في أي بلد في حال طلب منها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة القيام بذلك، كما حدث مع السودان وليبيا. ومع ذلك، فقد حالت روسيا والصين، وهما حليفتان لنظام الأسد، دون تنفيذ طلب الولايات المتحدة بإحضار سوريا إلى المحكمة عام 2014.

تم تقديم عدد لا بأس به من الدعاوى القضائية ضد نظام الأسد في كل من ألمانيا والسويد باستخدام الولاية القضائية العالمية، حيث يمكن مقاضاة مرتكبي الجرائم الدولية في هذه الدول بغض النظر عن جنسيتهم، لكنها كانت محاكمات رمزية إلى حد كبير.

يحاول المحامون البريطانيون الآن استخدام سابقة قانونية جديدة حددها قرار المحكمة الجنائية الدولية الذي صدر في أيلول/ سبتمبر الماضي بشأن لاجئي الروهينغا في بنغلاديش. وجدت المحكمة أنه في الوقت الذي لا يمكن فيه اعتبار بورما (أو ميانمار) من الدول الموقعة على ميثاق روما، فقد وقّعت بنغلادش، ولأن جزءا من جريمة الترحيل حدثت في الأراضي البنغالية، فإن رئيس النيابة يتمتع بالولاية القضائية.

ويحاول المحامون استخدام نفس المبدأ في قضية اللاجئين السوريين في الأردن، الذين يقولون إنهم يمثّلون الآلاف من ضحايا جرائم ضد الإنسانية.

قال المحامي الدولي لحقوق الإنسان، رودني ديكسون، الذي يعمل مع فريق من شركة "ستوك وايت" التي تتخذ من لندن مقرا لها، لصحيفة تلغراف البريطانية: "إن كل الجرائم التي ارتكبتها نظام الأسد على مر السنين- من قصف وهجمات كيماوية، لم يكن من الممكن النظر فيها لأنها حدثت داخل سوريا وسوريا ليست عضوا في المحكمة الجنائية الدولية"، مضيفا: "لقد كانت هناك حالة من الجمود لسنوات، ولكن قضية الروهينغا الأخيرة أحدثت انفراجا، وفتحت الطريق أمامنا إذا أردتَ القول". وأكد بالقول: "نحن نطلب من المدعي العام التحقيق في عمليات الترحيل الجماعي، حتى يتمكنوا من إصدار أوامر اعتقال بحق المسؤولين المتورطين من أول الهرم القيادي وصولا إلى الأسد، القائد الأعلى للقوات المسلحة. "إذا استطعنا إثبات التهم الموجَّهة لهم، فقد يتعرّضون للاعتقال في حال وجودهم على أراضي الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية".

وقال ديكسون "نأمل فقط أن تكون هذه الدعوى بمثابة رادع، ولا سيما مع وجود إدلب على المحك"، مشيرا إلى المحافظة الأخيرة ذات الكثافة السكانية العالية والمكتظة بالسكان في سوريا، والتي تتعرض حاليا للهجوم من قبل النظام.

منذ عام 2011، قُتل أكثر من 600 ألف شخص، وأصبح نصف سكان البلد البالغ عددهم 21 مليون نسمة إما نازحين داخلياً أو لاجئين. واجه نظام الأسد، الذي ينحدر من الأقلية العلوية، اتهامات بإعادة التوطين على أسس طائفية. حيث أجبر السنّة الذي يعيشون في المناطق الاستراتيجية، ممن أيدوا الانتفاضة ضد النظام، على النزوح.

يروي أحد الشهود الـ 28 المدرجة أسماؤهم في الدعوى القضائية كيف أُجبروا على الفرار إلى الأردن، الذي يستضيف أكثر من 1.5 مليون لاجئ سوري.

تروي إحدى النساء، التي طلبت عدم ذكر اسمها خوفا على حياتها، كيف أن قوات النظام استهدفت أسرتها بعد أن قرر شقيقها الانشقاق عن هذه القوات. كما أدلت بشهادتها بشأن الغارات المتكررة على منزل أسرتها في منتصف الليل، وتعريض حياتهم للخطر عندما لم تعثر قوات النظام على أخيها. فرّت الأسرة من سوريا إلى الأردن في أواخر عام 2011.

وقالت أخرى، من مدينة حمص، إنها أصبحت مستهدَفة بسبب عملها في معالجة المصابين من المحتجين في الأيام الأولى للصراع. مضيفة أن النظام حاول تجنيد ابنها الأكبر، لكنه رفض "ليتم اعتقاله وتتم إعادته بعد بضعة أيام، والكدمات تملأ كل أنحاء جسمه، كما إنه لم يتعرف عليّ... أدركنا حينها أننا يجب أن نهرب".

تقول المرأة نفسها التي تعيش الآن في مخيم الزعتري "غادرت مع أولادي الأربعة الآخرين وشقننا طريقنا نحو الأردن، لقد كانت رحلة صعبة للغاية، ولم أسمع خبرا عن ابني طيلة هذه السنوات، كما لا أعرف إن كان حيا أو ميتا".